قضايا وآراء

أحمد وهدان وإخوانه الشهداء بين ظلم القريب والبعيد!!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

نفذت سلطات الانقلاب العسكري في مصر حكم الإعدام فجر الأربعاء 20 شباط (فبراير) 2019م، في تسعة من خيرة شباب مصر، أحمد وهدان وإخوانه الثمانية، وكلهم ممن جمعوا بين المؤهل العلمي العالي، والخلق الرفيع، نحسبهم شهداء عند الله تبارك وتعالى. وقد ظلم هؤلاء الشباب عدة مرات، من القريب والبعيد، في قضيتهم تلك.

 

الخطأ في العفو أفضل

ظلمهم الانقلاب بقضاته الفسدة، الذين ضربوا بكل الحقائق والأدلة التي تبرئهم عرض الحائط، وقف الشباب يحكي للقاضي كمية التعذيب التي تعرضوا لها، وأروه أبدانهم وعليها آثار التعذيب، والمفترض أن القاضي هنا قد رأى قرينة تدل على صدقهم، وأن أي شبهة تبعد حكم الإعدام عن شخص يقضي بها، فالخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة، لكن هذا يصلح مع قضاة تلقوا علم الحقوق، وليس لقضاة جاء بهم أمن الدولة، ولا يستطيع أحدهم أن يقرأ الفاتحة قراءة صحيحة، فضلا عن مواد القانون.

 

إقرأ أيضا: مرة أخرى.. مقصلة الإعدام لا تتوقف وتحصد 9 شباب في مصر

وظلمهم مفتي مصر، حين صدق على الأحكام، وقد اتضح فيها تهافت الأدلة والقرائن، ولا يتحجج المفتي بأن رأيه ليس ملزما، بل هو رأي استشاري، فليكن، وليقل كلمته التي يلقى بها ربه، وهو ما لم يفعله المفتي في كل قضايا الإعدام التي حكم بها السيسي، وقد شهدت واقعة بنفسي سنة 2009م، وقد كنا في مؤتمر في تركيا، وكان حاضرا الدكتور علي جمعة مفتي مصر الأسبق، وشيخنا الدكتور يوسف القرضاوي، وفضيلة الشيخ عكرمة صبري.

 

أخطر أنواع الظلم الذي تعرض له هؤلاء الشهداء ومن سبقوهم، هو هذا التفرق والتشرذم الذي تم في صفوف من يفترض أن يحملوا عبء قضيتهم،


وقد كانت قضية هشام طلعت مصطفى المتهم في قتل المطربة سوزان تميم، والأدلة ثابتة عليه، وأحيلت أوراقه للمفتي، فكان علي جمعة يستشير القرضاوي، وهل ينتظر لعل تصالحا يحدث بين الورثة والقاتل، فيقبلون بالدية، أم لا، وهو ما فعله علي جمعة، فقد انتظر، وانتهت القضية في النهاية بالتصالح، وهي قضية قتل تحولت لرأي عام. 

وهو نفس ما حدث من قبل من مفتي مصر حينما قتل رئيس وزراء مصر بطرس غالي، فلم يحكم بالإعدام لأن رأي الأطباء اختلف، هل كان سبب الوفاة عدم العلاج الصحيح، أم الرصاصات التي أطلقت، ولا بد عند الحكم بالإعدام ألا تكون هناك أية شبهة تفسر لصالح المتهم، وإلا اتجه الرأي لعقوبة أقل درجة. وهو ما حدث مع النائب العام هشام بركات، إن صحت التهمة وثبتت على من اتهموا فيها.

 

آداء حقوقي دون المستوى

وظلم هؤلاء الشباب من القريب كذلك، فإن المتأمل في الأداء الحقوقي بعد الانقلاب لرافضيه، هو أداء دون المستوى المأمول، لعدة أسباب، منها أسباب مادية، ومنها سياسية، ومنها حرفية مهنية، لا يتسع المقام للتفصيل فيها، لكنها أصبحت ملحة في الحديث عنها، والبحث عن حلول لها.

