قضايا وآراء

ما الذي ستفعله طريقة مختلفة لقيادة الإخوان المسلمين؟

ممدوح المنير
1300x600
1300x600
تأتيني تساؤلات عدة من الشباب بعضها تستنكر تحفظاتي على نمط القيادي الحالي للإخوان. ووجه اعتراض هؤلاء أن الدور والأداء الحالي هو أفضل المتاح حاليا، ويجب أن لا نحملهم فوق طاقتهم، وآخرين متفقين معي على تحفظاتي، لكنهم لا يعلمون ما الذي يجب فعله في التعامل مع أزمة بالغة التعقيد كالوضع الحالي.

وفي هذا المقال، أحاول أن أجيب على السؤال بشكل مختلف، ولا أستطيع الادعاء بأن الإجابة كاملة أو مثالية، ولكن الهدف الوحيد هو زيادة الوعي لدى جماهير الثورة، وخاصة من شباب الإخوان وقواعدهم، بأن الوضع الحالي ليس هو القدر الذي لا فكاك منه، وأن التغيير في نمط القيادة كاف لقلب معادلة الصراع رأسا على عقب لصالح الثورة.

وسأبني المقال على فرضية أن هناك تغييرا في أسلوب القيادة للإخوان، وأن هذه القيادة لديها هدفان مركزيان تسعى لتحقيقهما، ألا وهما الحفاظ على وحدة وتماسك الجماعة، والثاني إسقاط الانقلاب في مصر وبناء دولة الحريات، وأن هذه القيادة تتصف بالتجرد الكامل والذكاء الحاد والحكمة البالغة. فما الذي ستفعله قيادة لها هذه الأهداف وتتصف بهذه الصفات؟

* ستدعو أعضاء مجلس الشورى العام للجماعة لاجتماع للمجلس بعد ثلاثة أشهر من الآن خارج مصر، والأعضاء الموجودون داخل مصر، سواء كانوا معتقلين أو مختفين، ستطلب منهم تفويض شخصيات خارج الوطن للقيام بمهامهم والتصويت عوضا عنهم.

* سيشرف على تنفيذ هذا الإجراء لجنة برئاسة رموز إسلامية غير مصرية، ولها الحق الاستعانة بمن تشاء والاطلاع على ما تشاء لتنفيذ مهمتها.

* ستدعو هذه القيادة قبل موعد اجتماع الشورى بفترة كافية؛ لعقد مؤتمر كبير عن الإخوان المسلمين فكرا وحركة، وتدعو إليه كافة الباحثين عرب وأجانب لتقديم أوراق بحثية تناقش فيه تجربة الإخوان، وتكون الأوراق المقدمة للجنة علمية مستقلة لا علاقة لها بالإخوان، وتصدر في نهاية المؤتمر توصيات علمية رصينة حول دور الجماعة المستقبلي وتقييم لمواقفها السابقة.

* ترسل الأوراق البحثية المشاركة في المؤتمر إلى أعضاء الشورى أو المفوضين عن أعضاء الداخل قبل موعد الاجتماع بوقت كاف، حتى يكون لهم اطلاع كامل على كافة الافكار الرصينة والناضجة المقدمة.

* تعلن القيادة أنها ستقترح جدول أعمال في اجتماع الشورى يناقش القضايا التالية:

1- لائحة جديدة حقيقية تؤصل لمبدأ الشورى والمحاسبة والرقابة وتداول القيادة وفصل المسؤوليات.

2- فصل المسار الدعوي عن الحزبي وليس السياسي.

3- تقنين وضع الجماعة كمؤسسة خيرية دعوية في تركيا، وفق القانون التركي.

4- إعادة إحياء حزب الحرية والعدالة وإعلان فصله فصلا حقيقيا عن الجماعة وليس صوريا، وإعلان الجماعة أن كافة الأنشطة الثورية والسياسية ستكون من خلال الحزب فحسب، وأن الجماعة ستتحول إلى هيئة فكرية دعوية للمسلمين جميعا، وأن التنافس السياسي والصراع مع السلطة سيمثله الحزب وفقط.

