قضايا وآراء

لماذا ارتفعت احتمالات المصالحة الفلسطينية؟

عبد الناصر عيسى
1300x600
1300x600

يبدو ومع كل الحذر المطلوب أن احتمالات تحقيق نوع من المصالحة الوطنية بين فتح و حماس قد ارتفعت، و لكنها قد لا تصل بعد لدرجتها الكافية والمطلوبة وطنيا، وعليه فقد تشهد الفترة القريبة القادمة محاولات لإحياء عملية المصالحة "أو دفع" عجلة المصالحة للأمام"، و قد يكون الحافز لذلك هو التغيرات و التطورات الأخيرة و أهمها التوجه للتهدئة بين فصائل المقاومة و دولة الاحتلال، بعد تجاوز عقبة أبو مازن و احتمالات تجاوز عقبة الجنود الأسرى في غزة، و كذلك فوز نتنياهو في حكومة خامسة و تزايد احتمالات عرض ما يسمى خطة القرن أو خطة ترامب .


في مرحلة ما بعد التوجه لتثبيت التهدئة يبدو أن المقاومة الفلسطينية و على رأسها حماس قد لعبت دورا سياسيا كاملا غير مقصود من جانبها في خدمة القيادة الفلسطينية الرسمية من خلال كونها "الآخر" أو "الخصم أو العدو المتخيل"، و الذي يعزز استعداؤه أواصر التحالف مع كل أو معظم أقوياء الإقليم إضافة لأمريكا و إسرائيل، فالمقاومة هي إرهاب يجب التكاتف و التضامن و التعاون من أجل قمعه.


أما بعد التوجه نحو التهدئة و تثبيتها فيبدو أن المعادلة قد بدأت تتغير، و بدأت القيادة الفلسطينية تدرك ذلك، لذلك قد تتوجه هي ضد للتهدئة مع هذا " الخصم أو "العدو الموهوم" و ذلك بصيغة أو على شكل المصالحة. فقواعد اللعبة يحددها دوما الكبار أو المقاتلون أولا، ثم يتبعها اللاعبون الصغار الذين هم في الغالب في خدمة الاستراتيجيات الكبرى .


كما أن مراهنة السلطة على حصول تغيير سياسي في إسرائيل لصالح ما يسمى بعملية التسوية من خلال فوز حزب الجنرالات ازرق ابيض برئاسة غانتس و لبيد قد فشلت، وعاد نتنياهو أقوى مما كان عليه سابقا، مؤكداً استمرار سياسته السابقة اتجاه التهدئة مع غزة، ليس لسواد عيونها، إنما لحاجة في نفس و عقل اليمين المتطرف، فمن جهة هو يريد تعزيز الانقسام، و من جهة أخرى لا يستطيع تحمل أعباء تكاليف الحرب مع المقاومة في غزة، إضافة لاستمرار سياسة نتنياهو المزدوجة اتجاه السلطة و هي تعزيز التنسيق الأمني على الأرض ضد حماس و المقاومة في الضفة من جهة، و استمرار التعارك مع السلطة سياسيا و إعلاميا، وهذا أيضا يعزز الانقسام و خطة القرن معاً 


ما هي خيارات القيادة الفلسطينية إذن؟ هل ستستمر في الإصرار على سياساتها الحالية؟ أم ستغير و تحاول التعاطي مع الأمر الواقع؟ من المرجح أن تستمر سياسة التنسيق الأمني فهي مقدسة وفق تصريحات الرئيس، كما أنها تشكل صمام الأمان لبقاء السلطة بشكلها الحالي و المفيد لكل القوى الفاعلة في المنطقة، أما العراك السياسي والإعلامي مع حكومة الاحتلال فقد بدا أن هناك محاولة فلسطينية للتخفيف منه او حتى تجاوزه، و ذلك من خلال تصريحات الرئيس الأخيرة التي أعلن فيها استعداده للقاء نتنياهو دون شروط .


من المرجح أن لا يستجيب نتنياهو لنداء السيد الرئيس (حفاظا على تماسك حكومته واستمرار شعبيتها) كما أن "المصلحة الوطنية الصهيونية" كما يراها اليمين تقضي بذلك .


ماذا تبقى للقيادة الفلسطينية إذن؟ 


قد تكون المصالحة الوطنية الفلسطينية هي المخرج الأخير للقيادة الفلسطينية الرسمية لضمان مصالحها وما تبقى من مصالح الوطن، وحتى إن كان أخاك مكرهاً لا بطلاً فلا غنى لك عنه، وقد يؤجر المرء رغم انفه وقد تتحقق المصالحة او بعض منها، فالمصالحة الاضطرارية خير من عدم المصالحة، ورائحة المصالحة خير من عدمها أيضا، هكذا يقول لسان حال كل أحرار ووطنيي الشعب الفلسطيني والعالم على الرغم من كل أنواع الخطاب المأزوم والممزِّق .


0
التعليقات (0)