ملفات وتقارير

ملفات معقدة تضع برلمان اليمن أمام اختبار صعب.. ماهي؟

مثلت عودة مجلس النواب اليمني للانعقاد خطوة مهمة للحكومة المعترف بها، وبارقة أمل لدى اليمنيين
مثلت عودة مجلس النواب اليمني للانعقاد خطوة مهمة للحكومة المعترف بها، وبارقة أمل لدى اليمنيين

مثلت عودة مجلس النواب اليمني (الغرفة الأولى للبرلمان) للانعقاد خطوة مهمة للحكومة المعترف بها، وبارقة أمل لدى اليمنيين حول ما يمكن أن تحدثه من تغييرات في واقعهم، مع دخول الحرب عامها الخامس.   

وبعد4 أيام من انعقاده في مدينة سيئون شرق اليمن، أنهى المجلس دورته غير الاعتيادية، الثلاثاء، مع تأكيد عقد جلساته بشكل دائم.

لكن هناك ملفات معقدة تنتظر البرلمان وتضعه أمام اختبار حقيقي، حيث يبرز الملف الأول إلى الواجهة، وهو علاقة الحكومة الشرعية مع التحالف في ظل مطالبات على أعلى المستويات بإعادة تصحيح هذه العلاقة، خصوصا مع الإمارات.

فيما تثار أسئلة عدة حول كيف سيتعامل نواب الشعب مع "اجتزاء السيادة الوطنية والتغول السعودي الإماراتي في الجزر والسواحل اليمنية".

أما الملف الثالث والمثير للجدل، فيكمن في التشكيلات المسلحة الموازية والخارجة عن القانون في عدد من المحافظات المحررة، والمدعومة من الإمارات، التي تؤكد التقارير الدولية أنها تنازع الحكومة الشرعية صلاحياتها. فضلا عن السجون السرية التي تديرها قوات إماراتية وحلفاؤها المحليون في مدينة عدن (جنوبا) وحضرموت (شرقا).

فيما تحضر المعركة مع الحوثيين كواحدة من المسائل الشائكة بالنظر إلى ما تواجهها من ضغوط دولية وتراخ واضح من التحالف العسكري الذي تقوده الرياض، في ظل تعطيل جبهات رئيسية ضد الجماعة، كجبهة نهم شرق صنعاء، وهو ما يجعل البرلمان أمام مرحلة تاريخية فارقة، تحتم عليه القيام بدوره في تسوية هذه الملفات، وفقا لمراقبين.  

"خيارات سيئة"

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن مجلس النواب انعقد تحت مظلة سعودية واضحة.

وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن انعقاده "شكل في أحد ملامحه مصالحة بين المكونات المنقسمة لمعسكر الشرعية، ما يُبقي المجلس أقل قدرة على مقاربة ملفات شائكة ممكن أن تُعرض وجوده نفسه واستمرار انعقاده إلى خطر التشظي وفقدان النصاب القانوني".

وبحسب التميمي، فإن التئام المجلس في سيئون وليس في عدن يشير إلى "استمرار الخيارات السيئة ذاتها لدى التحالف بقطبيه السعودية والإماراتي، لأنه لا يمكن فهم هذا العجز عن تفعيل العاصمة المؤقتة وتمكين المجلس من الانعقاد فيها". مشير إلى أنه "لا يمكن تصديق أن السعودية والإمارات عاجزتان عن التوافق حول هذه الجزئية".

وأكد الكاتب اليمني أنه من الواضح أن "المجلس أضيف كسلاح سياسي بيد الشرعية والتحالف معا؛ لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة".

"وعلى الرغم من أنه مصوب بدرجة أساسية على الحوثيين إلا أنه لا ضمانات من عدم استخدامه لتصفية الحسابات مع الشرعية ورئيسها لتمرير تسوية تحقق أهداف التحالف قبل أي طرف آخر"، وفقا للتميمي.

لكنه استدرك قائلا: "لا يوجد ما يمنع المجلس من إبداء موقف قوي حيال الانتهاكات الصارخة للسيادة اليمنية، والمحاولات الصريحة لاقتسام الأرض من جانب كل من الإمارات والسعودية في سقطرى والمهرة على وجه الخصوص".

وأوضح السياسي اليمني أن ذلك يستدعي قوة في التعبير المشترك عن المصلحة الوطنية من جانب النواب على اختلاف انتماءاتهم السياسية والجهوية. متوقعا حصول ذلك إذا استمر التحالف في سياسة المراوحة الكارثية التي نراها اليوم.

"ورقة في لعبة التوازنات"

من جانبه، قال الكاتب والباحث السياسي اليمني، أنور الخضري، إن مجلس النواب يعدّ هيئة تشريعية وسلطة سيادية، وهو بموجب المبادرة الخليجية يمثل جزءا من إدارة المرحلة الانتقالية.

وتابع : "دور المجلس في حال قام أعضاؤه بمهمتهم الوطنية والتاريخية ستشكل فارقا في الوضع الراهن، وسيعزز لو وجد تناغم بين الرئاسة والمجلس والحكومة من قدرة الشرعية في استعادة الدولة ودحر الانقلاب، أو تدعيم موقفها في المفاوضات بما ينهي عدوانه".

ووفق الخضري، فإن الأمر متوقف على مدى تحمل الجميع للمسؤولية وقيامهم بالواجب. مؤكدا أنه "رغم ما يقال من أن كثيرا منهم أحضرته الأموال، إلا أن الشعب اليمني يتطلع إلى شرفهم ونخوتهم وإبائهم إن بقي منها شيء ليناصروا قضاياه المستباحة من الداخل والخارج".

