سياسة دولية

لهذا تعمق أوروبا علاقاتها مع مصر.. والقلق الحقوقي يتصاعد

يحاول الاتحاد الأوروبي تشجيع مصر على تنفيذ دوريات ساحلية تتخطى مياهها الإقليمية- الرئاسة المصرية
يحاول الاتحاد الأوروبي تشجيع مصر على تنفيذ دوريات ساحلية تتخطى مياهها الإقليمية- الرئاسة المصرية

يجري الاتحاد الأوروبي مفاوضات مع مصر من أجل إبرام اتفاق بشأن مكافحة الهجرة غير النظامية وأنشطة المهربين، حسبما كشفت مصادر أوروبية وعربية رفيعة المستوى.

وقالت مصادر إن المفاوضات بدأت بالفعل خلال اجتماعات مجلس الشراكة المصري الأوروبي الذى انعقد في بروكسل، برئاسة وزير الخارجية المصرى سامح شكري والممثلة العليا للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، الخميس الماضي.

ومن المقرر أن تبلغ المفاوضات ذروتها خلال القمة الأوربية العربية المقرر عقدها في مصر في فبراير/شباط المقبل، فيما تتصاعد المخاوف من أن يكون الاتفاق المرتقب على حساب تجاهل أوروبا لـ"الانتهاكات الحقوقية" في مصر.

ويحاول الاتحاد الأوروبي تشجيع مصر على تنفيذ دوريات ساحلية تتخطى مياهها الإقليمية، لأول مرة، لمكافحة عمليات المهربين وإنقاذ المهاجرين ونقلهم إلى أراضيها، وفق المصادر ذاتها.

وحول المفاوضات مع مصر بشكل اتفاق لمكافحة الهجرة غير النظامية، قال مسؤول أوروبي رفيع المستوى: "الاتحاد الأوروبي عبر في أكثر من مناسبة عن نيته الانخراط بشكل مكثف مع جيرانه لإعادة سيادة القانون للبحر المتوسط من خلال عمليات البحث والإنقاذ وإيقاف عمليات المهربين".

وتابع المصدر، الذى فضل عدم ذكر اسمه: "في هذا الإطار، بدأ الاتحاد الأوروبي محادثات مع مصر على أرفع مستوى حول مكافحة الهجرة غير النظامية".

 

اقرأ أيضا: بعد الإرهاب.. "الهجرة غير الشرعية" ورقة السيسي الجديدة للغرب


وأوضح: "المحادثات بدأت بين الدبلوماسيين المصريين والأوروبيين في مرحلة اللقاءات التحضيرية لمجلس الشراكة، ثم خلال اجتماعات مجلس الشراكة، الخميس، بحضور وزير الخارجية المصري وموغريني".

وتابع: "المحادثات ستستمر خلال الفترة المقبلة وصولا إلى القمة الأوروبية العربية المقرر عقدها في مصر في فبراير/شباط المقبل؛ حيث سيكون موضوع مكافحة الهجرة غير النظامية على رأس الأجندة".

وكان البيان الختامي لاجتماعات مجلس الشراكة المصري الأوروبي ذكر الخميس الماضي أن "مجلس الشراكة يثني على الجهود الكبيرة التي تبذلها مصر لوقف الهجرة غير النظامية منذ سبتمبر/أيلول 2016".

وتابع البيان: "يتطلع الاتحاد الأوروبي ومصر إلى تعزيز التعاون بينهما في مجال الهجرة".

وأكدت مصادر دبلوماسية في الجامعة العربية، مشترطة عدم الكشف عن هويتها، أن ملف مكافحة الهجرة غير النظامية عبر المتوسط، يأتي على رأس ملفات القمة الأوروبية العربية في مصر.

بدوره، قال المتحدث باسم الحكومة النمساوية، بيتر لونسكي تيفنتهال، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي وزارها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول: "شمال إفريقيا شريك أساسي للاتحاد الأوروبي في مكافحة عمليات مهربي المهاجرين عبر المتوسط".

وتابع: "جهود مصر تستحق اعترافا خاصا، خاصة عندما يتعلق الأمر بمكافحة الهجرة غير النظامية".

ومضى قائلا: "استنادا إلى تفويض واضح من رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأوروبي، فإن التعاون مع مصر على مستوى مكافحة الهجرة غير النظامية والمستوى الاقتصادي، سيعمق".

 

اقرأ أيضا: الأمم المتحدة: الحكومة البريطانية تشيع أجواء معادية للأقليات

وأضاف: "نحن ندعم بقوة جهود رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك لتنظيم القمة الأوروبية العربية في 24 و25 فبراير المقبل في مصر حول التعاون الاقتصادي ومكافحة الهجرة غير النظامية".

وأكدت الخارجية الألمانية وجود مفاوضات مع مصر حول مكافحة الهجرة غير النظامية، حيث قالت المتحدثة باسم الوزارة ساشا كنتسله إن "هناك محادثات مع مصر بشأن قضية مكافحة الهجرة غير النظامية".

وفيما رفضت المتحدثة الكشف عن محتوى ومضمون المحادثات قائلة "لا نعلق على محتوى محادثات سرية"، فقد كشف موقع "يورو آكتف" الإخباري المعني بأخبار الاتحاد الأوروبي نقلا عن مصادر دبلوماسية أوروبية، إن "الاتحاد يحاول تشجيع مصر على تنفيذ دوريات ساحلية تتخطى سواحلها، لمكافحة عمليات المهربين وإنقاذ المهاجرين".

