كتاب عربي 21

الرئيس مرسي والإعلام

آيات عـرابي
1300x600
1300x600

أتصور أنه لم يكن بمقدور أوسع الناس خيالاً في 2013 أن يصدقوا أن المصريين سيقفون طوابير أمام منافذ بيع البطاطس. لا أظن أن أحداً تصور هذه النقلة الخشنة من مرحلة يهاجم فيها الإعلام تعيين نجل رئيس الجمهورية في إحدى الشركات إلى مرحلة يجلس فيها الانقلابي السيسي في استوديو بمدينة الإنتاج الإعلامي ليتحدث عن ابنه في المخابرات وابنه في الرقابة الإدارية ودون أن يجد قناة واحدة تهاجمه. مرحلة يسخر فيها البعض من انخفاض سعر المانجو إلى واقع يستسلم فيه الناس لزيادة أسعار تذاكر المترو سبعة أضعاف. 

 

خلال سنة الرئيس مرسي كان الكثيرون على استعداد للتظاهر أمام القصر الجمهوري مطالبين بعزله ومحاكمته على أصغر شيء.

 

إن نظرة سريعة على أحداث السنة التي تلت انتخاب الرئيس محمد مرسي وأحداث يوم عادي من أيام النكبات التي تعيشها مصر من بعد الانقلاب، كفيلة بإصابة الكثيرين بالدوار. الفرق بين مرحلة يصطحب فيها الرئيس صحفية محتجزة في السودان ويأتي بها على متن طائرته ومرحلة يحاول فيها البعض الفرار من مصر على متن قارب بصورة غير شرعية، مرحلة وصلات السخرية المنفلتة على كل القنوات من مشهد الرئيس مرسي وهو ينظر في ساعة يده إلى مرحلة المانشيتات الخيالية التي لم يخطر على بال أحد أن يقرأها في الصحف حتى في عهد المخلوع مبارك. سنوات تفصل بين مرحلة التظاهر من أجل إقرار الحد الأقصى للأجور ومحاولة التشبث بالحد الأدنى للحياة في بلد اقتربت كثيراً من حافة المجاعة. 

خلال سنة الرئيس مرسي كان الكثيرون على استعداد للتظاهر أمام القصر الجمهوري مطالبين بعزله ومحاكمته على أصغر شيء. حالة من التنمر والتحفز وضع فيها الإعلام الشعب الذي وجد نفسه بدون مقدمات ينتقل من مرحلة الرؤساء الجبابرة الذين تُغلق الطرق وتتعطل كل مظاهر الحياة كلها لمجرد أن مواكبهم تمر، إلى مرحلة الرئيس الذي يهاجمه الإعلام لأن نجله فكر في التقدم لوظيفة براتب أقل من العادي. 

الإعلام والانقلاب

ويبدو أن المعدة السياسية للشعب لم تستطع هضم هذا التغير الحاد والتعامل معه بهدوء، فتحمل الرئيس مرسي كل غبار السنوات التي سبقته وصار بمجرد انتخابه محاسباً عن كل شيء. لقد لعب الإعلام وما يزال دوراً خطيراً، وليس أدل على هذا من تغير اللهجة فور الانقلاب على الرئيس مرسي، فبعدما كانت كل القنوات تقصف التجربة الوليدة يومياً وبعدما كان الإعلام يحاسب الرئيس مرسي يومياً على كل ما هو مسؤول عنه وما هو غير مسؤول عنه وبعدما كانوا يطالبونه يومياً بالرحيل، صارت نفس القنوات ونفس الإعلاميين يطالبون الشعب بالصبر لأن التركة ثقيلة ومشاكلها لن تُحل بين يوم وليلة ولأن ولأن.
 
إن وتيرة النكبات المتسارعة التي لا يتوقف الانقلاب عن تصديرها للشعب بشكل شبه يومي ربما قد أرهقت ذاكرة الكثيرين فلم يعد بمقدورهم تذكر تلك اللحظات التي عاشوها خلال تلك السنة التي سبقت الانقلاب، حين كانت القنوات تخصص فترتها المسائية للصراخ في وجه الرئيس، وبين هذه اللحظات التعيسة التي يعيشونها الآن والتي يظهر فيها الانقلابي من وقت لآخر ليعنف الشعب.

