اقتصاد عربي

اندماج الدول المغاربية قد يحقق ناتجا ماليا ضخما.. تفاصيل

دعا تقرير صندوق النقد الدولي البلدان المغاربية إلى تخفيض حواجز التجارة والاستثمار - فيسبوك
دعا تقرير صندوق النقد الدولي البلدان المغاربية إلى تخفيض حواجز التجارة والاستثمار - فيسبوك

كشف تقرير حديث أعده صندوق النقد الدولي عن أن الاندماج الاقتصادي بين دول المنطقة المغاربية في حال تطبيقه سيمكن من تحقيق ناتج اقتصادي ضخم، يعود بالفائدة على هذه الدول.

 

وبحسب التقرير فإن مثل هذا الاندماج قد يؤدي إلى إقامة سوق متكاملة تضم حوالي 100 ألف مليون مستهلك، وتحقيق ناتج إجمالي خام يتجاوز 360 مليار دولار أمريكي، فيما سيكون نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإقليمي حوالي 4 آلاف دولار بالقيمة الاسمية.

وأشار التقرير المعنون بـ"الاندماج الاقتصادي في المغرب العربي: مصدر نمو لم يستغل بعد"، إلى أن اندماج المغرب العربي يمكن أن يساهم بدور مهم في استراتيجية تشجيع زيادة النمو في المنطقة، لافتا إلى وجود تقديرات مختلفة تشير إلى أن الاندماج الإقليمي يمكن أن يساهم في زيادة النمو في كل بلد مغاربي بنحو نقطة مئوية على المدى الطويل.

وأوضح التقرير الذي أعده فريق من خبراء أن التجارة الإقليمية البينية يمكن أن تتضاعف نتيجة للاندماج ومن ثم تدعم النمو، مما يرفع مستويات التوظيف، مضيفا أن زيادة الاندماج يمكن أن تؤدي إلى وجود أطراف فائزة وأخرى خاسرة داخل كل بلد، وهو ما يستوجب على السياسات العامة أن تعمل على معالجة الاختلالات المحتملة. 

ودعا تقرير صندوق النقد الدولي البلدان المغاربية إلى تخفيض حواجز التجارة والاستثمار، وربط شبكات البنى التحتية فيما بينها، كما شدد على ضرورة تركيز الجهود نحو تحرير أسواق السلع والخدمات ورأس المال والعمل، وأوضح أنه يمكن إعطاء دفعة للتجارة داخل الاتحاد وزيادة اندماج سلاسل القيمة العالمية من خلال الإزالة التدريجية للحواجز الإقليمية البينية أمام التجارة وإقامة بنية تحتية إقليمية وكذا تحسين مناخ الأعمال. 

وشدد التقرير ذاته على أن "زيادة الاندماج الإقليمي" لدول اتحاد المغرب العربي يجب أن تكون "مكملا لاندماج البلدان المغاربية عالميا"، وأوصى الحكومات المغاربية أن تحدد أهدافا مشتركة لسياساتها من خلال "خلق الوظائف من خلال زيادة النمو"، و"انفتاح النموذج الاقتصادي في كل بلد"، و"شمول الجميع في توزيع ثمار النمو"، إضافة إلى "التفاوض بشأن اتفاقية جديدة للاندماج الإقليمي"، و"تحقيق توسع كبير في التجارة الإقليمية مقارنة بنطاقها الراهن كوسيلة لبلوغ هذه الأهداف".

تبادل تجاري محدود 
كشف تقرير صندوق النقد الدولي عن ضعف التبادلات التجارية بين الدول المغاربية بالمقارنة مع حجم التبادل بينها وبين باقي العالم، لافتا إلى أن حجم التجارة بين بلدان المغرب العربي يقل عن 5 في المئة من مجموع التجارة في المنطقة، مقارنة بحجم التجارة الإقليمية الذي يبلغ 16 في المئة بأفريقيا، و19 في المئة في أمريكا اللاتينية، و51 في المئة في آسيا، و54 في المئة في أمريكا الشمالية، و70 في المئة في أوروبا. 

وأوضح أن البلدان المغاربية الخمسة لا تتخذ أيا من بلدان منطقتها شريكا تجاريا أساسيا لها، مشيرا إلى أن "معظم الأنشطة التجارية لبلدان المغرب العربي تتم مع أوروبا، وهو ما يعكس جزئيا الأوضاع التاريخية وطبيعة السلع الأولية والتجارية والجهود المبذولة مؤخرا من جانب فرادى البلدان بهدف تحرير التجارة مع أوروبا".

 

اقرأ أيضاوزير خارجية تونس: لا اتحاد مغرب عربي دون المغرب والجزائر

وسجل التقرير تدفقات أساسية قليلة في بعض السلع بين البلدان المغاربية سنة 2016، من قبيل صادرات الغاز والنفط من الجزائر إلى المغرب وتونس، وصادرات الحديد والصلب والملابس من المغرب إلى الجزائر، وصادرات الحديد والصلب من تونس إلى الجزائر، وصادرات الزيوت الحيوانية والنباتية من تونس إلى ليبيا، أما باقي التدفقات التجارية الأخرى، فكانت جميعها محدودة.

