ملفات وتقارير

تعديلات الأسد الوزارية: من وزير داخلية "كابوس" لآخر "جزّار"

الرحمون على قوائم العقوبات الأمريكية بسبب ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية- تويتر
الرحمون على قوائم العقوبات الأمريكية بسبب ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية- تويتر

أجرى رئيس النظام السوري بشار الأسد، الاثنين، تعديلات وزارية في حكومته، شملت تسع حقائب، من بينها حقيبة الداخلية، لتتم إقالة وزير يوصف بـ"الكابوس" بالنسبة للمدنيين السوريين المحتجين على النظام السوري، إلى وزير وصفوه بـ"الجزار".

ووفقا لما ذكرته وكالة أنباء النظام السوري، فإن رئيس شعبة الأمن السياسي، والرئيس السابق لفرع المخابرات الجوية في حرستا، خالد الرحمون، تولى حقيبة الداخلية خلفا لمحمد الشعار.

وبحسب مصدر في دمشق لـ"عربي21"، فإنه جرى تعيين الشعار نائبا لرئيس الجبهة الوطنية التقدمية، بعد إقالته من حقيبته الوزارية إلا أنه لم يتسن التأكد من صحة ذلك لا سيما أن النظام لم يعلن عن ذلك بشكل رسمي.

ويعد الشعار "كابوسا" بالنسبة لكثير من السوريين، لا سيما أنه الوزير المتهم بتورطه بشكل شخصي بـ"مجزرة سجن صيدنايا" التي جرت عام 2008، إذ بات السجن يعرف بأنه "مسلخ بشري". 

وتولى الشعار منصب وزارة الداخلية عام 2011، في حكومة عادل سفر، واستمر في شغل منصبه حتى أسبوع من الآن، رغم إعفاء الكثير من الوزراء من مناصبهم خلال السنوات الماضية.

وتم إدراج الشعار على القائمة الأوروبية والأمريكية والعربية للعقوبات، التي تشمل منع السفر وحظر الأموال، أو التعامل معه، بالإضافة إلى 12 وزيرا سوريا آخرين.

ونجا الشعار من تفجير مبنى الأركان في دمشق، في تموز/ يوليو 2012، الذي كان مقرا لاجتماع "خلية الأزمة"، حيث قتلت فيه مجموعة من كبار الشخصيات والضباط التابعين للنظام، وهم: وزير الدفاع حينها، العماد داود راجحة، ونائبه آصف شوكت صهر الأسد، إلى جانب حسن تركماني رئيس الخلية، ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار.

خليفته الرحمون

ومحمد خالد الرحمون الذي خلف الشعار، تجري عليه عقوبات أمريكية كذلك، لارتكابه جرائم بحق الإنسانية، وجرائم حرب في سوريا، ويخضع لعقوبات الخزانة الأمريكية منذ بداية عام 2017، مع 17 مسؤولا وستة كيانات، لدورهم في ارتكاب جرائم وحشية ضد الشعب السوري.

ويعد رحمون أحد أبرز الضباط الأمنين في نظام بشار الأسد والأشد فتكا بالمعتقلين، بحسب ما أكدته شهادات سوريين دخلوا فروعا أمنية كان مسؤولا عنها.

والرحمون من مواليد مدينة خان شيخون في محافظة إدلب عام 1957، ودخل الكلية الحربية وتخرج منها باختصاص دفاع جوي، ثم تم فرزه إلى إدارة المخابرات الجوية، إلى أن تمت ترقيته في عام 2017، وعُيّن رئيسا لشعبة الأمن السياسي، بدلا من اللواء نزيه حسون.

الأشد فتكا بالمعارضين

من جانبه، قال الكاتب والباحث السوري المعارض، محمود عثمان، لـ"عربي21"، إن المفاجأة التي حصلت في عملية تبديل الوجوه التي أجراها الأسد في حكومته، تعيين وزراء متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأشار في هذا الصدد إلى تعيين الرحمون، مشيرا إلى أنه "مجرم حرب"، وأنه سيحاكم عاجلا أم آجلا.

واعتبر أن تعيين الأسد للرحمون، يأتي تأكيدا على نهجه الاستبدادي وأنه مستمر بارتكاب الجرائم، مضيفا أن هناك وزراء آخرين متهمين أيضا بارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

ولفت إلى أن التوقيت بتعيين الرحمون ذو معنى، في ظل الانسداد في الحالة السياسية، لا سيما أن روسيا وراء هذا الأمر، وهي التي تفشل أي حل سياسي، دفعا منها إلى أن يكون حصرا من أستانا، لفرض الحل السياسي الذي تراه مناسبا.

يشار في هذا الصدد إلى ما ذكره مركز "توثيق الانتهاكات في سوريا"، في وقت سابق، أن فرع المخابرات الجوية في حرستا الذي يتبع إلى إدارة المخابرات الجوية، يعد من بين أشرس أجهزة أمن النظام، حيث يتمتع بسلطات واسعة النطاق، تتعدى جميع المواطنين، لتصل إلى أعالي الرتب، من ضمن النظام نفسه.

وبحسب ما أفاد به الناشط السوري أحمد الطيب، فإن الرحمون ذاع صيته بشكل رئيس في ريف دمشق، عندما تولى قيادة فرع المخابرات الجوية الموجود في حرستا. 

وأوضح لـ"عربي21"، أن الذين شاركوا في احتجاجات الغوطة الشرقية وتم اعتقالهم من النظام السوري، تم اقتيادهم إلى الفرع الذي يرأسه الرحمون، ولم يكن رحيما قط بهم.

