ملفات وتقارير

ماذا وراء الدعم السعودي لتونس.. هل يعمّق الانقسام الداخلي؟

رئيس حركة النهضة لفت إلى وجود "قطاع طرق" يحاولون إجهاض التحول الديمقراطي لتونس- جيتي
رئيس حركة النهضة لفت إلى وجود "قطاع طرق" يحاولون إجهاض التحول الديمقراطي لتونس- جيتي

تثير حزمة المساعدات السعودية لتونس والتي بلغت قيمتها 830 مليون دولار؛ المخاوف لدى التونسيين من أن يتم توظيفها؛ للتدخل في الشأن السياسي للبلاد التي تشهد أزمة بين أكبر التحالفات السياسية (النهضة ونداء تونس).


ومع تزايد التقارير التي كشفت عن مساعي السعودية والإمارات لإجهاض التجربة الديمقراطية الوليدة في تونس، وفي ظل فض التحالف القائم بين حركتي نداء تونس والنهضة، فجر الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست المخاوف من انقلاب وشيك في تونس قوامه الاغراءات والمال الخليجي.


ونشر الصحفي البريطاني المخضرم، مقالا في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تحدث فيها عن انقلاب خليجي محتمل في تونس، وعن عدم مقاومة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الإغراءات المقدمة له من السعودية والإمارات.

وقال هيرست، في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إنه "ما من شك في أن وجود حركة إسلامية سلمية تتمتع بمهارات سياسية مثبتة في تونس إنما هو بمثابة شوكة في خاصرة الأنظمة الدكتاتورية في الخليج وفي مصر، وهي التي لم تدخر وسعا في محاولة إنهاء تجربة تونس الديمقراطية الغضة". 

وأضاف: "لقد قاوم السبسي إغراءات تلك الأنظمة قبل أربعة أعوام، لكنه لم يعد يقاومها الآن. فقد زار الملياردير المصري نجيب سويرس السبسي في التاسع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني في قصر قرطاج؛ بهدف "تطوير شراكات مع عدد من المؤسسات التونسية". فجّرت الزيارة غضب النشطاء، الذين أطلقوا عليه لقب "عراب الانقلاب المصري".

ومضى هيرست يقول: "ثم وصل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان. ورغم الاحتجاجات التي انطلقت في طول البلاد وعرضها، ووصفت وسائل الإعلام التونسية الزيارة بأنها إهانة لديمقراطية تونس بعد جريمة قتل جمال خاشقجي، إلا أن السبسي وصف ابن سلمان بأنه ابنه، وكال المديح للعائلة الملكية في السعودية، وأعاد التأكيد على "العلاقة الخاصة" بين البلدين".

وكان رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد قال للصحفيين السبت، إن المملكة العربية السعودية تعهدت بمساعدة مالية لبلاده بنحو 830 مليون دولار.


وقال عقب اختتام زيارة للسعودية استمرت ثلاثة أيام، إن "مبلغا قدره 500 مليون دولار من المتوقع أن يستخدم لتمويل الميزانية، بينما سيتم تمويل التجارة الخارجية بمبلغ 230 مليون دولار، وستذهب 100 مليون دولار لتمويل مشروعات". ولم يخض رئيس الوزراء في تفاصيل.

 

اقرأ أيضا: الشاهد: الرياض تعهدت بمساعدة تونس بـ830 مليون دولار

رئيس حركة "النهضة" في تونس، راشد الغنوشي، عزز المخاوف بتحذيره السبت من وجود قطاع طرق يحاولون إجهاض التحول الديمقراطي، دون أن يوضح من قصد بـ"قطاع الطرق".

وقال الغنوشي إنّ "تونس لا تزال في مرحلة الانتقال الديمقراطي التي ستستكمل بإجراء انتخابات 2019 (التشريعية والرئاسية) في موعدها المحدد؛ لتصبح بذلك أول بلد ديمقراطي في العالم العربي".