وذكر الباحث السياسي اليمني أن "تغول السعودية والإمارات في احتلال مناطق يمنية بشكل مباشر وعبر مليشيات خارجة عن القانون ستظل الشرعية بسلطاتها عاجزة عن إزاء هذا الملف؛ لأنها لا تزال أسيرة التحالف".

لكنه قال إنه ما لم يتفق الرئيس ونائبه ونواب الشعب والحكومة وقادة الأحزاب على إعلان موقف واضح وصريح وموحد، فإن البرلمان لن يتحمل ما عجز عنه هادي وهو الذي استدعى التحالف لإنقاذ شرعيته ودولته.

وأوضح الكاتب الخضري لـ"عربي21" أنه إذا "لم يقف مجلس النواب أمام القضايا الوطنية الكبرى فهو لن يتجاوز كونه ورقة في لعبة الموازنات والمفاوضات العبثية". مشيرا إلى أنه "إذا كانت الشرعية قد عجزت عن عقد اجتماع مجلس سيادي في عدن وهي العاصمة المؤقتة، فهو عن ما دون ذلك أعجز".

ويؤكد المتحدث ذاته أن السعودية يمكنها أن تحقق نصرا تاريخيا في اليمن يجعل منها قوة إقليمية، ويضع اليمن حليفا لها، لكنها للأسف تورطت في الشأن اليمني الداخلي ومعاداة أطراف فيه وتفتيت بنية الطرف المقابل للانقلاب، وأضاعت الكثير من الفرص برغم الخسائر التي تقدمها.

وأبدى الخضري نوعا من التشاؤم من حدوث أي متغيرات، كون انعقاد المجلس بهذا الضعف خارج مدينة عدن لا يعطي مؤشرا على تحول جذري.

"أمام اختبار صعب"

وفي شأن متصل، رأى الكاتب والصحفي اليمني، كمال السلامي، أن انعقاد البرلمان في سيئون لأول مرة منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية يشكل "ورقة ضغط قوية بيد الشرعية، وهي أيضا تمثل صفعة للجماعة".

وقال في حديث لـ"عربي21" أن البرلمان هو الركيزة الأساسية بعد رئيس الجمهورية في الدولة، منذ توقيع المبادرة الخليجية في 2012. مضيفا أن استعادة المؤسسة التشريعية سيساهم بشكل كبير في حلحلة الكثير من القضايا، وفي المقدمة ملف استعادة وتحرير الأراضي اليمني، وإسقاط الانقلاب.

وحسب السلامي، فإن هناك الكثير من الملفات التي تتضمن التباسا كبيرا، وتسببت في تأخير حسم المعركة، "حتى صار لدى الكثير اعتقاد أن الحكومة عاجزة، وباتت الأسئلة كثيرة حول دور علاقة التحالف بالحكومة في تأخير الحسم".

وأَضاف أن ما ينتظر من مجلس النواب أن يساهم في الإجابة عن تلك الأسئلة، من خلال مساءلة الحكومة وتقييم علاقاتها الخارجية، وبالتالي ننتظر أن يضغط البرلمان لتحقيق نوع من التوازن في العلاقة بين الشرعية والتحالف العربي.

وحسب الكاتب اليمني السلامي، فإن البرلمان يمتلك كل الأدوات والأوراق للضغط من أجل تحقيق ذلك التوازن، فهو صوت الشعب. مشيرا إلى أن ما سمعنا كلاما إيجابيا في جلسة الافتتاح يصب في اتجاه ضرورة أن تقف الحكومة موقفا قويا، وأن تمارس دورها من المناطق المحررة، وتركيزه أيضا على واحدية الأرض والسيادة.

وذكر أن البرلمان منذ اليوم الأول لانعقاده في سيئون، ركز على الإشادة بدور التحالف العربي، وتدخله لدعم الشرعية واستعادة الدولة، والمجلس بالتأكيد أمام اختبار صعب، خصوصا فيما يتعلق بمسألة الوضع في المحافظات الجنوبية.

واستبعد أن يدخل البرلمان في صدام مباشر مع التحالف العربي، ولن يخوض في جلساته القادمة بعد "عيد الفطر" في ملفات قد تؤثر سلبا على معركة استعادة الشرعية.

وأكد الصحفي السلامي أن ملف التشكيلات الخارجة على سلطة الدولة، "مسألة لا تحتاج إلى تأجيل، وعلى البرلمان أن يقف أمامها بذكاء، وحزم أيضا بأنها السبب الرئيس في فشل الحكومة، وتعثر الكثير من الملفات، خصوصا الخدمية والأمنية".

ووفقا للمتحدث ذاته، فإن هذه المشكلة تشكل تحديا كبيرا للبرلمان أيضا، لكنها حتمية، ولا يمكن تأجيلها أكثر، إذ إنه من الصعب الحكم على نجاح الحرب ضد الانقلاب، بينما يجري تنفيذ انقلاب آخر في المناطق المحررة تقوده مليشيات ومجموعات مسلحة خارجة عن الشرعية.

وطالب السلامي البرلمان باستجواب الحكومة ووزارة الدفاع والرئاسة عن سبب تأخر الحسم، وعن سبب تجميد الجبهات، وعن سبب الاختلالات في الجيش، وأن يمارس دوره التشريعي والرقابي في هذه القضية، لأن هذا هو المطلوب.

 

اقرأ أيضا: الرئيس اليمني: انعقاد مجلس النواب يؤكد تآكل مشروع الحوثيين

التعليقات (0)