كتاب عربي 21

هل يعود السيسي وزيراً للدفاع؟!

سليم عزوز
1300x600
1300x600

يقولون: "الاحتياط واجب"، لكنه في حالة السيسي تحول إلى هوس، فهو يشغل نفسه بوضع النص، ثم سد ثغراته، حتى يحتاط لقدره، فاته أنه يُؤتى الحذر من مأمنه.

فالتعديلات الدستورية، التي ناقشها برلمانه من حيث المبدأ، فوجئ الرأي العام بما لم يكن مطروحاً على جدول الأعمال، وهو النص الذي جرى استحداثه من العدم، والذي يمكن الجيش من أن يكون السلطة الأعلى في البلاد، ومنوطاً بها حماية الدولة، والدستور، والديمقراطية، وعلى نحو يوحي بأن عبد الفتاح السيسي في حكم المثل الشعبي: "قاعدة ومرتاحة فجابت لنفسها رداحة".. من الردح (انظر إلى أداء غادة عجمي على قناة "فرانس 24" لتعرف الردح على أصوله)، وهو مثل يطلق على بعض النسوة، اللاتي يتسببن في الإضرار بأنفسهن، من خلال السماح لأزواجهن بالزواج من ثانية، وإن كان يطلق في حالات دون ذلك!

 

 

فوجئ الرأي العام بما لم يكن مطروحاً على جدول الأعمال، وهو النص الذي جرى استحداثه من العدم، والذي يمكن الجيش من أن يكون السلطة الأعلى في البلاد، ومنوطاً بها حماية الدولة، والدستور

وثيقة السلمي

الدستور الحالي، يمنع استحداث المواد من العدم، فلا يجوز سوى تعديل مادة أو أكثر من مواده، عدا النصوص الخاصة بالحرية وبانتخابات الرئاسة. ومهما يكن، فإن هذا السماح الدستوري بالتعديل لا يمكن من لهم الحق في طلب التعديل باستحداث مادة، أو اختراع نص ليس موجوداً، وهذا ليس موضوعنا!

فمنذ بداية الثورة، والأزمة الخافتة هي حول محاولات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وضع مثل هذا النص، وقد تضمنته وثيقة السلمي، سيئة الصيت، وهى الوثيقة التي كنا نعلم أن المجلس العسكري هو من يقف وراءها وإن نسبها لنائب رئيس الوزراء حينذاك الدكتور علي السلمي، وقبل هذه الوثيقة فإن من طالب بترتيب وضعاً للجيش كانت هي القوى المدنية، وذلك عندما تبين لها أن أي انتخابات سيفوز الإسلاميون بالأغلبية فيها، فارتضوا أن يكون الجيش هو الحكم!

وحتى الدكتور محمد البرادعي نفسه طالب بهذا، وبدا أن هناك توافقاً على هذا الطلب الغريب، لكني تصديت له وبالكتابة المكثفة ضده وضد الوثيقة بشكل عام، ولم أجد من يؤوب معي.. ومما قلت، إن هذا ضد طبيعة الأشياء، "فالحدية لا تحدف كتاكيت، والعسكر لا يمكن أن يكونوا رعاة للدولة المدنية"، ولم يجهر الإخوان أنفسهم برفض هذا المطلب، لكن بدا واضحاً أنهم كانوا يخططون لسحب الأمر بعيدا، ومن هنا كانت الفتنة الدستور أولاً، أم الانتخابات أولاً، وكان المجلس العسكري حريصاً على ألا يغادر الحكم إلا بعد وضع الدستور ليضمن وضع هذه المدة، لتجعل منه "الولي الفقيه" الذي هو أكبر من الدولة، والحكم بين سلطاتها!

كان الترويج لهذا الجنون، يعتمد في البداية على دعاية كاذبة، هي أن الجيش حمى الثورة، ورفض تنفيذ أوامر مبارك بضرب الثوار بالرصاص الحي، فضلا عن أن الجيش هو من أمر مبارك بالتنحي، ولم يكن هذا صحيحاً بشهادة سرية للمشير محمد حسين طنطاوي، سقطت سريتها الآن، وصار الاطلاع عليها متاحاً لمن يريد!

