فنون منوعة

لماذا وصف مؤرخون ونقاد فيلم "إخوان النازي" بالفضيحة التاريخية

يدعي الفيلم أن حسن البنا درب جيشا في مصر قوامه من 150 إلى 200 ألف مقاتل شاركوا في الحرب هتلر ولم ينج منهم إلا عدة عشرات
يدعي الفيلم أن حسن البنا درب جيشا في مصر قوامه من 150 إلى 200 ألف مقاتل شاركوا في الحرب هتلر ولم ينج منهم إلا عدة عشرات
أكد مؤرخون ونقاد فنيون، أن فيلم "إخوان النازي" الذي تم الاحتفاء به ضمن فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، يحمل الكثير من الأخطاء التاريخية، ويعتمد على وثائق مجهولة لا يعرفها إلا صناع الفيلم.

وحسب المختصين الذين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن المشكلة ليست في أن الفيلم يأتي ضمن خطة تشويه الإخوان المسلمين وشيطنتهم، بخلق علاقة بين مؤسس الجماعة حسن البنا والزعيم النازي هتلر، ولكن المشكلة في تشويه التاريخ المصري، واستخدامه لخدمة أهداف سياسية وفكرية معينة.

وقد شهدت الندوة التي خصصها المهرجان مطلع الأسبوع الجاري، لمناقشة صناع الفيلم والمشاركين في مادته التسجيلية، انتقادات واضحة للفيلم، واتهمته بمخالفة الحقائق التاريخية والمعلومات التي ذكرتها السير الذاتية لشخصيات وطنية شاركت في أحداث هذه الفترة.

ويتحدث الفيلم الذي أخرجته مخرجة مغمورة وكتبه مؤلف غير معروف، على أن الشيخ البنا كان جاسوسا لهتلر بمصر، وأن المخابرات البريطانية كشفت هذه العلاقة بعد رحيل هتلر، كما ادعى الفيلم أن البنا درب جيشا في مصر قوامه من 150 إلى 200 ألف مقاتل، شاركوا في الحرب العالمية الثانية ضمن الجيوش الألمانية، ولم ينج منهم إلا عدة عشرات فقط.

وحسب زعم الفيلم، فإن البنا هو الذي قام بإبلاغ الاحتلال البريطاني عن طائرة الفريق عزيز المصري رئيس أركان حرب الجيش المصري السابق، الذي كان في طريقه لمقابلة أحد مساعدي هتلر للتخلص من الاحتلال البريطاني، وأن البنا ضحى بأحد أهم قيادات الإخوان وأحد مؤسسي تنظيم الضباط الأحرار وهو اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف، وكذلك الضابط في الجيش وقتها أنور السادات، من أجل التخلص من الفريق المصري.

"كوارث تاريخية"

من جانبه يؤكد الباحث في التاريخ الحديث طارق الصولي لـ"عربي21" أن الفيلم "فيه الكثير من المخالفات والأخطاء والكوارث التاريخية، كما أنه لم يعتمد على أي مصدر من المصادر التي تحدثت عن تلك الفترة، سواء مذكرات الرئيس الأسبق أنور السادات التي شارك في عملية تهريب الفريق المصري الفاشلة، أو مذكرات اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف، أو مذكرات عزيز المصري نفسه".

ويوضح الصولي أن المكتبة المصرية فيها واحدة من أهم المذكرات التي تحدثت عن تلك الفترة بالتفصيل من خلال السرد اليومي للأحداث وهي مذكرات أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكي في عهد الملك فاروق منذ بداية حكمه، وهي مذكرات مهمة لكل الذين تناولوا تلك الفترة، ومع ذلك لم يأت أي ذكر لوجود علاقات بين الشيخ البنا والزعيم الألماني هتلر".

ويضيف الصولي: "الرئيس السادات اعتبر مشاركته في محاولة تهريب الفريق عزيز المصري أحد أهم بطولاته ضد الاحتلال الإنجليزي، وعندما تحدث عن فشل العملية، أكد أنها نتيجة القبض على الجاسوس الألماني الذي أعطاه الإشارات اللاسلكية التي كان سيتواصل بها مع الألمان، ولم يذكر على الإطلاق قصة إبلاغ البنا للسلطات البريطانية عن العملية للتخلص من الفريق المصري لشعوره بالغيرة منه".

ويستكمل الباحث في التاريخ المصري قائلا: "الفيلم ذكر الشيء ونقيضه، ففي أحد الفقرات يؤكد أن البنا كان جاسوسا للألمان، وقام بتدريب 200 ألف مقاتل في مصر شاركوا ضمن صفوف الجيش الألماني في الجبهات المختلفة، وفي فقرة أخرى يتحدث عن عمالة البنا للإنجليز بالإبلاغ عن عملية هروب الفريق عزيز المصري، وهي أمور لم تذكرها أي وثائق بريطانية أو ألمانية أو مصرية".

"تلوين الحقائق"

على جانب آخر، يؤكد الناقد الفني سامح المهدي لـ "عربي21" أنه على الرغم من اعتماد الفيلم على مجموعة من اللقاءات لشخصيات انشقت عن الإخوان، بالإضافة لوكيل جهاز أمن الدولة الأسبق فؤاد علام، "إلا أن أحدا منهم لم يؤكد ما جاء في سيناريو الفيلم بأن الإخوان كانوا جواسيس لصالح الألمان في هذه المرحلة التاريخية، وأن المادة المكتوبة هي التي تحدثت عن ذلك فقط".

ويضيف المهدي: "هذه النوعية من الأفلام لا يعنيها الحقائق التاريخية، وإنما تقوم بتلوين الأحداث، ولي ذراع المعلومات من أجل إثبات وجهة نظر معينة، تخدم هدفا محددا، ولا تهتم بالربط التاريخي المنطقي للأحداث، أو التأكد من صحة المعلومات والوثائق، رغم أن ذلك هو الهدف الأساسي من الفيلم الوثائقي".

وحسب الناقد الفني، فإن الشعب المصري كان يهتف في الشوارع قائلا: "إلى الأمام يا روميل عندما دخل القائد الألماني العلمين، وكان الشباب المصري يقوم بالإغارة على معسكرات الإنجليز، لزعزعة استقرارهم خلال الحرب العالمية الثانية، فهل يمكن وصف الشعب وقتها بأنه كان عميلا لهتلر".

ويتساءل المهدي: "جماعة مثل الإخوان كانت تحت رقابة البوليس السياسي والاحتلال البريطاني، فهل يمكن لها أن تقوم بتدريب 200 ألف مقاتل داخل مصر، التي كانت أهم قاعدة للإنجليز وقتها، ولا يعرف أحد عنهم شيئا، أو أن هذا الجيش لم يقم بأي عملية ضد القوات البريطانية الذاهبة والآتية من ساحات المعارك وتمر بمصر؟".

2
التعليقات (2)
مصري
الإثنين، 15-04-2019 11:57 ص
عندما يتم تخريب السياسة التعليمية و تجهيل الشباب فمن السهل جدا اللعب بالعقول و رفض ما هو بديهي و أستنباط أمور قائمة علي الكذب و النفاق و الخزعبلات و الدجل و الشعوذة و هذه هي سمات السطو العسكري المسلح علي الشعب و إرادته .
ابوعمر
الإثنين، 15-04-2019 09:50 ص
بل عساكر النازي..العساكر المصريين الفاشية العروبية...