فيما قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في تقرير نشر قبل أيام، إن النمسا استغلت عقد القمة الإفريقية الأوروبية في فيينا في 17 و18 ديسمبر الجاري، للضغط على مصر التي حضر رئيسها القمة، من أجل التوصل لاتفاق حول مكافحة الهجرة غير النظامية.

وأضافت أن القاهرة ردت بهدوء على محاولات التكتل لإقناعها بتقاسم عبء مكافحة الهجرة غير النظامية وتوسيع الدوريات الساحلية لمواجهة تهريب المهاجرين على طول سواحل شمال إفريقيا، وإنقاذ المهاجرين ونقلهم لمصر.

 

اقرأ أيضا: صمت مصري على توصية برلمان أوروبا بوقف تصدير أجهزة القمع

وحسب الصحيفة ذاتها، فإن مصر تتخوف من تسبب المهاجرين الذين سيتم نقلهم لأراضيها في مشاكل أمنية، وينتهي الأمر ببقائهم فيها لسنوات، في ظل صعوبة ترحيلهم لبلدانهم الأصلية بسبب عدم امتلاك أغلبيتهم لوثائق تثبت هوياتهم.

ولفتت الصحيفة إلى أن خطوة التعاون مع نظام السيسي في مكافحة الهجرة غير النظامية تثير مخاوف بشأن الوضع الحقوقي في مصر؛ معتبرة أن النظام المصري "يُصعد أكثر فأكثر" ضد المعارضة.

ويخشى مراقبون، وفق المصدر نفسه، من أن يكون الاتفاق الأوروبي مع مصر حول الهجرة على حساب تغاضي بروكسل عن "الانتهاكات" الحقوقية في مصر.

إضافة إلى ما سبق، قال المسؤول الأوروبي الرفيع إن هناك أصواتا داخل الاتحاد الأوروبي تتخوف من مبالغة مصر في طلباتها مقابل توسيع دورياتها الساحلية لمكافحة الهجرة غير النظامية.

وتابع بأن القاهرة لم تقبل حتى الآن المشاركة بشكل واسع في مكافحة الهجرة غير النظامية في سواحل شمال إفريقيا، مقابل تعميق التعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات الأوروبية في مصر.

من جهته، قال يوري لاس المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، إنه لن يتفاجأ بمحاولة النمسا فتح المحادثات مع مصر حول الهجرة خلال زيارة السيسي لفيينا، لكنه أضاف: "أي اتفاقات في هذا الصدد يجب أن تتم في إطار التكتل الأوروبي وتوافق عليها الدول الأعضاء".

وأضاف: "المحادثات مع مصر بشأن مكافحة الهجرة غير النظامية بدأت على أعلى المستويات خلال اجتماعات مجلس الشراكة المصري الأوروبي الخميس".

يذكر أن أول تعبير عن رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون مع مصر في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، صدر من المستشار النمساوي سبستيان كورتز، الرئيس الدوري الحالي للاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعات القمة الأوروبية غير الرسمية في مدينة سالزبورغ النمساوية في 20 سبتمبر/أيلول الماضي.

 

اقرأ أيضا: إمنستي تهاجم زيارة السيسي لفيينا بعد تسليم معارض للخرطوم

وقال كورتز آنذاك في تصريحات صحفية: "يجب استغلال الفرصة وبدء تعاون وثيق مع مصر في مكافحة الهجرة غير النظامية".

وتابع: "مصر منعت الهجرة غير النظامية من سواحلها، والآن هناك فرصة سانحة للتعاون في هذا الإطار مع هذا البلد، ويجب استغلالها".

ووفق تصريحات كورتز، تستند رغبة الاتحاد الأوروبي في التعاون مع مصر في هذا المجال، إلى نجاح الأخيرة في منع خروج أي مهاجر غير نظامي من سواحلها باتجاه أوروبا خلال 2018.

وأكدت المتحدثة باسم وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتيكس"، إيزابيلا فيفور، هذه الإحصائية، حيث قالت: "لم نسجل حالة عبور واحدة للبحر المتوسط انطلاقا من السواحل المصرية خلال الفترة بين يناير ونوفمبر 2018، فيما سجلنا 95 ألف حالة عبور للمتوسط من قبل مهاجرين غير نظاميين من السواحل الليبية والمغربية في الفترة ذاتها".

وأضافت: "الوكالة منخرطة في محادثات مع مصر"، لافتة إلى أن "مصر إحدى الدول المشاركة في تقوية التنسيق الاستخباراتي بين الدول الإفريقية وفرونتيكس، وتبادل المعلومات حول أنشطة المهربين".

ولم تكشف إيزابيلا عن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا أوروبا انطلاقا من السواحل المصرية في 2016 و2015 و2017، لكن تقديرات صحفية أوروبية تشير إلى أن بضعة آلاف في المتوسط، كانوا يعبرون البحر سنويا انطلاقا من السواحل المصرية خلال الأعوام الثلاثة.

ومنذ غرق قارب يحمل مئات المهاجرين غير النظاميين، قبالة سواحل رشيد المصرية، في سبتمبر 2016، ما أودى بحياة نحو 200 شخص، فقد نجحت السلطات المصرية في رقابة سواحلها، وخاصة مدينة برج البرلس، بمحافظة كفر الشيخ، أبرز النقاط الساخنة لتهريب المهاجرين، ومنع أنشطة المهربين انطلاقا منها، حسب مراقبين.

التعليقات (1)
مصري
الأربعاء، 26-12-2018 07:19 م
هذا هو الغرب القذر