 

 

 

الترويج لهذا الجنون، يعتمد في البداية على دعاية كاذبة، هي أن الجيش حمى الثورة، ورفض تنفيذ أوامر مبارك بضرب الثوار بالرصاص الحي، فضلا عن أن الجيش هو من أمر مبارك بالتنحي، ولم يكن هذا صحيحاً

طبيعة السيسي

بانتهاء شهر العسل، بين المجلس العسكري والثوار، سقط مطلب "الجيش هو الحامي للدولة المدنية"، ليكون الهتاف هو بسقوط حكم العسكر، ولم يتضمن دستور 2012 هذا النص بطبيعة الحال، ولم يطلب أحد به. وعندما وقع الانقلاب العسكري، لم يطلب أحد بهذا النص في الدستور الحالي، والذي كان بيد العسكر أن يضعوه، لكن لم يكونوا يريدون الظهور بمظهر الطامع في سلطة أو الراغب في سيطرة!

بيد أن هذا النص المقبور عاد مرة أخرى في طلب التعديل، الذي تقدم به نواب، كان دورهم هو التوقيع على تعديلات معدة سلفاً بواسطة خبراء كما يبدو، وكانت سياسة "الاحتياط" واضحة، فلم يترك الأمر للاجتهاد، وإنما تضمنت نصاً معيباً يقر حق "الرئيس الحالي" في الترشح لدورتين جديدتين، مع أنه انتخب على أساس نصوص أخرى، أقسم على احترامها!

ولأننا نعرف طبيعة السيسي، فقد كان السؤال الذي طرح نفسه ونحن نطالع هذه التعديلات، فماذا كان في ذهنه وهو يرتب وضعا للجيش، يمكنه من خلاله أن يطيح به، دون أن يُسمى هذا انقلاباً عسكرياً؟ فالجيش استخدم الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور لا أكثر ولا أقل!

 

 

 

نعرف طبيعة السيسي، فقد كان السؤال الذي طرح نفسه ونحن نطالع هذه التعديلات، فماذا كان في ذهنه وهو يرتب وضعا للجيش، يمكنه من خلاله أن يطيح به، دون أن يُسمى هذا انقلاباً عسكرياً؟


عندما بدأ التبشير بالتعديلات الدستورية، كان واضحاً أن هناك خشية من ألا يوافق الخارج الأمريكي على استمرار السيسي في السلطة بعد دورتيه، ولهذا جاء في المقال الأول لـ"ياسر رزق" أن السيسي لن يغادر القصر الجمهوري إلى بيته، وهو ما فسرناه بأنه ينوي ترشيح "خيال مآته" آخر، ويأتي بمحلل لدورة واحدة، حتى إذا قضى منها وطراً عاد السيسي للحكم مرة أخرى، وكتبت حينئذ أنه قد يفكر في الجمع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء، كمرحلة الأولى، وفي المرحلة الثانية، وهو يستعد لمغادرة القصر وقبل تسليم السلطة للرئيس المنتخب، يجمع بين رئاسة الوزراء ومنصب وزير الدفاع!

لكن من الواضح أنه تقرر تعديل الدستور بما يسمح له بالترشح من جديد، ومع هذا احتاط لأي احتمال لم يكن في الحسبان!

عقدة النكاح

فقد تدفع الأحوال في الداخل في اتجاه عدم بقائه في السلطة، فيكون ملاذه الأخير في العودة وزيرا للدفاع، وقد رتبت التعديلات للجيش السيطرة على الدولة بنصوص الدستور!

وقد يتدخل البيت الأبيض كما تدخل في سنة 2016، وطلب بعدم تعديل النصوص الخاصة بانتخابات الرئاسة، فترتب على التراجع استجابة للأمر الأمريكي أن أعلن علي عبد العال أن الدستور يمنع تعديل المواد الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهورية.

 

قد يجد في الأمور أموراً، فيسقط في الانتخابات، أو يمنع من خوضها بعد التعديلات لسبب أو لآخر، وساعتها يلجأ لخط الدفاع الأخير، وهو العودة لوزارة الدفاع

وقد يجد في الأمور أموراً، فيسقط في الانتخابات، أو يمنع من خوضها بعد التعديلات لسبب أو لآخر، وساعتها يلجأ لخط الدفاع الأخير، وهو العودة لوزارة الدفاع، حيث الجيش هو المهيمن على الدولة باعتباره "صاحب عقدة النكاح"!

وإن كنت أعتقد، أنه بعد أن تم التذكير بأن النص الجديد قد يمكن الجيش من عزله في المستقبل، فضلاً عن تصريح السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة من أن الجيش عزل مبارك، ومرسي، وقد يعزل السيسي، فإنه قد يعتبر هذا النص تهديد له، ومن ثم فقد أصبح الآن في "حيص بيص"، وقد يفكر جدياً في إلغائه، وهناك تلميحات صدرت من مسؤولين تفيد بوجود هذا الارتباك.

"إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون".

 

التعليقات (5)
Dr. Walid Khier
الثلاثاء، 19-02-2019 05:18 م
إلي أحمد المصري: أدي رد أفعال التيار الاسلامي: وصف الخبير الدستوري صبحي صالح، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، وثيقة المبادئ الدستورية بأنها وثيقة ''غير ديمقراطية ولا دستورية ولا منطقية ولا تستحق الحوار''. أما حزب النور، فعلق على الوثيقة بشكل ساخر، حيث قال بسام الزرقا أمين الحزب في الإسكندرية : "حطها زي ما أنت عايز بس ياريت تكتبها بسكر علشان لما تبلها وتشرب ميتها يبقى طعمها حلو" , حيث رفض الحزب سرقة إرادة الشعب الذي يختار ممثليه وهو الذي يضع الدستور، وأي شخص يريد وضع مبادئ ضابطة أو حاكمة أو فوق دستورية يشربها"، وذلك رداً علي دعوة الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء لإقرار المبادئ فوق الدستورية. كما رفضت الجماعة الإسلامية والدعوة السلفية وثيقتا المبادئ الاساسية للدستور المصرى ومعايير تشكيل اللجنة التأسيسية التى ستضع الدستور معتبرين أنها اغتصاب لسلطة الشعب وتهميش الإسلاميين ودعم للمتشدقين بالدولة المدنية. واعتبرت الجماعة الاسلامية أن الوثيقتين بمثابة مصادرة لحق الشعب واغتصاب لسلطة الشعب المصري, خاصة أن بنود الوثيقة غير قابلة للالغاء ووصفتها بأنها إعادة طرح فكرة المبادئ فوق الدستورية لكن فى شكل جديد. وقال عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية إن هدف الوثيقة طمأنة التيارات السياسية الليبرالية واليسارية والعلمانية على حساب الهوية الاسلامية, وتهميش وجود الاسلاميين فى العمل السياسي, وتقليص دورهم فى وضع الدستور. فيما أكد د. محمد جمال حشمت، عضو الهيئة العليا لحزب "الحرية والعدالة"، أن مؤتمر السلمي لا يستحق أن يردَّ عليه أحد ويجب أن يتجاهله الجميع؛ لأنه يهدف لنسف إرادة الشعب المصري فى استفتاء مارس والذي عبَّر فيه عن رأيه، موضحًا أن السلمي يهدف لجر الشعب القوى والوطنية وغيرها إلى ساحة الخلاف والجدال. وأوضح أن ما يقوم به السلمي عنادٌ ومحاولةٌ لفرض وصاية على الشعب، وينافي ما استُفتي عليه الشعب بأن اللجنة التأسيسية لوضع الدستور يجب أن تشكل عقب إجراء الانتخابات البرلمانية ولا يتوافر بمعايير تشكيلها أنها تضم كل القوى والتيارات؛ مما يفضح مخططه الذي يهدف لإثارة الفتنة بين الناس. وقال ممدوح إسماعيل، نائب رئيس حزب "الأصالة" السلفي: إن د. السلمي لم يتعظ بما حدث لـ"يحيى الجمل" ويسير على نفس منهاجه ويريد أن يفرض فكره بكل الطرق، وهو بهذا يناقض ادِّعاءه أنه ليبراليٌّ؛ لأن الليبرالية تعطي الحرية لكل تيارات المجتمع أن تعبر عن رأيها، أما ما يفعله فهو استبداد يناقض الليبرالية. وتساءل: من الذي أعطى السلمي صلاحيات ليكون وكيلاً عن الشعب ووصيًّا عليه؛ حيث إنه ليس هناك تفويض من الشعب للسلمي بعقد هذا المؤتمر ومناقشة هذه المبادئ، موضحًا أن السلمي خادم للشعب ومنفذ لمطالب ثورته، أما غير ذلك فهو منافٍ للديمقراطية وممارسة استبداد بقناع بشكل جديد. ودعا التيار الرافض لهذا الاستبداد إلى ألا يبالي بالقوة التي يستند إليها السلمي، سواء كانت القوة التي تدعمه خارجية أو المجلس، موضحًا أن المجلس العسكري لا يملك فرض إرادته على الآخرين، وكذلك القوى الخارجية لا تستطيع أن تفرض أجندتها على الشعب، من خلال وسيط لها؛ لأن كل محاورات السلمي تضع دستوره في قفص الاتهام.
