صحافة دولية

WP: كيف استغلت روسيا الإنترنت لممارسة فنونها الظلامية؟

إغناطيوس: الإنترنت شكلت حلما بالنسبة للجواسيس الروس- جيتي
إغناطيوس: الإنترنت شكلت حلما بالنسبة للجواسيس الروس- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحافي والروائي ديفيد إغناطيوس، يناقش فيه كيف استغلت روسيا الإنترنت لإتقان فنونها الظلامية.

ويقول الكاتب: "تخيل للحظة أن السياسة الأمريكية هي عبارة عن تجربة مخبرية، وهناك عدو أجنبي (لنسمه روسيا)، حيث بدأ التلاعب بأفراد الشعب، مستخدما الجزر والعصي للتحكم في تصرفاتهم، ويطور العدو أدوات لرفع مستوى الغضب والاستياء داخل الفقاعة المخبرية، ويقوم حتى بالاستفادة من شركاء غير متعمدين ليقوموا بمهمات معينة".

 

ويضيف إغناطيوس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "هذه الدراما السياسية القاتمة للقرن الحادي والعشرين ليست مأخوذة من (نص خيالي) وصل إلى هوليود، إنها مختصر تقريرين حول وكالة أبحاث الإنترنت المرتبطة بالكرملين هذا الأسبوع من لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، وتصف الدراستان جهدا روسيا منظما على عدة مستويات لاستخدام الأدوات المتوفرة في مجتمعنا المفتوح كلها لخلق الاستياء وعدم الثقة والفوضى الاجتماعية".

ويعلق الكاتب قائلا: "لمدة قرن، نجح عملاء المخابرات الروسية في خلق واجهات كاذبة، والتلاعب في المجموعات المتضادة، لكن الآن ومع وجود الإنترنت يبدو أنهم يحسنون من هذه الفنون الظلامية". 

 

ويقول إغناطيوس: "حتى في الوقت الذي يتلاعب فيه الكرملين في الخارج فإنه أقدم على تشريع جديد يمنع وصول الأجانب إلى حيزه المعلوماتي، وبحسب القانون الجديد، الذي نشرت عنه التقارير هذا الأسبوع، فإنه يمكن لروسيا أن تتحكم في الرسائل الداخلة كلها إلى البلد، وتمنع أي مواقع مجهولة، وتتحكم خلال الأزمات في الشبكة الروسية من قيادة مركزية واحدة".

 

ويضيف الكاتب: "لو وضعت نصفي التصرف الروسي معا لأصبحت صورة ساحة معركة المعلومات واضحة، كما تستوعبها موسكو: أمريكا بمجالها المفتوح (ومعها أوروبا أيضا)، حيث يمكن التلاعب في هذا المجال بدعاية مدبرة تستغل الانقسامات العرقية والإثنية والسياسية وروسيا مغلقة، حيث يمكن للسلطة أن تخنق أي صوت معارض". 

 

ويشير إغناطيوس إلى أن "مكائد وكالة أبحاث الإنترنت فصلت لأول مرة في التهمة التي وجهها المحقق الخاص روبرت مولر الثالث لثلاثة عشر روسيا، والآن لدينا رواية مفصلة لحجم جهود التدخل الروسية".

ويستدرك الكاتب قائلا: "لكن أرجو أن نتوقف عن تسميتها (تدخلا)، إنها كانت عملية سرية أدخلت مهارات المخابرات الروسية الأسطورية إلى الألفية الجديدة، وتجد قصتها مفصلة بشكل مخيف في دراسة من 46 صفحة لمشروع أبحاث الدعاية الحاسوبية في جامعة أكسفورد، وتقرير من 101 صفحة من إنتاج شركة أمن سايبري اسمها (New Knowledge) وكلاهما تم طلبه من لجنة الشيوخ".

ويلفت إغناطيوس إلى أن "حملة التأثير التي قامت بها وكالة أبحاث الإنترنت في 2013، بدأت باستخدام (تويتر)، بتجربة في أوروبا الشرقية، ثم وسعتها، وقامت الوكالة ما بين عامي 2015 و 2017 بمشاركة مقالات الوكالة على (فيسبوك) و(إنستغرام) من أكثر من 30 مليون مستخدم، بحسب الدراسة التي أجريت في جامعة أكسفورد".