كما انتقد التقرير عدم احتلال قطع السيارات وقطع غيارها التي تنتج في المغرب، والأسمدة المنتجة في الجزائر، وأسماك موريتانيا، إضافة إلى أشباه الموصلات الكهربائية التي تصنع في تونس جانبا كبيرا من التجارة الإقليمية بين الدول المغاربية، مسجلين أنه توجد على الأقل 20 سلعة محتملة يمكن أن تشملها التدفقات التجارية الثنائية يشغل ربعها فقط جانبا كبيرا من التجارة الإقليمية بين البلدان المغاربية. 

أسباب عدم الاندماج
وأرجع التقرير أسباب عدم اندماج الدول المغاربية التي اعتبرها عديدة ومعقدة إلى "السياسات التجارية والاستثمارية التقييدية"، و"الحواجز التجارية الجمركية وغير الجمركية"، و"عدم كفاية البنية التحتية الإقليمية"، إضافة إلى "الاعتبارات الجغرافية السياسية". 

وأشار إلى أن التوجه التقليدي للتجارة مع أوروبا، والمحاولات الأخيرة للتنويع في اتجاه أفريقيا جنوب الصحراء، وصعود الصين كسوق لصادرات المغرب العربي، أدى إلى تحويل تركيز بلدان المنطقة عن الاندماج الإقليمي. 

كما لفت التقرير إلى وجود عوامل جغرافية سياسية أعاقت الاندماج الإقليمي، أهمها الخلافات بين البلدان الأعضاء "لاسيما بين الجزائر والمغرب"، وكذا تشديد الضوابط الحدودية بسبب التهديدات الإرهابية.

المنافع المترتبة عن الاندماج
التقرير نفسه أكد أن الاندماج الاقتصادي بين دول المنطقة المغاربية من شأنه تحقيق منافع كبيرة لبلدان المنطقة، مبرزا أنه سيمكن من إقامة سوق متكاملة تضم حوالي 100 ألف مليون مستهلك من مجموعة بلدان مماثلة في عدد سكانها للبلدان الأكثر كثافة سكانية على مستوى العالم، وتحقيق ناتج إجمالي خام يتجاوز 360 مليار دولار أمريكي، كما أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإقليمي سيصل حوالي 4000 دولار بالقيمة الاسمية، وحوالي 12 ألف دولار على أساس تعادل القوى الشرائية. 

وشدد على أن اندماج البلدان المغاربية وتطبيق قواعد تجارية واستثمارية موحدة، "سيسهم في تعزيز صمود المنطقة أمام التأثير المحتمل لتصعيد النزاعات التجارية العالمية"، كما أن وجود سوق متكاملة سيحفز دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وللابتكار ونقل التكنولوجيا. 

وأضاف التقرير أن الاندماج سيتيح تنمية سلاسل القيمة الإقليمية واندماجها على نحو مع سلاسل القيمة العالمية، كما "سيؤدي وضع مجموعة من القواعد التجارية والاستثمارية الموحدة إلى إقامة بيئة استثمارية أفضل، ليس فقط للمستثمرين المهتمين بالسوق المحلية على مستوى المنطقة، ولكن أيضا للراغبين في تصدير الإنتاج إلى الأسواق القريبة مثل الاتحاد الأوروبي". 

وتابع: "وسيساعد الاندماج الإقليمي الشركات المحلية أيضا في الاندماج مع سلاسل الإنتاج العالمية من خلال السماح بحرية حركة القطع والمكونات من خلال الشركاء الإقليميين وفيما بينهم، ولن يمكن للمغرب العربي بلوغ مستويات الأداء اللازمة للاستمرار في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة إلى الأسواق إلا من خلال تعزيز الاندماج الإقليمي". 

ويمكن للمغرب العربي، وفق التقرير، أن يصبح مركزا للتجارة والاستثمار في أفريقيا جنوب الصحراء والاتحاد الأوروبي، مشددا على ضرورة دعم الحكومات الشركات العابرة للحدود الناشئة في بلدان المغرب العربي، باعتبارها "مصدرا متناميا للاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال التشجيع على زيادة الاندماج الإقليمي في المغرب العربي"، مبرزا أن هذا سيجعل بلدان المنطقة "أقل اعتمادا على أوروبا وأكثر استفادة من موقعها بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء". 

كما أن الاندماج الاقتصادي بين البلدان المغاربية، من شأنه أن يعزز من القدرات التفاوضية للمنطقة في المجالات ذات الاهتمام المشترك، لأنه في الوقت الحالي يقوم كل بلد بالتفاوض منفردا، "وغالبا ما يكون هذا التفاوض مع شركاء تجاريين أكبر كثيرا أو مع مجموعات"، وضرب المثال مع تفاوض كل بلد على حدة مع الاتحاد الأوروبي.

وسجل التقرير أن بلدان المغرب العربي تتفاوض بشكل فردي في الوقت الذي يكون الطرف الثاني من المفاوضات عبارة مع مجموعات، كما أبرز أن المقترحات التي تقدمها إلى منظمة التجارة العالمية تكون "قوتها التفاوضية ضعيفة" بسبب أن البلدان تقدمها بشكل فردي وليس عن طريق مجموعة.

يشار إلى أن اتحاد المغرب العربي هو اتحاد إقليمي تأسس بتاريخ 17 شباط/ فبراير 1989 بمدينة مراكش بالمغرب، ويتألف من خمس دول هي المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا وموريتانيا، وذلك من خلال التوقيع على ما سمي بمعاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي.

التعليقات (0)