5- بناء على ذلك ستدعو القيادة أعضاء الشورى في الجماعة لترشيح واختيار قيادة جديدة لها تتوافق مع التحديات الجديدة، وستعلن أنها ستقدم استقالتها في الاجتماع ولن تتولى مهام أخرى، وتترك للمجلس اختيار قيادة جديدة.

6- سيكون من ضمن المدعوين لاجتماع الشورى نحو 30 من الشخصيات الإسلامية من مدرسة الإخوان الفكرية، كالعلامة القرضاوي وخالد مشعل والريسوني وغيرهم. يحضرون كافة النقاشات لإنضاج الأفكار ونقل تجاربهم للمجتمعين، ويشهدون ميلاد اللائحة الجديدة والقيادة الجديدة للجماعة.

7- يعقد الحزب اجتماعه الأول، ويدعو كافة المصريين الرافضين للانقلاب في الخارج للمشاركة في الحزب.

8- تختار الجمعية العمومية قيادة الحزب بدرجاتها المختلفة، وفقا لأهليتهم في الملفات الآتية: تفعيل المسار الثوري واعادة وإحياء الثورة لدى المصريين، وقدراتهم على التخطيط والإدارة والمناورة، واخيرا التواصل الدولي مع الحكومات والهيئات.

تصبح المحصلة النهائية لدينا كالتالي:

* جماعة متجددة بقيادة جديدة تحظى بثقة الجميع ووضعها أو انشطتها مقننة بشكل رسمي، منشغلة بالجوانب المتميزة فيها، كالدعوة والفكر وأعمال الخير والدفاع عن الإسلام بشكل عام، بعيدة عن الصراعات الوجودية، وفي نفس الوقت لا تمنع اعضاءها كأفراد من المشاركة في فعاليات ثورية أو سياسية، ولكن دون وصاية منها، ويصبح الأمر أقرب لمن يشترك مثلا في نقابة مهنية وجمعية خيرية في نفس الوقت، فلا يوجد رابط بينهما.

* حزب سياسي يخوض معركة الثورة ويبدع في الوسائل والطرق، ويقنن أنشطته بشكل قانوني ورسمي في الأماكن التي يعمل فيها، فإذا عمل في الجانب الحقوقي أسس له جمعية حقوقية، وإذا عمل في العلاقات العامة أسس لها شركة علاقات عامة. وهكذا ينسق مع رفقاء الثورة ويصطف معهم، دون وصاية من أحد أو توجيه.

* حزب يقحم أعضاءه في النشاط السياسي في الدول المتواجدين فيها، من باب التعلم وإثراء التجربة، حزب يبحث عن مواطن الضعف لدى الثورة فيعمل على سدّها وصونها.

* أعضاء للجماعة لا يعيشون في صراعات فكرية ولا أزمات نفسية، فجماعتهم شابة فتية متجددة، فهم مطمئون إلى آلية العمل بها وشفافيتها، ولديهم حرية الحركة والإبداع والإنجاز داخلها وخارجها، ويستطيعون أن يشاركوا أو يؤسسوا أنشطة مختلفة تخضع للتجربة الإنسانية كاملة، من نجاح وفشل وتهور ونضج، دون أن يشعر بأنه مدان أو مغرد خارج السرب.

تخيلوا معي هذه الصورة النهائية: جماعة فتية تبدع في الفكر والعلم والدعوة، وتقدم جيلا جديدا من الدعاة وقادة الرأي والفكر، ومشغولة بمواجهة الغزو الفكري والثقافي وتدمير أخلاق الأمة، ويتحرك أعضاؤها بحرية وبشكل قانوني، ودون ضغوط خارج مصر.

حزب سياسي نشط ملك للمصريين جميعا، يدخل معركة الثورة بكل جوانبها، تخطيطا وقيادة وتنفيذا، ويناور ويفاوض ويضغط ويبني علاقات ويربي كواد،ر ويخطئ ويصيب، ومفتوح للجميع.

