مقالات مختارة

قرار السيادة على الجولان.. لحسابات ترامب أيضا!

هاني حبيب
1300x600
1300x600

خلافا لقرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي كان تعهدا من قبل ترامب في أثناء حملته الانتخابية للرئاسة الأمريكية، فإن قراره حول سيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة، لم يكن كذلك، بل هدية مجانية قدمها لرئيس الحكومة الإسرائيلية في ظل الحملة الانتخابية المستعرة حامية الوطيس، مع منافسة قوية وخشية معقولة، من أن يفقد الليكود ونتنياهو الاستمرار في قيادة الدولة العبرية. قرار على شكل عملية إنقاذ كما قالت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية.


لكنها بتقديرنا، ليست مجرد هدية خالصة لحساب نتنياهو، فهي أيضا، تمثل الطريقة التي يحاول فيها الرئيس الأمريكي إدارة الاشتباك مع الكونغرس، خاصة بعدما فقد الحزب الجمهوري أغلبيته في مجلس النواب لصالح الحزب الديمقراطي قبل شهرين، وعدم قدرة ترامب على السيطرة على أعضاء حزبه في مجلس الشيوخ الذي لديه الأغلبية فيه، إذ إن ملفات الاشتباك، بين الكونغرس، والبيت الأبيض، حول مجموعة من القضايا الداخلية والخارجية، تعكس حالة «شاذّة» في العلاقة بين الرئيس الأمريكي والكونغرس، التي اتسمت في معظم الأحيان، بقدرة الرئيس على السيطرة على حزبه، في الحالة التي نشهدها الآن، فإن ترامب فقد السيطرة التامة على مجلس النواب، في وقت يحاول أن يعالج «التمرد» في حزبه الجمهوري الذي يسيطر على الأغلبية في مجلس الشيوخ.


إن الإدارة الوحيدة القادرة على منح ترامب، فرصة أفضل للإخلال بميزان القوى، بين الكونغرس وبينه لصالحه، هي اللوبي الصهيوني اليهودي «ايباك»، وبينما كان من المفترض أن يعلن ترامب في خطابه حول حال الاتحاد قبل شهرين عن قرار سيادة إسرائيل على هضبة الجولان، إلاّ أنه تجاهل ذلك، انتظارا للوقت المناسب، وهو الذي يتوازى مع انعقاد مؤتمر «الأيباك» الذي يقاطعه عدد مهم من الحزب الديمقراطي، لذلك، فإن تأجيل الإعلان عن هذا القرار إلى حين مؤتمر «الأيباك»، وقبل أيام قليلة من الانتخابات الإسرائيلية، يعد «ضربة معلم» من قبل ترامب، لاستمالة وشحذ همم رجالات «الأيباك»، للضغط على كبار النواب والشيوخ للتخفيف من حدة التمرد على البيت الأبيض مقابل هذه الهدية المجانية، ليس لنتنياهو فقط، ولكن لإسرائيل كدولة أيضا.


في حين أنها تأتي لحساب ترامب الذي يبدو وكأنه متبرع سخي، في الوقت الذي يأخذ بالاعتبار مصالحه في ظل استمرار التصعيد والتمرد من قبل الكونغرس إزاء سياساته الداخلية والخارجية، إضافة إلى التهديد من قبل أعضاء مهمين في الكونغرس باحتمالات متزايدة لتهديد فرص ترامب في ولاية رئاسية ثانية عام 2020، وارتباط عدد كبير من النواب والشيوخ بمصالح فئوية ونافذة مع اللوبي الصهيوني، يجعل من «الأيباك» إحدى أهم الأدوات التي يمكن لها أن تخل بميزان القوى لصالح ترامب.


ولا شك أن هناك عناصر أخرى كانت وراء هذا التزامن بين القرار والانتخابات الإسرائيلية، لكن دون تجاهل أن هذا التزامن في الأصل كان لصالح التوقيت مع عقد اللوبي الصهيوني مؤتمره السنوي هذا الأسبوع، وعندما يلتقي ترامب مع نتنياهو يوم غد الاثنين، سيستلم كل منهما هذه الهدية، وبينما يشعر نتنياهو بالامتنان، فإن ترامب من ناحيته سيكون راضيا عن «ضربة معلم في الوقت المناسب»!

 

عن صحيفة الأيام الفلسطينية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل