سياسة عربية

هؤلاء غابوا عن أول صلاة جمعة بـ"مسجد السيسي".. من حضر؟

مراقبون: الدعاية الإعلامية والحكومية لمسجد الفتاح العليم جاءت بنتائج عسكية- فيسبوك
مراقبون: الدعاية الإعلامية والحكومية لمسجد الفتاح العليم جاءت بنتائج عسكية- فيسبوك

أثارت صفوف المصلين في أول صلاة جمعة يشهدها مسجد الفتاح العليم الذي افتتحه رئيس نظام الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل أيام، الكثير من الانتقادات نتيجة عزوف الجماهير المصرية عن الصلاة في المسجد الذي شهد دعاية ودعما من مختلف مؤسسات الدولة.


وكشف عاملون بشركة المقاولين العرب التي قامت ببناء المسجد، أن تعليمات صدرت من رئاسة الشركة لكل العاملين في مشروعاتها بالعاصمة الإدارية بعدم التغيب عن صلاة الجمعة بالمسجد الجديد الذي يتسع لقرابة 16 ألف مصل، كما منعت الشركة الإجازات في هذا اليوم لضمان حضور العاملين للمسجد.


وفي نفس الإطار قام سلاح المشاة التابع للقوات المسلحة بنقل نزلاء فندق نادي المشاة من محافظات الصعيد والوادي الجديد المتواجدين بالفندق استعدادا للقاء السيسي بقصر الاتحادية يوم السبت، لنقلهم بحافلات خاصة للصلاة في المسجد.


كما أصدرت وزارتي التعليم والشباب تكليفات لمديرياتها بمحافظات السويس والإسماعيلية والقاهرة ومدن بدر والعبور والشروق بالقاهرة والقليوبية، لتوفير حافلات لنقل أعضاء مجالس اتحادات الطلاب بالجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة المتواجدة في هذه المحافظات والمدن.

 

اقرأ أيضا: السيسي يفتتح اليوم مسجدا وكاتدرائية بالعاصمة الإدارية (صور)

الصلاة بالأمر


وعلى صعيد القوات المسلحة فقد صدرت تعليمات لكتائب الإدارة الهندسية وكتائب المنطقة المركزية بالهايكستيب، والجيش الثالث بالسويس، بإرسال مجموعات تمثل هذه الكتائب في الصلاة التي حضرها قيادات المنطقة المركزية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.


كما قامت كل من الإذاعة والتليفزيون المصري، بنقل شعائر الصلاة على كل القنوات والإذاعات الأخرى في بث مشترك، في إطار استعداد المجلس الأعلى للإعلام ووزارة الأوقاف لمشاركة السيسي في أول صلاة جمعة بالمسجد، ولكن الأخير لم يحضر دون إبداء أسباب لذلك من رئاسة الجمهورية.


من جانبه علق الناشط الحقوقي والإعلامي هيثم أبو خليل على المشاهد التي بثتها القنوات المصرية للصلاة عبر حسابه بالفيسبوك قائلا: "صلاة الجمعة من مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية عشان محدش يقول هو المسجد معمول في الصحراء لمين يصلي فيه المسجد ممتلئ ومزدحم بالمواطنين وشوف الصدفة العجيبة إنهم كلهم نازلين بالزي الرياضي الترينينج والأعجب أنهم لونين، بس تنويع اهو عشان محدش يقول دول مش مواطنين عاديين كانوا معديين بالصدفة البحتة فصلاة الجمعة أذنت عليهم".


وعقد آخرون مقارنة بالبذخ الذي شهده إنشاء المسجد ووفاة سيدة عجوز أمام مبنى مدينة المحلة بمحافظة الغربية مساء الخميس الماضي، نتيجة البرد القارس الذي يضرب مصر، وقال آخرون إن تكلفة نجفة واحدة بالمسجد المبني بالصحراء كانت كفيلة لشراء عدة سخانات مياه لطلاب المدينة الجامعية بالأزهر التي شهدت هي الأخرى وفاة أحد طلابها فجر الجمعة نتيجة اغتساله بالماء البارد لعدم وجود سخانات مياه.

 

اقرأ أيضا: هكذا انتقد مصريون تسمية مسجد السيسي بـ"الفتاح العليم"

جدار عازل


وحول ظاهرة عزوف المصلين عن أول صلاة جمعة يؤكد الباحث والداعية الإسلامي أيمن الكفراوي لـ "عربي21" أن هناك علاقة نفسية بين المصلين ومكان العبادة الذي يؤدون فيه شعائرهم، وهذه الحالة النفسية غير مرتبطة بالفخامة والبذخ المنهي عنه في عمارة المساجد، وإنما مرتبطة بالراحة النفسية للمسجد أو مكان العبادة، وهو ما يبرر هذا الغياب الواضح للمصلين عن أول جمعة بمسجد الفتاح العليم.


ويضيف الكفراوي أن الدعاية الإعلامية والحكومية للمسجد جاءت بنتائج عسكية، حيث لم يشعر المواطنون بأن هذا المسجد يمثلهم، أو أنه بالأحرى مساجد لعوام الناس وفقرائهم، وإنما هو مسجد لمن يمتلك سيارة ولديه أموال حتى يستطيع تنظيم رحلة خاصة للصلاة فيه.


ويرى الداعية الإسلامي أن القناعة الشعبية بأن المسجد يتبع السيسي وخاص بأنصاره ومؤيديه وأنه لفئة معينة من ساكني العاصمة الإدارية الفارهة، صنع جدارا بين عموم المصلين وهذا المسجد الرئاسي.


فقدان الثقة


وحسب الباحث السياسي أسامة أمجد، فإن عزوف المصريين عن أول صلاة جمعة بمسجد الفتاح العليم، يمثل رسالة سياسية سلبية للسيسي، فالقضية ليست في مسجد مخصص لأداء الصلوات، وإنما لأن المسجد يعكس السياسة التي يسير عليها النظام، وهي محاولة إقناع الجماهير بنجاحاته المختلفة.


ويضيف أمجد لـ "عربي21" أن المصريين يعيشون أسوأ أوضاعهم الاقتصادية، سواء من حيث ارتفاع الأسعار، أو غياب فرص العمل، وهي الأوضاع المرشحة لمزيد من السوء، وفي المقابل فإن النظام الحاكم الذي يطالبهم بتحمل فاتورة سياسته الاقتصادية، يقوم بإنفاق أكثر من مليار جنيه على مسجد وكنيسة وسط الصحراء، وهو ما يتصادم مع قناعة المصريين التي يرددونها دائما بأن "ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع".


ويرى الخبير السياسي أن ولع السيسي ونظامه بـ"الفشخرة" الكاذبة من خلال الدعاية لإنشائه أكبر مسجد في الشرق الأوسط وأكبر كنيسة في العالم وأعظم مدينة في الكون، وما على شاكلة ذلك في كل المشروعات التي يقوم بها، مقابل الفشل الاقتصادي المتواصل، يرسخ أزمة الثقة بين المواطنين المغلوب على أمرهم وبين النظام السياسي الحاكم، الذي يعتمد على آلته العسكرية والأمنية والإعلامية في ترسيخ أقدامه وإقرار سياساته، بصرف النظر عن آلام الشعب ومشاكله. 

التعليقات (1)
واحد من الناس... حتى الصلاة عند العسكر بالأمر......اللهم ازح عنا هذه الغمة
الأحد، 13-01-2019 07:06 ص
....قولوا آمين