اقتصاد دولي

ترامب يخوض معارك كسر عظام داخلية.. هل يتأثر اقتصاد الخليج؟

اقتصاديون: الأسواق الأمريكية أصبحت في الأسابيع الماضية أكثر عُرضة لاحتمالات الأخطاء السياسية- جيتي
اقتصاديون: الأسواق الأمريكية أصبحت في الأسابيع الماضية أكثر عُرضة لاحتمالات الأخطاء السياسية- جيتي

تشهد الولايات المتحدة الأمريكية عددا من المعارك بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من المؤسسات الأمريكية الرقابية والتنفيذية، وصفها خبراء اقتصاد بمعارك "تكسير عظام"، وسط تساؤلات حول مدى انعكاس تلك المعارك على الاقتصاد الأمريكي وحجم تأثيرها على اقتصاديات الدول المرتبطة به.


وفي تصعيد جديد لحرب التصريحات بين ترامب ورئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، وفي رد على سؤال للصحفيين، اليوم السبت، في مؤتمر بمدينة أتلانتا، بولاية جورجيا الأمريكية، عما إذا كان سيستقيل إذا طلب منه الأول ذلك، قال باول الذي اختاره ترامب ليرأس البنك المركزي الأمريكي منذ فبراير/ شباط الماضي: "كلا".


وأضاف باول، وفقا للأناضول: "سنتحلى بالصبر ونحن نراقب لكي نرى كيف يتطور الاقتصاد"، لافتا إلى أنه "لا يوجد اجتماع مقرر مع الرئيس ترامب".


وتابع قائلا: "لدى الاحتياطي الفدرالي ثقافة متينة جدا للتحرك بعيدا عن السياسة، ونحن نلتزم بتحقيق الأهداف التي حددها القانون بعيدا تماما عن السياسة، واستنادا إلى أفضل تقديرات لدينا (...) هذا ما سنقوم به دائما".


وتزايدت مؤخرا انتقادات ترامب لصناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة بسبب رفع الفائدة، ملمحا لندمه على ترشيح جيروم باول لقيادة المركزي الأمريكي، رغم انخفاض التضخم والأداء القوي لاقتصاد الولايات المتحدة بحسب ما تشير البيانات التي تظهر استمرار معدلات كبيرة للنمو.

 

وفي 25 كانون الأول/ ديسمبر المنصرم، وجّه الرئيس الأمريكي، انتقادات شديدة وعلنية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولباول شخصيا، واتهمه بإلحاق الضرر بالاقتصاد عبر زيادة أسعار الفائدة.

 

اقرأ أيضا: رئيس المركزي الأمريكي متحديا ترامب: لن استقيل من منصبي

الموازنة والجدار


واستمرارا لمعركة الموازنة الأمريكية وبناء الجدار بين ترامب والديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي، دافع الرئيس الأمريكي مجددا عن مشروع بناء جدار حدودي مع المكسيك بكلفة 5 مليارات دولار، مؤكدا أنه مستعد لبقاء الإدارات الفدرالية الأميركية مغلقة طيلة عام أو أكثر.


وأكد ترامب مجددا أن بناء جدار حدودي مع المكسيك هو قضية "أمن قومي" منتقدا تسخيف الأمر ومشددا على "التقّدم" الذي حققته المفاوضات مع خصومه السياسيين، إلا أن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، ولدى خروجه من البيت الأبيض مع الرئيسة الديمقراطية الجديدة لمجلس النواب نانسي بيلوسي أعطيا رواية مغايرة، وتحدثا عن محادثات "متوترة".

 

تحقيقات مولر


يتوقع أن يبقى التحقيق الذي يقوده المدعي الخاص روبرت مولر حول احتمال وجود تواطؤ بين فريق حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتخابية وروسيا، مخيما على البيت الأبيض لمزيد من الوقت بعدما مددت قاضية مهمة هيئة محلفين كبرى سرية تم تشكيلها في سياق التحقيق. 


وفي سياق معرك تكسير العظام بين ترامب وبعض المؤسسات الأمريكية، قررت رئيسة القضاة بأحد المحاكم الفيدرالية، بيريل هاويل، تمديد مهمة هيئة المحلفين الكبرى التي تم تشكيلها في سياق التحقيق الذي يقوده المدعي الخاص روبرت مولر حول احتمال وجود تواطؤ بين فريق حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الانتخابية وروسيا.


وأكد مسؤول من المحكمة الفدرالية في واشنطن، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، أن هاويل أصدرت قرار التمديد بعدما كان من المفترض أن تنتهي مهمة الهيئة البالغة مدتها 18 شهرا اليوم (السبت). لكن لم تصدر معلومات بشأن مدة التمديد وسط تكهنات بأن مولر يقترب من إنجاز تحقيقه.

 

تكسير عظام


ومن ناحيته، قال نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون الاستثمار سابقا، ورئيس مجلس إدارة بورصة عمان، جواد العناني، إن الولايات المتحدة الأمريكية تشهد العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية على خلفية معارك تكسير العظام الدائرة بين ترامب وبين عدد من المؤسسات الأمريكية، ومنها مجلس النواب الأمريكي.