وأكد أن "شهادات المعتقلين الناجين من فرعه الأمني ذكروا أهوالا يشيب الرأس لسماعها".

ونقلت مواقع معارضة شهادات لسجناء سابقين في الفرع الذي كان يديره الرحمون، وقولهم بأنه كان يموت قرابة أربعة أشخاص من المرض كل أسبوع أو عشرة أيام، وبعضهم الآخر كان يموت أثناء مرحلة التحقيق من شدة التعذيب.

وأفاد مركز "توثيق الانتهاكات" بأن الفرع الذي أداره رحمون كان يمارس بشكل منهجي الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب الشديد للمعتقلين.

 

وحشية الانتهاكات

وأضاف أن من أنواع التعذيب التي مورست ضد معتقلين سوريين في الفرع الذي أداره الرحمون، "الشبح العكسي"، والحرق بالنايلون، والتعذيب في الأعضاء الحساسة، بالإضافة إلى الضرب بالهراوات، والحرق بالولاعات، والدولبة، وجميعها أساليب تهدف لإيذاء المعتقلين جسديا ونفسيا.

وفي عام 2015، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية تقريرا تحدث عن وحشية التعذيب في المعتقلات بسوريا، ومن بينها فرع المخابرات الجوية في حرستا.

وقال التقرير إن التعذيب في فرعي المخابرات الجوية في حرستا، ومطار المزة العسكري، "اشتمل على الاغتصاب والعنف الجنسي". 

وأضاف: "استمرت القوات الأمنية وأجهزة المخابرات باحتجاز الأطفال مع البالغين وتعريضهم للعنف الجنسي ولسوء المعاملة والتعذيب مثلهم مثل المحتجزين البالغين. وكان الأطفال شهودا على أعمال التعذيب العنيفة والقتل في أثناء احتجازهم".

مجزرة الكيماوي

ويتهم الرحمون أيضا الذي وصفه العديد من المعارضين بـ"الجزار"، بالمشاركة في مجزرة الكيماوي التي نفّذتها قوات النظام عام 2013، والتي أودت بحياة نحو 1400 شخص بينهم أطفال ونساء بالغوطة الشرقية.
 
وتفيد معلومات نقلها المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأنه تسلم ملف الكيماوي بعد أن تولاه اللواء علي مملوك سنوات عدة قبل اندلاع الأزمة السورية، وشارك بإعطاء أوامر لقصف المدن السورية بتلك الغازات.


ويعد التعديل الذي أجراه الأسد الثاني منذ تشكيل الحكومة في عام 2016، إذ إنه استبدل مطلع العام الجاري وزراء الدفاع والصناعة والإعلام.

وأوردت وكالة أنباء النظام "سانا"، أن التعديل الوزاري قضى بتعيين: 


- حسين عرنوس وزيرا للموارد المائية 
- عاطف نداف وزيرا للتجارة الداخلية وحماية المستهلك 
- اللواء محمد خالد الرحمون وزيرا للداخلية 
- محمد رامي رضوان مرتيني وزيرا للسياحة 
- عماد موفق العزب وزيرا للتربية 
- بسام بشير إبراهيم وزيرا للتعليم العالي 
- سهيل محمد عبد اللطيف وزيرا للأشغال العامة والإسكان 
- إياد محمد الخطيب وزيرا للاتصالات والتقانة
- محمد معن زين العابدين جذبة وزيرا للصناعة.

وعن التعديلات الوزارية، قال عثمان لـ"عربي21"، إن "الأسد فاقد للشرعية، وبالتالي فهو يحاول أن يصرح بأنه موجود، ويثبت للرأي العام أنه لا يزال على رأس الدولة، ويسير أمور الحكومة، وأنه لا يزال في منصبه بشكل طبيعي، لكن هذا الأمر لن يعطيه الشرعية التي يأملها"، وفق قوله.

وأضاف أن التعديلات حُركت بتكتيك إيراني وروسي مشترك، وسبق أن رأينا المسرحية الكوميدية التي حصلت في حلب، باتهام المعارضة بتنفيذ هجوم كيماوي.

التعليقات (2)
2018
الأربعاء، 28-11-2018 03:34 م
ماتَ كلبٌ في البريّة فاسترحنا من عُواه أنجبَ الملعونُ كلباً فاقَ في النّبحِ أباه
عادل العادل
الأربعاء، 28-11-2018 02:22 م
إن من يعتقد أن هذا النظام الفاسد المجرم سوف يتعلم من التاريخ ويتطور ويدخل الإصلاح مغفل وغبي. هذا النظام تيعشش الفساد والعمالة فيه من رأسه إلى أخمص قدميه. إنه لا يرى في سوريا سوى مزرعة يملكها وشعب من العبيد لخدمته وخدمة أسياده. هذا النظام منذ اليوم الأول لسيطرة حافظ الأسد سيء الصيت على الحكم بدعم من المخابرات البريطانية والإسرائيلية، شن الحرب على الشعب السوري بشتى الوسائل تحت يافطات وطنية كبيرة يمرر من تحتها كل جرائمه، وها هو إبنه الذي ترعرع على يد بريطانيا يسير على هدى أبيه. إنها عائلة من الفاسدين المجرمين الخونة، الذين صنعوا طبقة من الفاسدين المنتفعين المنافقين الذين لا مبدأ عندهم ولا إنتماء ليحموهم ويخدموا مصالحهم على حساب الوطن والشعب.