طب وصحة

كيف يختلف تذكر الرجال والنساء للألم؟

كشف الباحثون أن الرجال يتذكرون التجارب المؤلمة السابقة بوضوح- هيلث لاين
كشف الباحثون أن الرجال يتذكرون التجارب المؤلمة السابقة بوضوح- هيلث لاين

نشر موقع "هيلث لاين" الأمريكي تقريرا، تحدث فيه عن الطريقة التي يتذكر بها كل من الرجل والمرأة الألم. وعلى الرغم من أن الرجال يتحملون الألم بشكل أفضل من النساء، إلا أن الأبحاث الجديدة كشفت أنهم أكثر انزعاجا وتذمرا عندما يتعلق الأمر بكيفية تذكرهم لذلك الألم.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الدراسة الجديدة التي نشرت على مجلة "كارنت بيولوجي" قدمت تقييما حول كيفية تصور الإنسان والفئران، ذكورا وإناثا، للألم. وقد كشف الباحثون أن الرجال وذكور الفئران يتذكرون التجارب المؤلمة السابقة بوضوح، وأظهروا توترا وحساسية شديدة عند عودتهم إلى المكان ذاته الذي عايشوا فيه الألم. لكن هذا التوتر لم يظهر لدى النساء وإناث الفئران.

وتجدر الإشارة إلى أن الدراسات حول الألم من شأنها أن تساعد الباحثين على معرفة ما إذا كانت ذاكرة الألم هي العامل الدافع وراء هذا الشعور المزمن. وقد يمكنهم هذا الأمر من علاج الأسباب التي تدفع بالأشخاص إلى تذكر الألم.

وأضاف الموقع أن الباحثين قاموا بإجراء اختبارات شملت 41 رجلا و38 امرأة تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنة. ونقل المشاركون إلى غرفة خاصة، ووضعت على سواعدهم أداة ساخنة. وقد قيّم المشاركون الألم الذي يشعرون به على مقياس من 100 نقطة.

بعد فترة وجيزة، وضعوا أداة قياس ضغط دم مضخمة، ومارسوا الرياضة لمدة 20 دقيقة. خلال اليوم التالي، عاد المشاركون إلى غرفة الاختبار الأولى. وقد قيم الرجال ألم الحرارة بدرجة أعلى بالمقارنة مع ما شعروا به خلال اليوم السابق، في حين لم تقيم النساء درجة الألم الذي شعرن به بالمرتفعة.

حيال هذا الشأن، قال جيفري موغيل، كبير مؤلفي الدراسة: "كان هناك سبب يجعلنا نتوقع بأننا سنشهد زيادة في ما يتعلق بالحساسية تجاه الألم خلال اليوم الثاني من التجربة، لكن لم يكن هناك سبب يجعلنا نتوقع أن تقتصر هذه الحساسية على الذكور".

وأفاد الموقع بأن الباحثين أرادوا إثبات أن الألم ازداد بسبب ذكريات الألم السابق. لذلك، حقنوا عقارا يعرقل الذاكرة في أدمغة الفئران الذكور. وعندما أجروا التجربة، لم تظهر تلك الفئران علامات تدل على الألم. وقد أوضح الباحثون أن هذا الاستنتاج مهم؛ لأن الدلائل تشير إلى أن الألم المزمن يمثل مشكلة في حال تذكره.

وذكر الموقع أن موغيل أكد عند تطرقه إلى موضوع الشعور بالألم أنه "في الماضي أجريت تجارب الألم على الذكور فقط، لذلك كان من الصعب مقارنة الألم بين الجنسين". وتكشف نتائج هذه الدراسة وجود اختلافات بين الجنسين في كيفية تذكر الألم.

وأضاف موغيل أن "هذا البحث يعزز الفكرة القائلة إن الألم المزمن يعدّ بمثابة مشكلة للذاكرة. ويستطيع الأطباء معالجة الذكريات المرتبطة بالألم وليس الألم فقط. ويمكنهم القيام بذلك عن طريق جلسات علاج نفسية أو عن طريق الأدوية. فعلى سبيل المثال، لجأ الباحثون إلى إعادة صياغة الذاكرة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة. ووفقا للنتائج، يمكن لهذا النوع من العلاج أن يستخدم للتخلص من الألم أيضا.

وأشار الموقع إلى أن الألم المزمن يعد بمثابة مشكلة صحية كبيرة تؤثر على نحو 50 مليون مواطن أمريكي، ويمثل هذا العدد أكثر من 20 بالمئة من السكان البالغين في الولايات المتحدة. وقد انبهر فريق موغيل عند اكتشافهم أن الاختلافات بين الرجال والنساء عند البشر ظهرت كذلك عند الفئران.

وقال موغيل إن "هذه الدراسة كانت حول ذكرى الألم أو التوتر الناجم عن الألم. وقد تذكر الذكور الألم بشكل أفضل من الإناث، وكانوا أكثر توترا عند استرجاعه". وأشار موغيل إلى أن هذا الأمر لا يعني أن الرجال أكثر حساسية للألم، لكنهم يشعرون بنسبة توتر أعلى عند استرجاعه أو تذكره.

وبين الموقع أن موغيل يعتقد أن هناك بعض التفسيرات لاختلاف مستوى التوتر بين الذكور والإناث فيما يتعلق بتذكر الألم. وفي هذا السياق، قال الدكتور صامويل ماكلين، أستاذ علم التخدير وطب الطوارئ والطب النفسي ومدير معهد علاج الصدمات في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، إن "النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تشير إلى أن التطور ربما يكون قد صور كيفية توقع أو تنبؤ الذكور للتجارب المؤلمة المتكررة بشكل مختلف عن النساء". وذكر ماكلين أن الطريقة التي يتوقع بها الأشخاص تجربة ما تؤثر على مقدار الألم الذي يعايشونه أثناء ذلك.

وفي تصريح له، قال ماكلين إن "الأطباء يُنصحون بتجنب استخدام عبارات مثل "سيؤلمك ذلك" أو "ستشعر بوخزة صغيرة" عند إعطاء حقنة من دواء التخدير للمريض؛ لأن تقديم مثل هذه الملاحظات يؤدي في الواقع إلى زيادة تجربة الألم لدى الشخص".

وفي الختام، أفاد الموقع بأن الرجال الذين يعانون من الألم باستمرار بعد معايشتهم لأحداث مؤلمة، على غرار حادث سيارة، لديهم قدرة أقل على التعامل مع الألم مع مرور الوقت، وهو أمر يمكن أن يعزى إلى الاختلافات البيولوجية التي كشفتها هذه الدراسة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

0
التعليقات (0)