ملفات وتقارير

المسجد الإبراهيمي بالخليل.. أذان يمنع وحواجز تخنق المصلين!

المسجد الإبراهيمي - جيتي (أرشيفية)
المسجد الإبراهيمي - جيتي (أرشيفية)

طريق باردة معتمة محاطة بالأسلاك الشائكة والبوابات الإلكترونية والأسلحة المتنوعة التي تغطي أجسام جنود لا يعلمون أن هذا المكان كان في يوم ما من أجمل المناطق في فلسطين يجذب إليه الزوار والمصلين؛ فحجارته القديمة وأشجاره اليانعة والمنازل التي اصطفت بعناية وكأنها تدل عليه؛ كلها استُبدلت الآن بمظاهر عسكرية "إسرائيلية".


خطوات قليلة فقط تفصل منزل الحاج الفلسطيني مفيد الشرباتي عن المسجد الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة، لم يكن يتوقع يوماً أن يصبح هذا المسجد صعب الوصول بالنسبة إليه وهو من تربى في ساحاته وكبُر معتادا الصلاة فيه يوميا.

ويقول الحاج الشرباتي لـ"عربي21" إن "المسجد الإبراهيمي الواقع في قلب المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل كان قبلة الفلسطينيين جميعهم؛ بحيث يتوجهون من جميع المدن إلى الخليل فقط لزيارته والتنعّم بتاريخه العريق، حيث يحتوي على قبور تعود لعائلة سيدنا إبراهيم عليه السلام والذي يُنسب المسجد لاسمه بعد وصوله للمدينة قبل آلاف السنين التي سميت باسمه كذلك".


ويعتبر الشرباتي بأن مدينة الخليل "اكتسبت مكانتها الدينية بين المدن بسبب وجود المسجد الإبراهيمي فيها، ولكنه منذ العام 1994 تعرضت لحرب صامتة على يد الاحتلال أدت إلى انتهاك حرمته على مدار السنوات وتقييد الواصلين إليه بطرق عدة".

 

ويضيف: "منزلي يبعد أربع دقائق عن المسجد فقط؛ ولكن منذ أن وُضعت الحواجز حوله أصبحت أصل إليه بعد نصف ساعة لأنني أضطر لسلوك طرق أخرى بدلا من المغلقة، حيث أننا قبل العام 1994 كنا نعيش في مدينة عربية فلسطينية لها مكانتها ووزنها والآن الاحتلال قام بكل الوسائل محاولا سلبها ذلك".

 

"معاقبة الضحية"

 

بعد تنفيذ المستوطن المتطرف "باروخ غولدشتاين" مجزرته في المسجد الإبراهيمي فجر الخامس والعشرين من شباط/فبراير العام 1994 والتي أدت لاستشهاد 29 مصليا؛ انقلب الواقع فيه؛ حيث استغل الاحتلال المجزرة وعيّن لجنة للتحقيق سميت بـ"لجنة العار" من قبل الفلسطينيين والتي قررت إغلاق المسجد لستة أشهر ثم تقسيمه بين المستوطنين والفلسطينيين بإعطاء اليهود أكثر من 60% من مساحته.


ويوضح مدير المسجد الشيخ حفظي أبو سنينة لـ"عربي21" رزمة الانتهاكات التي تعرض لها هذا المكان المقدس منذ ذلك العام؛ حيث بات الآن ممنوعا على الفلسطينيين أن يرفعوا أذان المغرب فيه بحجة أن وقته يتزامن مع أداء طقوس يومية للمستوطنين في الشطر الذي أعطي لهم، كما يتم منع رفع الأذان عشرات المرات شهريا.


ويشير أبو سنينة إلى أن غرفة الأذان موجودة في الشطر الذي استولى عليه المستوطنون وعمرها مئات السنين ولا يمكن بأي حال من الأحوال تغيير مكانها حتى لا يُفهم الأمر من قبلهم أنه تنازل عن جزء مهم من المسجد، ولكن الاحتلال يقوم بمنع رفع الأذان منها بمعدل 60 مرة شهريا وقد تزيد على ذلك في الأشهر التي تحتوي على أعياد يهودية، حيث تم منع رفع الأذان العام 631 مرة.

ويضيف: "ليس منع الأذان ما يؤرق الفلسطينيين فقط؛ بل إن هناك عشرة أيام كاملة يمنعون فيها من دخول المسجد بشكل كامل بحيث يبقى فريسة المستوطنين بحجة الأعياد".


ويشير إلى أنه "علاوة على ذلك فإن كل المداخل الموصلة للمسجد مغلقة من قبل الاحتلال بحيث لا يسمح لوافد أو زائر إلا الدخول منها بعد الوقوف والتفتيش على أكثر من خمسة حواجز على مداخله مع إمكانية منع الكثيرين من الدخول بحجج أمنية".

 

20 حاجزا


ويتابع: "أكبر اعتداء على المسجد هو اقتحام المستوطنين له واستباحته؛ ومنذ العام 1994 وتنفيذ المجزرة الرهيبة بدأ الانتهاك اليومي والمتنوع للمسجد مثل منع الأذان واعتداءات المستوطنين على باحاته وموظفيه وأشجاره ومرافقه وعدم السماح للمصلين بالوصول بأريحية بسبب الحواجز واستمرار الاستفزازات اليومية المتكررة والتي نحاول محاربتها بشد الرحال إليه وتشجيع المصلين على الصلاة فيه".


أكثر من 20 حاجزا عسكريا نصبها الاحتلال في البلدة القديمة من الخليل خمسة منها دائمة على مداخل المسجد لإعاقة وصول الفلسطينيين، بينما يعيش أهالي المدينة هذا الحال المُحزن آملين عودة الحياة هناك إلى ما قبل تنفيذ المجزرة.


وعلى ذلك يعلق الحاج الشرباتي بالقول: "نحن الذين كنا الضحية في المذبحة ونحن من استشهد وأصيب منا العشرات ولكننا فوق ذلك نُعاقب بإغلاق مسجدنا والسماح للمستوطنين باستباحته حيث أصيح مسجدا وكنيسا في الوقت ذاته، وفي هذه الأيام يتم انتهاكه باقتحام آلاف المستوطنين له بحجة حلول عيد الفصح لديهم بينما نذرف دموعنا على وقع رقصاتهم وصلواتهم فيه".


لم يكتف الاحتلال بتنفيذ المجزرة وتقسيم المسجد؛ بل عمل جاهدا على فرض اتفاقية تقسيم الخليل في العام 1997 والتي وقعها مع منظمة التحرير الفلسطينية وقسمت المدينة إلى قسمين يسيطر بموجبها على 20% من مساحتها والتي تحتوي على أقدم المعالم والمنازل والشوارع ومن ضمنها المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة التي يستولي المستوطنون على عدد من منازلها بعد طرد أصحابها الفلسطينيين منها.





التعليقات (1)
تامر
الأربعاء، 24-04-2019 08:53 م
حفنة الصهاينة اللي مركعة طغاة العالم وقواد العرب مهما تفعل هي الى زوال وكل فتنة الحكام العرب الديكتاتوريين الى زوال .لأن الشعوب هي من تدوم وهي من تتعلم ون التاريخ وهي من تصنع الحاضر والمستقبل ..مش أي جربوع مستبد مستخبي ورا بلطجية وعامل فيها قائد وزعيم ومعرفش ايه ...