صحافة إسرائيلية

قناة إسرائيلية تكشف تفاصيل عن اتصالات الرياض وتل أبيب

بندر التقى أولمرت في عمان عام 2006- أرشيفية
بندر التقى أولمرت في عمان عام 2006- أرشيفية

تواصل القناة 13 الإسرائيلية بث الحلقة الثالثة من سلسلتها الوثائقية بعنوان "أسرار الخليج" حول العلاقات السرية الإسرائيلية الخليجية.

 

وتوقفت عند الحديث عن الاتصالات السرية بين السعودية وإسرائيل، وفقا لما كشفه باراك رافيد، المحلل السياسي للقناة، الذي أعد السلسلة الوثائقية، وترجمتها "عربي21".

وقال رافيد إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أريئيل شارون استدعى عام 2003 رئيس جهاز الموساد الراحل مائير داغان، وطلب منه فحص إمكانية إجراء اتصالات مع دول الخليج العربي.

المحامي دوف فايسغلاس رئيس ديوان شارون، وكاتم أسراره، قال إن "الموساد هو الذي تولى هذه المهمة، مع العلم أن العام 2002 الذي سبق طلب شارون من داغان، شهد حدثين هامين أولهما انطلاق إسرائيل في تنفيذ عملية السور الواقي في الضفة الغربية، التي تخللتها محاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقره بالمقاطعة وسط مدينة رام الله، واجتياح كامل لمدن الضفة الغربية بعد سلسلة العمليات المسلحة التي نفذتها حماس في إسرائيل، وأسفرت عن مقتل وإصابة مئات الإسرائيليين".

وأضاف فايسغلاس أن "الحدث الثاني تمثل في انعقاد القمة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت، التي تخللها إعلان الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي آنذاك للمبادرة السعودية للسلام بين العرب وإسرائيل، وتبنتها الجامعة العبرية لتصبح منذ تلك اللحظة مبادرة عربية، وليس سعودية فقط".

ونقل رابيد عن مسئولين إسرائيليين كبارا أنهم "ينظرون إلى السعودية باعتبارها درة التاج، وزعيمة العالم الإسلامي، وتضم بين جنباتها الأماكن المقدسة للمسلمين في مدينتي مكة والمدينة، ويحج إليها ملايين المسلمين حول العالم للوصول إلى الكعبة، لذلك فهي تكتسب أهمية كبيرة لدى إسرائيل في تنمية العلاقات معها".

وأشار أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الذي قاد حرب لبنان الثانية 2006، واصل مسيرة شارون مع داغان، ناقلا عن مسئولين إسرائيليين كبارا أن رسائل تأييد لإسرائيل في تلك الحرب وصلتهم من السعودية، لضرب حزب الله، لكن نتائج الحرب منحت الرياض شعورا بخيبة الأمل". 

وبعد أشهر من انتهاء الحرب، يضيف رابيد، "أعلن أولمرت أنه لم يلتق الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، صحيح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكذب، لكنه لم يقل كل الحقيقة، لأن يوم 13 سبتمبر 2006، سافر أولمرت سرا مع داغان إلى العاصمة الأردنية عمان في ضيافة الملك عبد الله الثاني، وكان الضيف الذي ينتظرهما الأمير بندر بن سلطان، مستشار الأمن القومي للملك السعودي بين عامي ورئيس الاستخبارات السعودية والسفير السعودي في الولايات المتحدةوأحد الرجال الأقوياء في المملكة، والمسئول المباشر عن العلاقات السرية مع إسرائيل منذ عشرين عاما".

 

إقرأ أيضا: كاتب: جهود إسرائيل والسعودية السرية ضد إيران بلا جدوى

وأضاف رابيد أن "لقاء القمة المذكور ناقش عدة موضوعات أساسية، من بينها القضية الفلسطينية، إيران، سوريا، الحرب الإسرائيلية الأخيرة في لبنان، لكن بندر طلب من أولمرت طلباً واضحا: بعدم معارضة أي صفقات أسلحة سعودية أمريكية، ولقد كان اللقاء تاريخيا، لكن التسريبات للصحافة الإسرائيلية، أغضبت السعوديين، مما دفعهم لقطع أي تواصل لاحق، ولمدة نصف عام لم يرفعوا سماعة الهاتف باتجاه تل أبيب".