 

وتورد الصحيفة نقلا عن الدراسة، قولها إن "أنشطة وكالة أبحاث الإنترنت صممت لاستقطاب الشعب الأمريكي والتدخل في الانتخابات"، عن طريق تشجيع الأمريكيين الأفارقة على مقاطعة الانتخابات، والدفع باليمين نحو التطرف، و"نشر أكاذيب مثيرة، ومواد تآمرية، وأشكال أخرى من قمامة الأخبار السياسية والمعلومات الكاذبة".

 

ويفيد الكاتب بأن "الروس قاموا بالضغط على المفاتيح كلها، وحاولوا استغلال غضب الأمريكيين الأفارقة عن طريق صفحات (فسبوك) مثل (Blacktivist) و(Black Matters)، ووصلوا إلى المحافظين عن طريق صفحات، مثل (Army of Jesus) و(Heart of Texas) و(Secured Borders)، وقائمة أهم 20 صفحة (فيسبوك) للوكالة هي عبارة عن قائمة بالغضب الأمريكي".

 

وينوه إغناطيوس إلى أن "تقرير شركة (New Knowledge) يكشف الغطاء عن عمليات الإنترنت تلك، ويظهر كيف تم تصوير هيلاري كلينتون ومرشح نائب الرئيس تيم كين على أنهما (فريق الشيطان)، ويظهر كلينتون وعلى رأسها قرنا الشيطان، وكين يحمل علامة حمراء على حبهته، ووجد الباحثون تصويرا لعيسى يلبس قبعة حمراء كتب عليها: (Make America Great Again)".

ويجد الكاتب أن "(إنستغرام) وفر منصة مفيدة للتلاعب في عقول الأمريكيين الشباب، فحساب (Blackstagram) الذي أنشأته الوكالة حصل على 303663 متابعا، فيما حظي حساب (American Veterans) بمتابعة 215680 شخصا، و(Sincerely Black) على 196754 متابعا، و(Rainbow Nation) على 156465 متابعا، وهذه أعلى أربع صفحات (إنستغرام) ذكرت في تقرير(New Knowledge)".

 

ويبين إغناطيوس أن "أنشطة روسيا على الشبكة لم تكن تتعلق فقط بإثارة الانقسامات، إنما كانت الوكالة تحاول تطوير إمكانيات يمكن استخدامها في عمليات سرية لاحقة، وتضمنت إعلانات التجنيد (محاولات للدفع بالناس إلى الشارع للقيام بنشاطات، ومحاولات لجعل الناس يقومون ببيع الوظائف، ومحاولات خبيثة لربط علاقة مع الأشخاص حول تحديات شخصية جدا)".

 

ويكشف الكاتب عن أن "تلك المحاولات تضمنت دعوات لأولئك الذين (يعانون من الإدمان على الاستمناء) إلى (أي مراهق مثلي/ مثلية/ متحول جنسيا يحتاج للحديث مع أحد)، أو لمتابعي (Black Matters) الذين قد يكونون (مؤلفين) أو (مبدعين) أو (مصممين) أو (محامين)، حيث أراد الروس أن ربط مشاركين لا يعرفون مع من يتعاملون للاستفادة منهم مستقبلا".

 

وينقل إغناطيوس عن الدراسة التي قامت بها شركة (New Knowledge)، قولها إن "تجنيد شخص عن طريق استغلال ضعف شخصي.. هو تكتيك معروف عبر التاريخ في عمليات اختراق حركات الاحتجاج.. وخلق فرصا لابتزاز أو التلاعب في هؤلاء الأشخاص في المستقبل". 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الإنترنت شكلت حلما بالنسبة للجواسيس الروس، وطبيعة الانفتاح الثقافي الديمقراطي في الغرب جعلتها هدفا سهلا، ما دام المواطنون غافلين، خاصة عندما يكون حيز الإنترنت الروسي مغلقا، ويجب أن تدق هاتان الدراستان ناقوس الخطر".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)