مقالات مختارة

ترامب ينفذ التزامات أوباما

وليد شقير
1300x600
1300x600

هل ستغير نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية من سياسة واشنطن تجاه المنطقة، وخصوصا حيال العقوبات الجديدة التي فرضها دونالد ترامب على إيران و«حزب الله» لتدخلاتهما في دول الإقليم، أم إن فوز الحزب الديمقراطي بالأكثرية في مجلس النواب الأمريكي سيبقي على وحدة التوجه إزاءها؟


السؤال طرح في سياق تكهنات بأن إضعاف موقف ترامب عبر خسارته الأكثرية في البرلمان واحتفاظه بها في مجلس الشيوخ، قد يشل حركته ومن ثَمّ قد يفسح المجال لإضعاف ضغوطه على إيران وسياستها الإقليمية.


سرعان ما جاء الجواب من بعض الديمقراطيين أنفسهم والمحللين العرب المتابعين عن كثب للنتائج، بأن لا تعديل في السياسة الأمريكية، لاسيما حيال إيران واستطرادا سوريا، على الرغم من هذه النتائج.


واقع الحال أنه في كل مرة يمر استحقاق انتخابي أمريكي يُسقط المحللون الرغبات على التكهنات حول أثره على السياسة الإقليمية لواشنطن. وقد يكون لأي استحقاق انعكاس بهذا القدر أو ذاك على توجهات الدولة العظمى، لكن الأمر لا ينطبق على القضايا الكبرى والجوهرية، ومنها التشدد تجاه إيران والانحياز لإسرائيل ومصالحها الأمنية والحفاظ على النفوذ الأمريكي في المنطقة. وقد يطال أي تعديل في الموازين الأمريكية الداخلية، القضايا الداخلية أكثر مما يطال الملفات الخارجية. وإذا تأثرت الأخيرة فيكون بأسلوب إدارة الموقف منها الذي يبقى واحدا.


وللتذكير فقط، فإن العودة حتى إلى لغة إدارة باراك أوباما نفسها في ما يخص إيران و«حزب الله»، يجد العائد للأرشيف بذور الموقف الأمريكي الحالي حيال طهران في عبارات كان أطلقها أوباما نفسه في خطابيه الشهيرين (في 14 تموز/ يوليو، وفي 5 آب / أغسطس عام 2015، اللذين برر فيهما للرأي العام الأمريكي والكونغرس موافقته مع مجموعة دول 5+ 1 على الاتفاق مع إيران حول الملف النووي.


فضلا عن أنه أكد في حينه أن طهران ستضطر إلى التخلص من ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي صنعتها لإنتاج اليورانيوم، وأنه يحول دون امتلاكها السلاح النووي في المواجهة معها. قال أوباما في حينه إنه على الرغم من أن إيران ستستفيد من الإفراج عن 56 بليون دولار مجمدة في الدول الغربية، فإن رفع العقوبات بكاملها عنها لن يتم قبل 5 سنوات، وسيكون مشروطا بالتزامها التوقف عن تصدير الأسلحة، وعن برنامجها لتصنيع الصواريخ الباليستية خلال 8 سنوات، وأن الاتفاق «ليس مبنيا على الثقة (بإيران) بل على التحقق... وسنبقي على عقوباتنا المتعلقة بدعمها للإرهاب، وبرنامجها للصواريخ البالستية وخرقها لحقوق الإنسان». ولم يستبعد أوباما في حينه أن يستخدم الحرس الثوري الإيراني المبالغ التي أفرج عنها في «تغذية نشاطاته العسكرية، واستخدام أطراف حليفة لطهران لخلق حروب بالواسطة تهدد استقرار الدول الحليفة في المنطقة». وأضاف: «نحن جديون في مواجهة نشاطاتها التي تهدد الاستقرار الإقليمي... وطريق استخدام العنف والإيديولوجية المتشددة والسياسة الخارجية المستندة إلى التهديد للهجوم على الجيران ولاقتلاع إسرائيل ستصل إلى حائط مسدود». أمل أوباما بأن يدفع الاتفاق أكثرية الشعب الإيراني (بفعل رفع العقوبات) إلى حث حكومته على اعتماد سياسة مختلفة تماما».


خاب ظن أوباما وسقطت توقعاته. وكل ما فعله ترامب من بعده أنه لم ينتظر مهلة الـ 5 سنوات ولا مهلة الـ8 سنوات كي يعود إلى مواجهة السياسة الإيرانية. لقد قصر حكام طهران أنفسهم المهل التي منحتها حماسة أوباما لهم عبر الاتفاق على النووي. فمنذ 2015 استعرت حرب اليمن بمحاولة الحرس الثوري احتلال معظم أراضيه والمناطق الحيوية، ومنها ميناء الحديدة المطل على باب المندب، مهددا الملاحة الدولية عبره. انغمست أكثر في الحرب السورية إلى درجة جعلت فلاديمير بوتين يعترف أمام قادة فرنسا وألمانيا وتركيا الذين التقاهم في قمة اسطنبول، بأنه غير قادر على سحب القوات الإيرانية ومليشياتها من بلاد الشام. 


صعّدت تهديدها لدول الخليج عبر إطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية وعلى دولة الإمارات، وسعت إلى إحكام السيطرة على قرار العراق السياسي بإجراءات ضربت عرض الحائط حتى التوافقات التي تجري تحت الطاولة مع الأمريكيين وحلفائهم هناك، وعززت مساعيها للإطباق على المؤسسات اللبنانية بشتى الوسائل. وهي عبر أذرعها باتت تحول دون استكمال العملية السياسية في أي من هذه البلدان.


لم يفعل ترامب سوى صوغ التزامات أوباما قبل 3 سنوات، بالمطالب الـ12 التي أعلنها وزير خارجيته مايك بومبيو حيال طهران. وسبق لأوباما أن قال في خطابيه المذكورين، إن العقوبات تهدف في النهاية إلى الدفع من أجل المفاوضات، مثلما تقول الإدارة الحالية.

 

عن جريدة الحياة اللندنية 

 

0
التعليقات (0)