ملفات وتقارير

"ائتلاف أمان": نصف موازنة السلطة تذهب للأجهزة الأمنية

أظهر التقرير استمرار ثقافة الواسطة والمحسوبية والمحاباة في تقديم الخدمات العامة والتعيينات والترقيات- جيتي
أظهر التقرير استمرار ثقافة الواسطة والمحسوبية والمحاباة في تقديم الخدمات العامة والتعيينات والترقيات- جيتي

أطلق الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، مبادرته لإطلاق خطة وطنية شاملة لمكافحة الفساد في الأراضي الفلسطينية.


جاء ذلك خلال المؤتمر السنوي الذي عقده الائتلاف في رام الله الاثنين، وسط مشاركة واسعة من قبل مؤسسات المجتمع المدني، حيث استعرض المشاركون مؤشرات الفساد في أجهزة السلطة الفلسطينية، وتأثير ذلك على واقع وسير عمل المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية.


مؤشرات الفساد


واطلعت "عربي21" على التقرير السنوي للعام الحالي والذي جاء فيه أن استمرار تعطل المجلس التشريعي منذ العام 2007، أدى إلى فقدان أداة رسمية للرقابة والمساءلة على عمل السلطة التنفيذية، وهو ما ترجم على أرض الواقع بارتفاع حالات التدخل الأمني في الحريات العامة، ومن أشكاله التضييق على الإعلاميين وحجب المواقع الإلكترونية، إضافة إلى ارتفاع معدلات التدخل من قبل السلطة التنفيذية في منظومة القضاء.


وفي مؤشر آخر، أظهر التقرير استمرار ثقافة الواسطة والمحسوبية والمحاباة في تقديم الخدمات العامة والتعيينات والترقيات، إضافة إلى سوء استخدام الموارد والممتلكات العامة واستخدامها لأغراض شخصية، بالإضافة لارتفاع معدلات الرشوة والتكسب الوظيفي في القطاع العام.

 

اقرأ أيضا: سجن وغرامة بحق ناشطين في الأردن بعد شكوى من "رئيس الديوان"


بالتزامن مع ذلك أشارت نتائج استطلاع للرأي للمركز الفلسطيني للبحوث والدراسات المسحية صدرت في20 من أيلول/ سبتمبر الماضي في الضفة الغربية وقطاع غزة  بأن 77 بالمئة من الفلسطينيين يعتقدون بوجود فساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية، في حين يرى 22 بالمئة أن المشكلة الأساسية التي تواجه الفلسطينيين هي تفشي الفساد في المؤسسات العامة.


واقع الموازنة


إلى ذلك أشار مفوض ائتلاف النزاهة والشفافية "أمان" عزمي الشعيبي، أن "الائتلاف أجرى خلال الأشهر الماضية تحليلا للبيانات المالية الحكومية بشأن بنود النفقات، وأظهرت النتائج أن مخصصات غزة من الموازنة للعام 2017 هي أقل من 25 بالمئة، وليست 57 بالمئة كما أدعى رئيس الحكومة رامي الحمد لله بواقع 1.3 مليار دولار من أصل 3.9 مليار دولار هي إجمالي النفقات الجارية في الموازنة العامة للعام الماضي".


في حين انخفض عدد الموظفين في الجهاز الحكومي لهذا العام من 164 ألف إلى 122 ألف بعد إحالة 42 ألف موظف للتقاعد المبكر والتي تركزت في قطاع غزة بنسبة 85 بالمئة، وهذا يعد مخالفة لقوانين العمل التي لا تجيز للدولة أن تقدم على خطوات من شأنها التأثير على الأمان الوظيفي".


وأضاف الشعيبي لـ"عربي21" "قدمنا بتوصيات لمجلس الوزراء بشأن إقرار الموازنة للعام القادم، بأن تأخذ بعين الاعتبار متطلبات مرحلة الانتقال من السلطة إلى الدولة بأن تستحوذ قطاعات الخدمة العامة كالصحة والتعليم وبرامج التشغيل والبنى التحتية والبلديات على حصة أكبر مما عليه الأن، والتقليل من استحواذ قطاع الأمن على نصيب 50 بالمئة من موازنة كل عام والتي تقدر 1.3 مليار دولار، من أصل 2.4 مليار دولار إجمالي فاتورة الرواتب في الموازنة العامة".

 

اقرأ أيضا: النتشة يطالب عباس بسرعة محاكمة دحلان لإنقاذ "فتح" (وثيقة)


وتابع: "ننظر في الائتلاف بقلق جراء ارتفاع معدلات التعيينات العليا في فلسطين لمناصب (رؤساء البلديات ورئاسة السلطة القضائية والنيابة العامة والسفراء والمحافظين)، في ظل إشكاليات ناجمة عن عدم اكتمال بطاقات الوصف الوظيفي التي تحدد شروط شغل الوظيفة وآلية التنافس عليها، فضلا عن تأثير الجانب الشخصي لبعض مراكز النفوذ في اختيار الأشخاص المعينين، ووجود تنافس غير مبدئي بين الأشخاص المتقدمين لشغل هذه الوظائف بهدف الحصول على الامتيازات الخاصة بها".


انتهاك القانون


من جانب آخر، أكد الخبير القانوني نافذ المدهون، أن "تفشي ظاهرة الفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية تأتي انطلاقا من غياب مؤسسات الرقابة على عمل السلطة التنفيذية كالمجلس التشريعي، بالرغم من أن السلطة الفلسطينية كانت قد صادقت على إنشاء هيئة مكافحة الفساد في العام 2010 إلا أن رئيسها رفيق النتشة المقرب من الرئيس ما زال في موقعه منذ 8 سنوات، وهو يعد مخالفة دستورية لهيئة من المفترض أن تكون جهة رقابية تتمتع بشفافية كاملة".


وأضاف المدهون في حديث لـ"عربي21" أن " السلطة الفلسطينية لا تلقي أي اهتمام بالتوصيات التي تقرها المنظمات الحقوقية بشأن شبهات الفساد في عمل الأجهزة الأمنية أو الدوائر الحكومية، وعمليات الاحتيال التي تحدث في عطاءات الشراء، بسبب تغلغل شخصيات نافذة في السلطة تحقق مكاسب مالية وشخصية من وراء هذه الصفقات المشبوهة".


من جانب أخرى، كشف أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية، نصر عبد الكريم، أن "الفساد في الأراضي الفلسطينية يكلف خزينة السلطة 300 مليون دولار سنويا، وهو رقم كبير بالنظر لحجم الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني من العديد من المشكلات ويعتمد أساسا على المساعدات الخارجية".

 

اقرأ أيضا: بتهم فساد.. حكم بسجن دحلان 3 سنوات وإعادة 16 مليون دولار


وأضاف الخبير الاقتصادي في حديث لـ"عربي21" "يمكن اعتبار الفساد في الأراضي الفلسطينية ظاهرة خطيرة نظرا لحجم الانطباع العام لدى العديد من المواطنين عن مؤسسات السلطة، علما بأن أهم أسباب انتشار الفساد في فلسطين يعود إلى تركيز السلطة على العلاقات الخارجية وإهمال الوضع الداخلي، وهو ما زاد من حجم الفجوة بين الواقع وتطلعات المواطنين لتحسين مستوى معيشتهم".


من جانب آخر، يرى النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح، عبد الله عبد الله، أن "السلطة تقر بوجود شبهات فساد في مؤسساتها، ولكنها ليست بالظاهرة المقلقة، وهذا يعود إلى حداثة السلطة في إدارة جهازها الحكومي، وغياب التشريعات بسبب سيطرة حماس على المجلس التشريعي".


وأضاف عبد الله لـ"عربي21" أنه "في المقابل هنالك ديوان الرقابة المالية، وهيئة مكافحة الفساد، وجهاز القضاء، والتعاون المشترك بين المنظمات الحقوقية ووزارة العدل لمتابعة أي خروقات أو تقصير في دائرة معينة، ولكنها ليست بالكفاءة المطلوبة".

التعليقات (0)