قضايا وآراء

تساؤلات مشروعة للخروج من التيه

إسلام الغمري
1300x600
1300x600

تعيش ثورات الربيع العربي حالة الإحباط عقب إجهاضها، بسبب معاول هدم وأخطاء داخلية، ومطارق ومشانق الثورات المضادة المدعومة من قوى إقليمية ودولية متربصة بالعالم الإسلامي.

وقد أصيب الكثيرون بانعدام الرؤية، أو ما يعرف بـ"عمى الألوان"، فغابت كثير من المحددات والأولويات التي تميز بين العدو والصديق، وبين المصلح والمفسد، فاختلطت المفاهيم، وضاعت كثير من الحقائق، وتشوشت الرؤية عند البعض، إن لم تكن قد غابت كليا عند البعض الآخر.

وأصبح ما يميز المرحلة الحالية أن ضحايا النيران الصديقة ربما هم أكثر من الضحايا المتساقطين بنيران الثورات المضادة، كما أصبح سوء الظن هو السمة المسيطرة؛ لدرجة أن نرى ما يشبه حاله مرضية (فوبيا)، فأصبح الواحد يخشى أن يتكلم أو يكتب شيئا أو يأخذ موقفا، وإن تأكد صوابه، خوفا من التخوين، بل ولربما التكفير!!! وكأن ما يكتب أو يقال غير مفهوم، لغته أصبحت "لغة طرشان" أو "لوغاريتمات"، فأصبح المرء لا يأمن من إلقاء مجرد السلام؛ خوفا من مصابي عمى الألوان الذين لا يفرقون بين العدو والصديق، أو بين السؤال والجواب!!

أصبحنا نعيش مشهداً عبثيا يعج بالضجيج والصياح؛ اختلط فيه الحابل بالنابل، مشوشا على أصوت السياسيين والمفكرين والحكماء.

وهنا تبرز تساؤلات:

- هل دخلت الحالة الثورية مرحلة من التيه؟

- وهل أصيب البعض بما يشبه عمى الألوان؟

- وما هي الأسباب؟

- وهل من سبيل للخروج من هذا التيه؟

- كما تنبغي الإجابة على الآتي:

- أين نقف؟

- ومع من نقف؟

- وعلى أي أرضية ننطلق؟

- وكيف نحقق تطلعات وإرادات الشعوب؟

ونعني هنا التطلعات النبيلة للشعوب، من قبيل العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وغيرها من مطالب الشعوب المظلومة والمقهورة، والتي تسعي للتحرر والانعتاق من أنظمة الفساد والاستبداد وهيمنة القوي الاستعمارية.

إن المتابع للحالة الثورية في العالم العربي يدرك للوهلة الأولى أنها قد أصيبت بحالة كبيرة من الضعف والترهل والتصدع، سواء كان ذلك بأسباب داخلية أو تحت وقع ضربات الثورات المضادة وحلفائها.

ولعل الخسائر الناجمة عن أسباب داخلية أو ما يعرف بـ"النيران الصديقة" أشد فداحة، ومنها على سبيل المثال:

- الانقسامات الداخلية.

- الفشل في إيجاد مظلة وطنية جامعة.

- الجمود وعدم المرونة، وعدم التمييز بين الثوابت والمتغيرات.

- العيش في الوهم، وعدم الرغبة التعامل مع الواقع.

- الرؤى المتناقضة.

- غياب قياده ملهمة مجمّعة.

- إهدار الرموز والقوى الوطنية.

-  عدم القدرة على استثمار المتاح من الإمكانيات.

- عدم الاستغلال الصحيح للفرص المتاحة.

- الجمود في المواقف (محلك سر).

-  التخوين والهدم الداخلي.

- عدم القدرة على تنقية الصفوف، والسماح بتسلل المتسلقين وبعض النفعيين.

- عدم مراجعة الأخطاء.

- عدم الاستفادة من التجارب.

- تشتيت الجهود، وعدم التركيز على الهدف المركزي، والتشتت في معارك جانبية، داخلياَ أو خارجا.

- العشوائية والفردية والانعزالية، وضعف التنسيق وتبعثر الجهود... إلخ.

أما عن عمى الألوان، فحدث ولا حرج، فأصبح الحال أن المتابع لا يستطيع أن يميز فيه بين العدو والصديق، ولا بين من يريد الصعود ولا الهبوط، ولا بين الهدم ولا البناء.

الخلاصة:

تحتاج قوى الثورة والمعارضة أن تعيد تقييم المرحلة، وتحديد نقاط القوة والضعف لديها ولدى معسكر الثورة المضادة، والسعي لاصطفاف وطني حقيقي؛ يكون قادرا على تلبية المطالب التي طالبت بها جماهير الربيع العربي. وقد نجحت الموجة الأولى للربيع العربي في هدم أنظمة الاستبداد، ولكنها فشلت وأُفشلت في مرحلة البناء.

فهل نستفيد من الدروس الأليمة التي نحياها الآن، استعداداً للجولة الثورية القادمة والتي ستأتي لا محالة؟

وهل سننجح في الحفاظ على المكتسبات ونربح معركة البناء، أم سنظل نلدغ من جحر الأفاعي مرات ومرات؟!

التعليقات (1)
مصري جدا
الثلاثاء، 25-12-2018 05:12 م
الخلاصة ،،، أن منصات القوى السياسية الإسلامية منها والمدنية تجاوزتها طبيعة المرحلة ،، مرحلة ما بعد الثورة وكانت شريكة الإخفاق والفشل وإجهاض الثورة وبصور مختلفة لكن النتيجة كانت واحدة وهي قتل المسار الديمقراطي الوليد وتحويل الحلم إلى كابوس ،،، منصات القيادة للقوى السياسية أنهت دورة حياتها في تصدر المشهد العام وكان ينتظر إجراء عمليات إحلال وتبديل بمستوى يليق بالواقع الجديد والمستقبل المنشود ،، لكنه كالعادة لم يحدث وليس من المنتظر ان يحدث ،، منصات القيادة الحالية لن تسهم في وحدة الصف ولا وضوح الرؤى ولا القيادة الفكرية والميدانية ،، الخلاصة منصات قيادة جديدة ،، تتجاوز أخطاء الماضي وتكون بمستوى الواقع وطموحات المستقبل ،،،منصات قيادة جديدة للحفاظ على الكيانات القائمة او بقايا ها ،،