قاعدة صلبة تشعر بالأمل والثقة في نخبها، ولديها قناعة بأن التضحيات التي تدفع والدماء التي تسقط لن تذهب هدرا، فهناك جهاد حقيقي يُبذل، ودولاب عمل وحركة لا يتوقفان، وهناك شباب يبدع وينتج، وهناك ثورة تتقدم إلى الأمام.. هل يمكن أن يتحول هذا الحلم إلى حقيقة يوما ما؟
التعليقات (2)
خالص تقديري!
الخميس، 14-02-2019 12:31 م
أنتقد نفسي أولاً بأنني متحيز في الثناء على الدكتور محمد المنير، فإنني رغم تخصصي أقدر كثيراً تحليله المنطقي الشامل وقدرته على عرض أفكاره بكل طلاقة، ما شاء الله، كما أثق بحكمته وموضوعيته. وأؤيده في طرحه وأعتقد أن من حقنا نحن غير المنتمين لا إلى الإخوان أو غيرهم ولكن آمالنا المعلقة على الإخوان كبيرة أن يفتح الإخوان صدورهم لهذه الاقتراحات والأفكار التي لا تهدف إلا إلى تحقيق خيرهم وإعادة تنشيط الجماعة ومكوناتها. ولدى ثقة في أن جيل الشباب الذي عانى الأمرين في تجرية الثورة وما تلاها من انقلاب فاشي لديه كل المؤهلاءت التي تجعله يفرز قيادة تحقق هذا التغيير المنشود وكل الطموحات المشروعة ومنها بطبيعة الحال الوصول إلى قيادة الدولة ديمقراطياً.
مصري جدا
الأربعاء، 13-02-2019 09:36 م
نمط الإدارة نتاج بناء فكري وتربوي خاص بالجماعة ،،، وهذه ازمة الازمات كما يقولون ،،، من هذا المنطلق لا تلتفت منصة القيادة في الجماعة للكم الهائل من النقد والنصائح والدعوات الموجهة اليها من الداخل الاخواني ومن الخارج المحب او الكاره سواء بسواء ، وفي احسن الاحوال ستعتبر المطروح وجهة نظر غير ملزمة ،،، منصة الجماعة لم تلتفت لرآي أكثر من 70% من الصف الإخواني في مسآلة الترشح للرئاسة بعد الثورة واعتبرته رآي غير ملزم او مجرد رآي استشاري ،،،، لذا أين المشكلة ،، لا لوم على القيادات لانهم يقدمون أفضل ما لديهم من وجهة نظرهم ،، وهم غير مدركين ان هذا الأفضل خارج السياق وخارج الخدمة ،،، المشكلة ليست في تغيير نمط الإدارة لانه لم ولن يتغير ،، وبالتالي فالمطلوب تغيير المنصة وليس النمط ،،، منصات القيادات جميعها بعد ثورة يناير أصبحت غير مناسبة ،، منصات القيادة في المربع الإسلامي والمربع المدني والمربع العسكري أصبحت من الماضي ،، لذا عندما تركت لإدارة مشهد ما بعد الثورة رجعت بنا جميعا إلى الماضي إلى الوراء إلى الفرقة والتشاحن والاشتباك ،،، تعاملت منصات القيادة في كل المربعات وكأنها كيانات معارضة في نظام غير موجود ،، لم تستطع أن تتعامل بصفتها مكونات أساسية في مرحلة جديدة ،،، الخلاصة ،،، مطلوب منصات قيادة جديدة في الإخوان وغير الاخوان ،، تستطيع معا صناعة أدوات إعادة التوازن لمعادلة الصراع ،، وتمتلك معا رؤية واضحة لمرحلة ما بعد السيسي ،، هذا هو الحل ولا بديل ،، هذا هو الحل وان طال الوقت وبقى السيسي في الحكم ،، حتى لا نكرر الاخطاء والخطايا السابقة ،،