وأكد العناني، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أنه "لولا بيانات التوظيف الأمريكية الإيجابية التي تم الإعلان عنها أمس الجمعة لحقق الاقتصاد الأمريكي بعض من الخسائر وخاصة في أسواق المال على خلفية النتائج السلبية للمعارك بين ترامب وخصومه السياسيين في الكونغرس الأمريكي، خاصة في أزمة الموازنة وبناء الجدار".

 

اقرأ أيضا: ترامب يدافع عن الجدار ويستعد لـ"إغلاق" طويل المدى

وتجاوزت الزيادة في معدلات التوظيف الأمريكية توقعات الاقتصاديين ممن شملهم مسح أجرته مؤسسة (ماركت ووتش) حينما قدروا زيادة فرص العمل بمقدار 182 ألف وظيفة.

 

عكس التوقعات


وذكرت الحكومة الأمريكية أمس الجمعة أن مستويات التوظيف فى أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني كانتا أقوى مما ورد في تكهنات الاقتصاديين.

وسجلت معدلات البطالة 3.9 في المائة خلال ديسمبر الماضي، مرتفعة بذلك عن أدنى مستوياتها منذ 49 عاما البالغ 3.7 فى المائة، حيث زادت نسبة الأمريكيين ممن هم في سن العمل لأعلى مستوى لها فى عام ونصف العام، ما يُعد إشارة إيجابية على تحسن ثقة المواطنين في الاقتصاد الأمريكي وسهولة الالتحاق بالوظائف.


وقفز أجر العامل الأمريكي بمقدار 11 سنتا بنسبة 0.4 فى المائة ليصل إلى 27.48 دولارا لكل ساعة خلال شهر ديسمبر الماضي، إلى جانب ارتفاع الأجور خلال الأشهر الاثني عشر الماضية إلى 3.2 فى المائة وذلك مقابل 3.1 في المائة. 

 

اقتصاديات الخليج


وأضاف العناني خلال حديثه لـ"عربي21": "إذا استمرت المعارك بين ترامب وبعض المؤسسات الأمريكية لفترة كبيرة ستؤثر بلا شك بالسلب على بعض المؤشرات الاقتصادية ليس فقط على مستوى الاقتصاد الأمريكي بل أيضا على مستوى الاقتصاديات المرتبطه به، وخاصة اقتصاديات دول الخليج الأكثر ارتباطا بالاقتصاد الأمريكي من حيث الاستثمارات داخل الولايات المتحدة واحتياطياتها من الدولار وكذلك تسعير النفط والطلب عليه".


وتابع: "إذا تأثرت اقتصاديات دول الخليج قطعا ستتأثر معها اقتصاديات بعض الدول العربية الأخرى ومنها مصر والأردن"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة بدأت تخلق نوعا من الفزع لدى العديد من الدول بسبب سياسات التلاعب التي تنتهجها خاصة في أسواق المال والعملات.

 

التقلبات السوقية


ومن جانبه، توقع خبير الاقتصاد الدولي، وكبير المستشارين الاقتصاديين لمجموعة «اليانز»، محمد العريان، أن يقع الاقتصاد الأمريكي فى ركود خلال عامى 2019 و2020، إذا تُرك لمحركاته الخاصة.


وقال العريان في مقال نشره موقع "إيكونومي بلس" إن "الاقتصاد الأمريكي أصبح في الأسابيع الماضية أكثر عُرضة لاحتمالات الأخطاء السياسية والاضطرابات السوقية، وهذه الجراح الذاتية رغم محدودية حجمها، أصبحت تشكل تهديدا للأسس الاقتصادية للشركات وللاقتصاد، ما يجعلهما أكثر عُرضة لتباطؤ الاقتصاد العالمي".


وأضاف: "مشكلات الاقتصاد الأمريكي تذهب أبعد من التحديات التى تواجه الاقتصادات الرئيسية الأخرى، ويفاقم توقف الحكومة الفيدرالية عن العمل عدم اليقين المرتبط بما أصبح إشارات متخبطة ومحيرة في بعض الأوقات من أهم جهازين لصنع السياسة المالية في الدولة، وهما الفيدرالي ووزارة المالية، ما أثار استياء الكثيرين من المشاركين في السوق".


وأوضح أن الاحتياطي الفيدرالي يركز على مجموعة ضيقة من المشكلات الاقتصادية المحلية، ويقلل من الحاجة الكبيرة لسرعة الاستجابة باستخدام مجموعة أكبر من الأدوات، كما أن جهود وزارة المالية في تعزيز الثقة من خلال مطالبة البنوك بتقديم تقارير عن السيولة لديها خلال نهاية الأسبوع كان لها آثار عكسية، وتسببت في زعزعة استقرار الأسواق.


وتابع: "الأسواق تواجه بالفعل أوضاعا فنية غير مستقرة، ويميل المزيد من المشاركين في الأسواق للتصرف، وكأن الاقتصاد الأمريكي يعاني ركوداً".

التعليقات (0)