وأشار في ذات السياق إلى أن "البلاد تعيش حملة انتخابية سابقة لأوانها استعدادا للاستحقاق الانتخابي القادم، تستخدم فيها أسلحة قديمة اعتمدها نظام الاستبداد السابق كالاتهام بالمؤامرات والانقلابات".


ورأى الكاتب والمحلل التونسي جلال الورغي أن المخاوف مشروعة، وموجودة بالفعل بسبب نزعة السعودية وبعض الدول العربية كالإمارات إلى التدخل لإحداث إرباك في التحول اليمقراطي الذي شهدته تونس.

وقال الوغي في حديث لـ"عربي21"، إن نزعة التدخل عبر عنها ولي العهد السعودي صراحة في أكثر من مناسبة، حينما صرح لوكالة بلومبيرغ الأمريكية أن السعودية نجحت في إجهاض الخطر الذي يهدد مصر، في إشارة إلى نجاح الانقلاب على الحكومة والرئاسة المنتخبة بشكل ديمقراطي في مصر عام 2013.


وأضاف: "هنالك الكثير يراقبون زيارة ولي العهد السعودي، ويعتبرون أن الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة التونسية إلى الرياض قد تفتح المجال والطريق لتأثير سعودي وإماراتي في المشهد التونسي، ولا يخفى على أحد أن الإمارات تحاول التدخل في تونس وتحاول إجهاض تجربتها الديمقراطية".

 

اقرأ أيضا: الغنوشي يقر بوجود "قطاع طرق" يحاولون إجهاض تجربة بلاده

وعن الأزمة الناشبة بين نداء تونس وحركة الهضة قال: "كلما توفرت المناخات السلبية في البلاد كلما شكل أرضية خصبة للتدخل الخارجي في البلاد، ليس فقط من دول خليجية وإنما أجنبية أيضا".


واعتبر أن التباين الذي حصل بين نداء تونس وحركة النهضة قد يكون فرصة لمحاولة التدخل أولا لتوسيع الهوة ورفع سقف التجاذبات السياسية، أو لجهة بناء تحالفات تحاول أن تقصي كل الأطراف المحسوبة على الثورة خاصة حركة النهضة التي كانت وما لا زالت مستهدفة بكل هذه المحاولات.


وحذر من أن عودة الانقسامات السياسية وعدم الاستقرار السياسي الذي تشهده البلاد في اللحظة الراهنة قد يساعد بعض الأطراف في إحداث إرباك في المشهد السياسي تماما كما تفعل الجماعات الإرهابية التي تستغل هذه الأوضاع السلبية لتنفيذ عملياتها، لافتا إلى أن الثورات المضادة تستخدم هذه الأجواء للانقاض على تجارب الشعوب.


ولفت إلى أن النموذج التونسي يزعج الكثير من الدول التي لا ترغب في أي تغيير في بلادها، وذلك لخشيتها من انتقال التجارب قد يدفعها إلى استغلال  التجاذبات السياسية على ضوء انتهاء الشراكة بين النهضة ونداء تونس للعب دور تخريبي وتعميق الانقسام في البلاد.

لكن الورغي قال إن تونس استطاعت أن تهمش وتحتوي هذه التدخلات، وستفعل ذلك مرارا مع أي نوايا للتدخل لسبب بسيط وهو أن تونس تقليديا وتاريخيا ترسم سياسة خارجية بعيدة عن الضغوطات وتأثيرات المال وتجاذب العلاقات، خاصة لجهة الدول الخليجية، بالإضافة لسعيها الدؤوب لإقامة منوال اقتصادي مستقل لا يعتمد على جهة بعينها.

وعن حجم المساعدات السعودية المقدمة لتونس، قال: "من الواضح أن حجم المساعدات الاقتصادية لتونس تبدو هامشية جدا، وتكاد لا تكون قيمة لها ولا ترتقى إلى مستويات العلاقات التاريخية بين الرياض وتونس التي تتسم بالودية".

 

اقرأ أيضا: هيرست: تونس مهددة بانقلاب خليجي.. هل يسمح العالم بذلك؟

التعليقات (0)