وأشار إلى أن "شهر مايو 2009، حين وصل بنيامين نتنياهو إلى مقعد رئيس الحكومة الإسرائيلية، كان من يقابله في البيت الأبيض الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وفي حين يريد الأول من الثاني مواصلة الضغط على إيران، فقد طلب الثاني من الأول الدخول في عملية سلام مع الفلسطينيين، واعتقد الاثنان أم مفتاح العمليتين موجود في الرياض".

دان شابيرو السفير الأمريكي السابق في إسرائيل بين عامي 2011-2017، كشف النقاب أن "نتنياهو طلب من أوباما أن يرتب لقاء علنياً مع السعوديين، حيث عرض الأخير الفكرة على الملك السعودي، الذي لم يتحمس كثيرا، وقال أن إسرائيل في حال وافقت على المبادرة العربية للسلام، فإن كل شيء سيكون ممكنا حينها، لكن نتنياهو أصيب بخيبة أمل من الرد السعودي، وفقد أي دافعية للانطلاق في عملية سلام مع الفسطينيين".

وأشار رابيد أن "الفترة بين عامي 2009-2012 حاولت إسرائيل مهاجمة إيران عدة مرات، وحصلت اتصالات إسرائيلية سعودية بشأن استخدام الأجواء الجوية للأخيرة في حال اتخذ قرار إسرائيلي بمهاجمة طهران، مع العلم أن وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك أبلغ نتنياهو ووزير الخارجية حينها أفيغدور ليبرمان أن العلاقات والتنسيق مع السعودية أمر مهم جدا جدا لتنفيذ هذا الهجوم، في حال خرج إلى حيز التنفيذ، الأمر الذي يتطلب مسبقا إرضاء السعودية بعملية سلام مع الفلسطينيين".

وأوضح أنه "في اللقاءات المغلقة خلف الكواليس تحمس نتنياهو كثيرا لفكرة باراك بشأن السلام مع الفلسطينيين، لكنه حين خرج منها لم يحصل شيء".

وأضاف أن "نوفمبر 2013 شهد توقيع اتفاق أمريكي إيراني في جنيف حول المشروع النووي الإيراني، الأمر الذي دفع لزيادة التنسيق بين الرياض وتل أبيب، فالسعودية رأت في إسرائيل الجهة الوحيدة في المنطقة القادرة على كبح جماح التطلعات الإيرانية".

ونقل عن دبلوماسيين غربيين أنه "بعد أسابيع من ذلك التاريخ، حصل تطور دبلوماسي كبير تمثل بوصول طائرة خاصة إلى مطار الرياض تقل في داخلها تامير باردو الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي، ما شكل اختراقا حيويا في علاقات الجانبين، لأن معظم اللقاءات السرية التي عقدها المسئولون السعوديون والإسرائيليون في سنوات سابقة كانت تجري في دولة ثالثة، أما اليوم فإن مسئولا إسرائيليا كبيرا يصل إلى الرياض، ويلتقي بنظرائه السعوديين، مما يعني كسرا لأحد محرمات السعودية".

وأشار أن "بندر بن سلطان كان في استقبال باردو، الذي طلب منه نقل سؤال إلى نتنياهو، مفاده التالي: هل أنتم الإسرائيليون الذين قاتلتم في حرب 1967 أم أولئك الذين قاتلوا في حرب لبنان الثانية 2006، وقد كان لقاء دراماتيكيا بين الرجلين، وربما اللقاء الأكثر أهمية في علاقات الرياض وتل أبيب حتى اليوم".

وأوضح أن "صيف العام 2014 شهد اندلاع حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد 2014، وفي يومها الأخير اقترحت السعودية على إسرائيل مبادرة يطلقها نتنياهو مع وزير الخارجية السعودي اعتمادا على المبادرة العربية للسلام، على منصة الأمم المتحدة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبعد شهر من ذلك، يعلن الجانبان نهاية الصراع، وتجدد المفاوضات، على أن تقود السعودية عملية دولية لإعادة إعمار غزة".

