صحافة دولية

ميديابار: كيف أحيت مظاهرات الجزائر شعور المواطنة من جديد؟

الحس الوطني تجسد من خلال تشكيل لجان الأحياء التي تضمن تأمين المباني وتحييد البلطجية وتنظيف الشوارع بعد المظاهرات- تويتر
الحس الوطني تجسد من خلال تشكيل لجان الأحياء التي تضمن تأمين المباني وتحييد البلطجية وتنظيف الشوارع بعد المظاهرات- تويتر

نشر موقع "ميديابار" الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن خروج كامل أطياف المجتمع المدني في الجزائر إلى الشارع بما في ذلك الطلاب والنساء والأطباء، ودعاة حماية البيئة للمشاركة في الحراك الشعبي للأسبوع الرابع على التوالي.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه المرة الأولى منذ الاستقلال التي يخرج فيها الأهالي بكثافة إلى الشارع مكررين الشعار ذاته، إلى جانب الناشطين والناشطات، حيث كسر جميعهم حاجز الخوف. وعلى غرار معظم الثورات العربية، انتفضت الشعوب بعد أن أحست بالإهانة وبلغ تقويض كرامتها حد الذروة. وقد قرر الجزائريون والجزائريات وضع حد للإهانة. كما ضاعف حظر التظاهر في العاصمة من تصميم الجزائريين على مواصلة التظاهر.

خلال يوم 20 كانون الثاني/ يناير 2018، صرح الوزير الأول أحمد أويحيى في مؤتمر صحفي بأن "المسيرات في العاصمة محظورة بما أننا لم نتعلم بعد كيف نسير في تظاهرات بصفة سلمية ... هذا واضح تمامًا ... انظروا للبلدان الأخرى حيث تجمع المظاهرات مليون شخص وتحافظ على طابعها السلمي. أما هنا فالأمر يختلف...هذه هي الجزائر". وقد نُشر فيديو لهذا التصريح بعنوان "أويحيى هذه هي الجزائر"، الذي اعتبره المحتجون إجابة فظة من قبل الوزير الأول.

منذ ذلك الحين، لم يهتم الجزائريون والجزائريات بهذا التصريح، ولم يتسبب في تفكيكهم بل كذبوا هذا الادعاء الذي يجعل من حراكهم النمطي "عنيفا" وليس له قيمة. وبذلك أكدوا للنظام وللعالم أجمع ماذا تستطيع الجزائريات أو يستطيع الجزائريون أن يفعلوا عندما يتعرضون للإهانة إلى حد النخاع أو عندما تكون كرامتهم على المحك.

ونوه الموقع بأن هذه الانتفاضة الشعبية ترتكز على محرك سياسي عال، كما أنها تشهد على عودة الشعور المشترك ولذة "العيش معًا" بعد أن بدت وكأنها قد جفت، فالكثير من الجزائريين انهارت علاقاتهم ببعضهم البعض خلال سنوات الحرب وبسبب الاستبداد وصعوبات الحياة اليومية.

وقال الموقع إن عددا قليلا من الجزائريين ظلوا منبوذين وغير مهتمين بالانتفاضات الشعبية في مختلف البلدان خلال السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أنهم لم يستطيعوا القيام بالشيء ذاته، إلا أنهم تابعوا الأخبار عن كثب، خاصة ما يجري في العالم العربي، واستغلوا شبكات التواصل الاجتماعي للنقاش والاستفادة من دروس الثورات العربية.

وأكد الموقع أن الإرادة والدوافع التي ارتكز عليها المتظاهرون للخروج للشارع وممارسة حرية التعبير ساهمت في زيادة عدد المشاركين في الحراك على مدار أسابيع، وتجلى ذلك أيضا من خلال كيفية تنظيم الاحتجاج. وبالنسبة لغالبية الجزائريين، هذه فرصة لتقديم الشارع بعد أن صودر لفترة طويلة في حلة جميلة، بما تحتمه أولى الضروريات لإثبات تنامي الإحساس بالمواطنة بعد أن غاب طويلا.

وذكر الموقع أن الذهول انتاب العالم خلال رؤية شوارع المدن وهي تغص بسكانها الذين يسيرون بنظام وهم يرتلون الأناشيد والأهازيج الشعبية، وخاصة تنوع المتظاهرين الذي يجمع بين النساء الشابات والمسنات المحجبات وغير المحجبات علاوة عن خروج عائلات بأكملها.

وأورد الموقع أنه على الرغم من أن هذه المسيرات تبدو ذات طابع عفوي، إلا أن ذلك لا يعني أنها غير منظمة على الأقل من منبعها. وتعد شبكات التواصل الاجتماعي منصات لا غنى عنها لهيكلة التحركات، فهي تُستغل لتحديد تواريخ التحركات والشعارات ونشر التوصيات.

كما تشكل هذه الشبكات وسائل إعلام للمواطن، حيث أنشئت المئات من الصفحات على فيسبوك وحسابات على تويتر احتفالا بهذا الحراك، فضلا عن أن الصفحات الموجودة سابقا شهدت ارتفاعا في عدد متابعيها. وقد كشفت شبكات التواصل الاجتماعي عن القطيعة القائمة بين الشعب ونظام لا ينتظر منه شيئا، وساهمت في بروز مواطن يتطلع إلى التجديد.