وأخطر أنواع الظلم الذي تعرض له هؤلاء الشهداء ومن سبقوهم، هو هذا التفرق والتشرذم الذي تم في صفوف من يفترض أن يحملوا عبء قضيتهم، فهذا شتت الجهود، وأضعف القوى وأنهكها، وانشغل الناس ببعضهم بعضا، بدل أن ينشغلوا بقضية هؤلاء الشباب، والتحرك بها في كل محفل دولي، وقانوني، وسياسي.

ولعل نظرة بسيطة للوقفة التي وقفها الشباب في تركيا عند القنصلية المصرية، ليلة تنفيذ الحكم عليهم، والنظر في وجوه الحاضرين، سيجد وجوها محددة حضرت، ووجوها أخرى لم تحضر، يمثل اتجاها معينا، المفترض أنه الاتجاه المعني بقضية هؤلاء الشباب وغيرهم.

لقد تعرض هؤلاء الشهداء لظلم من جهات عدة، ولتقصير من جهات أخرى، ولأني لا أعرف أحدا منهم معرفة شخصية، إلا أحمد وهدان رحمه الله فقط، فقد كلمني عن طريق الهاتف مرتين، فقد كلمني قبل القبض عليه بأيام قليلة، وقد كنت على إحدى الفضائيات أرد على أحد من قصروا وظلموا هؤلاء الشباب، فكلمني ليشكرني لدفاعي عنهم، وردي على الافتراءات الموجهة إليهم ممن يفترض أن ينصفوهم، وأرسل لي معظم المراسلات والخطابات التي تثبت صحة ما ذكرته دفاعا عنهم. 

وهي لا تتعلق بقضية النائب العام، فلم يكن متهم أصلا فيها، بل وضع فيها والشباب بعد القبض عليهم، فهذه عادة الانقلاب الآن، يتم القبض على الشخص، ثم بعد ذلك يبحث له عن تهمة، أو يختار لنفسه التهمة، إن أراد وكيل النيابة إكرامه. رحم الله الشهداء الشباب، وانتقم ممن ظلمهم، وغفر لمن قصر في حقهم.


[email protected]

 

إقرأ أيضا: موجة غضب على نظام السيسي بعد إعدام تسعة معارضين

التعليقات (3)
الجاني مع الضحية في كفة واحدة؟
الخميس، 21-02-2019 11:29 م
شيء من الإنصاف يا شيخ عصام! كيف تضع الجاني السفاح الخائن مع الضحية المعتدى عليه اعتداء بشعاً وما الانقسام الحادث إلا من آثار هذا العدوان الجائر على الضحية. لا بد أن تكون منصفاً فقادتهم بالآلاف في السجون والمعتقلات وأنت في قلب أكبر تجمع من قيادات المنفى فعليك أن تبذل قصارى جهدك لتحقيق الوحدة بين هؤلاء في المنفى. وعليك بالموعظة الحسنة يا شيخ عصام وألا تكون منفراً لا تدع فرصة إلا وانهلت عليهم طعنا وتجريجاً. الكلمة الطيبة صدقة
ام ياسر
الخميس، 21-02-2019 06:35 م
اللهم انزلهم منازل الشهداء اللهم عليك بالظلمين اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر انهم لا يعجزونك.
مصري جدا
الخميس، 21-02-2019 06:10 م
هنيئ لهم الشهادة ،، هنيئا لهم قناديل من ذهب معلقة في عرش الرحمن يرون إليها ،، هنيئا لهم رحيلهم عن دنيا مثل دنيانا يملأه الظلم والتخلف والجهل ،،، أما الظالم فلن يفلت من عقاب الله في الدنيا والآخرة والنماذج كثيرة صدام والقذافي وعلي عبدالله صالح و القادمون كثر ،،، وعلى الطرف الآخر يجلس شركاء الاخفاق والفشل ،،، شركاء الدم رغم حسن نواياهم ،،، يجلسون في عالمهم المختلف والمتخلف ،، عليهم من الله ما يستحقون ،