والإعلام العسكري الموجه هو بلا شك أحد أهم أسباب الوصول إلى هذه الحالة والعجيب أن هذه القنوات هي نفسها التي كانت تقوم بدور تجميل الحياة في عهد المخلوع مبارك وقبل 25 كانون ثاني/يناير والعجيب أن الكثيرين لم ينتبهوا لهذه الحقيقة أو انتبهوا ولم يكترثوا بها. كانت هذه القنوات تمارس دورها التدميري الذي أدى في نهاية الأمر إلى تلك اللحظات في 30 حزيران/يونيو، دون أن يكون هناك إعلام ثوري يصنع نوعاً من التوازن، كانت تجربة الرئيس مرسي بحاجة إلى إعلام قوي يحميها.

 

إقرأ أيضا: مكرم وشركاؤه.. هكذا صنع السيسي آلته الإعلامية لضرب الخصوم

التعليقات (8)
لست إخوانياً
الإثنين، 26-11-2018 08:19 ص
إلى الأستاذ الطيب تريد في عام واحد تحريم الخمر والعري وتحريم الربا فقد ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا عشر سنوات لكلمة لا إله إلا الله وأنت تريد كل هذا في عام واحد المشكلة أن بعد إنكشاف كل تلك الإحداث والتسريبات وإعتراف الإعلاميين بالتآمر وإعتراف بعض قادة العسكر بالتأمر وحتى الفنانين ساهم بعضهم في ذلك وأنت جاي تقول الإخوان
فتحي أحمد
الأحد، 25-11-2018 10:17 م
سؤال لك سيدتي .. هل أنت عايشه في العالم الذي نعيش فيه أم سافرت إلي مكان آخر في الكون .. ؟
الوطن العربي
الأحد، 25-11-2018 08:44 م
كل الاحداث مخطط لها و بدقة و مدفوع لها من الصهاينة العرب كمأجورين لخدمة الكيان الصهيوني ، الهدف ان تكون مصر منهكة و جائعة و تنشغل بلقمة العيش و بهذا يكون خطرها على الكيان الصهيوني قد تم تحييده ، الاعلاميين قذرين و ملوثين الا من رحم ربي منهم ، ركزوا على السلبيات و القديمة منها ليوجهوا الشارع "الرعاع" للتخلص من مرسي و المصيبة ان السياسيين القذرين " اليسار و السلفيين " و طمعا بالوصول الى الكرسي ركبوا موجة التغيير بحركة الانقاذ و ما هي الا الهلاك ، بدعمهم للانقلاب و انتظارهم ان الانقلابي سيسلمهم السلطة بعد تحييد الاخوان ، مصر مكتوب لها عدم النهوض ، فبنهوضها تنهض الامة ، و بنهوضها تقود الامة الى التقدم و ترسم طريق التقدم ، ان يستلم مصر رئيس وطني هذا ضرب من الخيال . هل تتوقع يا "الطيب" ان ينهي مرسي كل المنكرات الموجودة في مصر بسنة واحدة ؟ و هل مرسي فعلا حكم مصر ام ان الدولة العميقة "دولة مبارك " هي التي تدير الدولة ، مرسي كان يضع برامج طموحة لتحقيق نهضة حقيقية لمصر و للعرب و انتظار بداية التحقيق يحتاج فترة الرئاسة كلها ، لكن هم يعلمون ان مرسي سينجح كما نجح اردوغان في تركيا . اللهم انتقم ممن دعم الانقلاب قولا او فعلا او تعاطف معه ، و ان ربك لبالمرصاد ، انا لست اخواني ، لكن اومن باتاحة الفرصة لارادة الشعب .
Mustafa sharshar
الأحد، 25-11-2018 08:41 م
بارك الله فيك ياستاذه
الطيب
الأحد، 25-11-2018 06:42 م
طالما أن الكلمة مسؤولية .. لماذا لم ترد أنت !؟ لماذا تتمحك فى شخص آخر ليرد عنك !؟ لماذا لم تختر سؤال واحد لى لتجيب عليه !؟ إنها الخيبة القوية .. قرأ الجميع كلمتى بمن فيهم صاحبة المقال ولم يستطع أحد منهم الرد .. ياصاحب الكلمة المسئولة ألم أقل فى بداية كلمتى فرحنا بالإنتخاب العظيم !؟ ألم أوضح أننى كنت ممن إنتخب مرسى رغم أنى لست إخوانيآ !؟ يالك من جاهل وتعليقك لم يكن جدير بالرد عليه ولكن أحببت توضيح عقلية شخص من الإخوان .. ربنا يثبتك على ما أنت عليه ويزيدك مما أنت فيه إلى أن تلقاه