وأوضح الموقع أنه على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، تُعرض وتًقيّم جميع المبادرات الفردية أو الجماعية، ويحفز تأثير هذه الشبكات البقية ويشجع على الإبداع. ولعل أبرز مثال على ذلك رائد الإنترنت المدافع عن البيئة دريسي تاني يونس، الذي ظهر في صورة له بعد أن نظف مسكنه كله، وأطلق هاشتاغ عالمي "التحدي" داعيا كل شخص إلى القيام بحركة من أجل البيئة والتقاط صورته ونشرها. منذ ذلك الحين، يمكن رؤية هاشتاغ يفرض نفسه بقوة في المظاهرات "هاشتاغ تحدي نشأ في الجزائر".

وأضاف الموقع أن المتظاهرين بلغوا نضجا مبكر جدا، حيث كانت المسيرات نتاج تنظيم جماعي مستمر ساهم فيه الجميع. وقد كتب الشاعر لزهاري لبتر منشورا عرض فيه "الوصايا 18 للمسيرة السلمية والمتحضرة"، وتداوله رواد الإنترنت في كنف الاحترام. ويدعو جل رواد الإنترنت إلى السلمية والتضامن كما يدعون المتظاهرين لأن يكونوا مثالا.

وبين الموقع أن الحس الوطني ومسؤولية الحفاظ على الفضاء تجسدت من خلال تشكيل لجان الأحياء التي تضمن تأمين المباني وتحييد البلطجية وتنظيف الشوارع بعد المظاهرات، وهي طريقة مبتكرة بالنسبة لهؤلاء السكان من أجل المشاركة في الحراك. ومن خلال هذه الخطوة تمكن الجزائريون من ابتكار عنصر جديد ضموه إلى قاموسهم، ألا وهو اعتبار الشارع والحي ملكًا للجزائريين، وبالتالي يجب العناية بهما لتقديم صورة جميلة.

يبدو هذا الإحساس الجماعي بالمسؤولية على المستوى المحلي مثيرا للاهتمام، ويشكل بداية التزام المواطن المستقل عن دولة الرفاهية والمؤسسات التقليدية المسؤولة عن إدارة المدينة. ومع تأكدهم أن حراكهم السلمي لم يرتكب أخطاء وبعيدا عن تدخل وجوه "سياسية"، أضحى المحتجون يحسون بأنهم يتمتعون بسلطة معينة، الأمر الذي دفع العديد من المواطنين إلى الدعوة إلى تشكيل مجموعة تعرض مقترحات نابعة من القاعدة الجماهيرية.

ونوه الموقع بأنه بغض النظر عن وضع مقترحات لإنهاء الأزمة، يجب الإشارة إلى أن أحد أهم المواضيع المطروحة للنقاش تتلخص في الحاجة الملحة للعثور على قادة يمثلون الحراك بشكل كافٍ. فعلى سبيل المثال، ترفض عتيقة، وهي شابة نسوية من مدينة وهران، تأييد أي تمثيل إذا لم يحترم المساواة والمنتسبين للحركة النسوية، التي خربتها تجربة الاستقلال الفاشلة، حيث يترددن في دعم المرشحين المقترحين.

 

اقرأ أيضا: وزير الخارجية الفرنسي يشيد بالحراك الشعبي في الجزائر

يؤكد آخرون على الحاجة الملحة لتقديم بديل مؤقت قبل إنهاء الحراك لكي لا يستفيد النظام من هذه الفجوة، حيث أفادت أمينة، وهي عضو في جماعة نسوية في الجزائر العاصمة، في دردشة مباشرة على فيسبوك بأنه "في كل الأحوال، لن نصل إلى اتفاق 100 بالمئة، ولكن يجب علينا أن ننطلق في البحث عن ممثل". كما رحبت سكينة، وهي ناشطة نسائية، بالحراك منذ بدايته لأنه يعطي قوة دفع جديدة للمواطنة ومن شأنه أن يفسح مجالا أفضل للنساء.

وفي الختام، قال الموقع إن أبناء المهجر لعبوا دورًا مهمًا في عملية تطوير الفكر وصورة البلاد بسبب وجود مساحة أكبر للمناورة، إذ لم يتوقفوا أبدا عن بناء الجسور للسماح للجزائريين الذين يعيشون في البلاد بالتماسك وليعكسوا صورة إيجابية عن أنفسهم داخل البلاد وخارجها.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
عربي
السبت، 23-03-2019 02:08 ص
التقرير فيه خطئ كبير لان الجزائرين لو كان كلب ميت يجكمهم فأنهم راضين وحرب التسعينيات دمرت ماتبقى من الاسلام قي الجزائر بتخطيط فرنسي بريطاني يهودي والجزائر كان لها الدور الكبير مع مصر بتخطيط روسي ايراني خليجي بتدمير ليبيا وانتاجها النفطي والمستفيد هم الروس والخليجين والايرانين والجزائرين لمد اوروبا بالنفط والغاز والان كما فعلت الجزائر بتدمير ليبيا جاء دورها لتدمير انتاج النفط والغاز والدولة في الجزائر والمستفيد هم الروس ودول الخليج وايران وكل الاحداث التي جرت الان هي البداية لان الشعب الجزائري عمليا هو مدمر بواسطة المخدرات والدعارة كحال مصر ودول المغرب العربي ودول الخليج لايهمهم من يحكمهم والايام قادمة وسنرى