وأكد أن "سبتمبر 2014 شهد لقاء سريا بين نتنياهو وبندر في دولة ثالثة، حيث طلب الأخير إطلاق عملية سلام فلسطينية إسرائيلية، للتفرغ للملف الإيراني، وخلال اللقاء الذي استغرق عشر ساعات، تحمس نتنياهو، واتفقا على التحضير لعقد القمة المذكورة في الأمم المتحدة، وبعد أيام من هذا اللقاء انعقدت لقاءات جديدة بين مستشاري الرجلين، وعرض كل طرف نقاطه المطلوبة، لكن نتنياهو رفضها، ورد بالسلب، الأمر الذي أسفر عنه تعثر المفاوضات من جديد".

من جديد، يضيف التحقيق الإسرائيلي، "وصل نتنياهو إلى الأمم المتحدة في سبتمبر 2014، ليس ليعرض مبادرة مع السعودية، وإنما لإلقاء خطاب جديد، ذكر فيه أنه لا يجب الاكتفاء بالحديث عن تل أبيب ورام الله، بل ضرورة ان يشمل القاهرة وعمان والرياض وأبو ظبي، لكن السعوديين شعروا بالإهانة الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى، وحملوا نتنياهو مسئولية إفشال مبادرتهم".

وأوضح أن "نوفمبر 2014 وصلت رسالة من الأمير بندر إلى نتنياهو مفادها "أنت كاذب"، مما تسبب بأزمة قطيعة سنة كاملة بينهما".

يعكوب ناغال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي قال إن "وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى موقعه هذا في يونيو 2017 شكل بداية جيدة لاستئناف الاتصالات بين الرياض وتل أبيب، لأنه رأى في إيران عدوا مركزيا لبلاده، ولم يفكر كثيرا كيف تنظر باقي الدول إلى السعودية، وإنما ماذا قد يربحه من العلاقة مع إسرائيل، ولذلك فإن لم يهدر وقتا كثيرا، فقد حارب خصومه، وأجرى إصلاحات قاسية في المملكة، وسعى لتسخين العلاقات مع إسرائيل".

الحاخام مارك شنايير من نيويورك الذي يجري حوارات دائمة بين اليهود والمسلمين، وعينه ملك البحرين مؤخرا مستشارا له للحوار مع الجالية اليهودية، قال إن "ابن سلمان يرى في العلاقة مع إسرائيل فرصة اقتصادية، هو رجل عظيم، مبتسم، ودود، يصافح الجميع، أجرى إصلاحات كبيرة في دولته، يتحكم فيها جيدا".

جيول روزنيبيرغ زعيم أنجيلي، وعمل مستشارا إعلاميا لنتيناهو قبل 20 عاما، يعتبر الإسرائيلي الوحيد الذي التقى ابن سلمان علانية مع زعماء إنجيليين يهود أمريكيين العام الماضي في الرياض، يقول إنه "لا يفكر ماذا تحكي الدول عنه، إنه ينظر إلى إسرائيل بصورة إيجابية ومختلفة".

يختم التحقيق الإسرائيلي حديثه عن بن سلمان بالإشارة إلى أنه "نفذ الخطوة التطبيعية الأولى بين السعودية وإسرائيل عبر إنجاز تاريخي شهده شهر ماس 2018 حين بدأ تسيير رحلات بين الهند وإسرائيل، بحيث تمر الطائرات بينهما عبر الأجواء السعودية، لكن هذه السياسة السعودية الودودة تجاه إسرائيل لم تستمر كثيرا، سواء بسبب الضغوط الفلسطيني، أو قتل الصحفي جمال خاشجقي الذي تورط فيه مساعدو ابن سلمان".

بعكوب ناغال أكد في نهاية التحقيق أن "صديقنا  MBS ، الاسم المشهور لابن سلمان، هو العنصر الحقيقي القادر لإطلاق علاقات سعودية إسرائيلية جدية".

رافيد يرى أن "الإسرائيليين يعتقدون أن بن سلمان سينجو من قضية خاشقجي، وأي رئيس حكومة إسرائيلي قادم سيكون سعيدا برؤيته ملكا سعوديا قادما في قصر اليمامة".

1
التعليقات (1)
حزب الديك الفصيح
الأربعاء، 13-02-2019 03:49 م
النذل يبقى نذل لو تمطر أخلاق

خبر عاجل