احمد المصرى
الثلاثاء، 19-02-2019 01:26 م
خليك عايش فى اوهامك . من روج للتعديلات الدستوريه ايام المجلس العسكرى وكان يحشد لها فى الجوامع وعلى القنوات ويكفر من يقول لا ؟ ومن كان يهتف كيدا فى الثوار لطنطاوى .يا مشير انت الامير ؟ ومن صلى فى البيت الابيض ؟ اقسم بالله ثلاثا . ان ما وقعكم غير الكدب واللوع والنفاق .
أبو حلموس
الثلاثاء، 19-02-2019 11:55 ص
(((( أنا الغريق و ما خوفى من البللِ !!؟؟؟)))) ، يثير استغرابى جدا ان في جيناتنا البكاء على الحطب المسكوب فما عاد اللبن لبنا مسكوبا بل حطب .!!! إن قانون ****كولوا بامية**** الآن و إلى ان يفرجها الله هو الأصلح لإدارة الموقف داخليا و لنترك تلك العظمة التي ألقاها كلب الصهاينة و سيلقى ما بعدها للجميع ليتنازعوا عليها و يظلوا في عراك يعتقدونه حِراك و هو و عصابات آل صهيون من بنى جلدتنا في تمكين بين ثانية و ***أخرى*** لأن كل لحظة بقاء هي أكثر خَرائية من ما سبقها . لا زال لدينا الأهم و هو إزاحة الهم و الغم بعمل يوحد الصفوف و لننتزع ما تبقى من جثة الوطن من براثن الضباع التي تنهشه حيا . اعتصموا بحبل الله بتقواه و الدعوة الى كلمة سواء و فوضوا الله في امركم و استعينوا به لرسم خطوات على الأرض في الااخل و الخارج و لا تتشرذموا بين مادة و بندا و نصا فيوم يسقط هذا الحيوان ستسقط معه كل القوانين و النسيج العنكبوتي الذى ينسجه فهو أخوف من ان يحمى نفسه و سيظل يتصرف تصرفات الهاربين ، و ****البُرص**** الذى في تكوينه سيدفعه للاستمرار في الهرب للأمام بالمزيد من الاجرام و التضييع لكل شيء فداءا لنفسه و ما كان مبارك إلا نفس العينة لولا شبشب الثورة الذى قطع عليه كل طريق . فهشاشة حال المجرم لا يصفها واصف . أين الشبشب القادم و أين الضربة الحاسمة و كيف و متى . مش مهم مين اللي ماسك الشبشب ، المهم ضربة حاسمة
سبد عبد اللطيف
الإثنين، 18-02-2019 10:58 م
اذكر ان بوتين غندما تولى الرئاسة دورتين متتاليتين بعدها تولى منصب رئيس الوزراء وكان هو المهيمن على امور البلد. وعندما انتهت الدورة تم ترشيحه مرة اخرى للرئاسة.. وتم تعديل الدستور بحيث استمر فى الحكم حتى اليوم!!
مصري جدا
الإثنين، 18-02-2019 06:51 م
بعيدا عن معارك الاستنزاف المهلكة للوقت والجهد والمال ،،، ملف تعديل الدستور أيا كان شكل ومضمون التعديل لا قيمة له ،، لماذا ،، لأنه ليس بعد الانقلاب العسكري من شئ ،، والذين يتحركون في وحل التفاصيل يتحركون وكأنهم في دولة وسلطة منتخبة يعارضون ويختلفون معها على بعض التفاصيل ،، والواقع يقول ان الانقلابات العسكرية عموما تسحب البساط من تحت الدولة لتحولها إلى وحدة عسكرية ،، القائد فيها هو الحاكم بأمره ،، فلا دستور ولا قانون ولا حقوق ولا قضاء ولا عدل ولا إنسان ،،، بل مجند لا يملك إلا تنفيذ الأوامر والتعليمات وإلا يحال للمحاكمات العسكرية كما نعيش اليوم ،،، اتصور ان الجهد المبذول من معارضي الانقلاب عموما وليس معا رضي نمط إدارة السيسي او تفاصيله التي يلهى النخبة بها ،، إزاحة الانقلاب ،، واستعادة ما تبقى من مصر أرضا وشعبا ومواردها ،، هو الهدف الأسمى لكل مناضل مصري ،،، لأنه بعد مشهد الدستور تتوالى المشاهد المسرحية الأخرى من إنتاج المخابرات العسكرية والعامة بتمويل خليجي لاستمرار مسلسل الالهاء ،، دعوكم من الدستور ومعارضته الفارغة اللهم إلا اذا كان توظيف الحدث لتحقيق الهدف الاهم وهو إزاحة الانقلاب ،،،