صحافة دولية

WP: سيرة الاختطافات السعودية من السعيد إلى خاشقجي

واشنطن بوست: حملة اختطاف وإسكات المعارضين للسعودية في الخارج لم تبدأ بمقتل خاشقجي- جيتي
واشنطن بوست: حملة اختطاف وإسكات المعارضين للسعودية في الخارج لم تبدأ بمقتل خاشقجي- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعده كل من كريم فهيم ولافدي موريس، يقولان فيه إن حملة اختطاف وإسكات المعارضين للسعودية في الخارج لم تبدأ بمقتل خاشقجي، بل إنها تعود إلى عقود طويلة. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن فيصل الجربا هرب من بلده الأصلي السعودية في نهاية العام الماضي، عندما اعتقل راعيه الأمير القوي وبعد وفاة صديق له في ظروف غير عادية، عندما كان معتقلا لدى الحكومة، لافتا إلى أن الجربا كان شيخ قبيلة كبيرة، حيث سافر إلى العاصمة الأردنية عمان وانضم لأقاربه. 

 

ويقول الكاتبان إن هذا لم يكن كافيا، ففي ليلة من ليالي حزيران/ يونيو، احاطت قوات الأمن بيته وأخذته للتحقيق، وأكدت لعائلته أنه سيعود سريعا، إلا أن سلطات الأمن نقلته بعد أيام إلى الحدود مع السعودية، وسلمته إلى السعوديين، بحسب شخصين يعلمان بتفاصيل ترحيل الجربا القسري، الذي لم يتم الكشف عنه من قبل. 

 

وتفيد الصحيفة بأنه لم توجه للجربا أي اتهامات، ولم تتلق عائلته أدلة على بقائه حيا منذ اعتقاله قبل خمسة أشهر، مشيرة إلى أن مقتل الصحافي جمال خاشقجي الشهر الماضي في قنصلية السعودية في اسطنبول جاء ليركز الضوء على ملاحقة المملكة السعوديين في الخارج، من نقادها على الإنترنت إلى المنشقين عن العائلة المالكة. 

 

ويلفت التقرير إلى أن جهود إسكات المعارضين هي أبعد بعقود من وصول ولي العهد محمد بن سلمان، إلا أن الأخير ومنذ تعيينه في منصبه العام الماضي، مارس العملية بحماس وشراسة منقطعة النظير. 

 

وينقل الكاتبان عن مسؤول سعودي، قوله إن محمد بن سلمان جعل من إعادة المعارضين إلى السعودية سياسة دولة، وأكد هذا المسؤول أن العودة يجب أن تتم بالتفاوض لا بالإكراه، مشيرين إلى أن الحكومة السعودية حاولت من أجل إعادة المعارضين إغراءهم، أو التعاون مع دولة صديقة في المنطقة لاعتقالهم، أو حتى القيام بحملات اختطاف وقحة في أوروبا. 

 

وتكشف الصحيفة عن أن عددا من المواطنين السعوديين اختفوا من غرف الفنادق، وتم اختطافهم من السيارات، أو تم تحويل مسار الطائرة التي كانوا يستقلونها، وقال معارض سعودي في ملفات محكمة، إنه حقن في الرقبة، ثم نقل حالا عبر طائرة خاصة من جنيف إلى السعودية، واستطاع بعد سنوات أن يهرب من المملكة، ثم اختطف مرة أخرى، ولم ير بعد ذلك.

 

اقرأ أيضا : تداعيات كبيرة "هزت" الرياض منذ قتل خاشقجي.. تعرف عليها

 

ويورد التقرير نقلا عن ناشطة سعودية في مجال حقوق الإنسان، قولها: "تعلم، يمكن أن يقتلوك، ويدمروا عائلتك، أو يستخدموها ضدك"، تقدمت الناشطة بطلب لجوء سياسي في الولايات المتحدة، وأضافت: "كان الأمر مثل هذا"، وقالت إن ملاحقة محمد بن سلمان الوحشية للمعارضين هزت مجتمع المعارضين الذي يعيشون أصلا الخوف. 


ويقول الكاتبان إن مسؤولا في المكتب الإعلامي السعودي لم يرد مباشرة للتعليق على ما ورد في التقرير، لافتين إلى أن الجربا لم يكن معارضا للحكومة، إلا أن اعتقاله جاء بسبب علاقته مع فرع في العائلة المالكة، الذي فقد التأثير، ولم يعد مرغوبا لدى القيادة السعودية، بحسب ما قال شخصان على علم بظروف اعتقاله.

 

وتذكر الصحيفة أن الجربا كان صديقا قديما ومستشارا للأمير تركي بن عبدالله، نجل الملك عبدالله، مشيرة إلى أن الأمير تركي اعتقل في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، مع مئات رجال الأعمال وأبناء العائلة المالكة، فيما أطلق عليها حملة "مكافحة الفساد". 

 

ويشير التقرير إلى أنه مع أن أصدقاء الجربا وعائلته لم يتصلوا به بعد تسليمه للسلطات السعودية، إلا أنهم كانوا قادرين على جمع تفاصيل الرحلة، بعدما اعتقل من حي عبدون الراقي في عمان، فبعد اعتقاله احتجز الجربا لفترة قصيرة في السفارة السعودية في عمان قبل نقله إلى الحدود، ومن ثم إلى جدة التي قضى فيها عدة أسابيع، وذلك أن المدينة تصبح العاصمة للمملكة في فصل الصيف، ونقل في مرحلة معينة إلى بيت تركي، وطلب منه فتح الخزنات فيه، وهناك تقارير متضاربة حول قدرة الجربا على عمل هذا أم لا. 

 

ويبين الكاتبان أن الجربا شعر بأن عمان ستكون مقرا آمنا له؛ نظرا لكونه شيخ قبيلة، ولعلاقة شمر مع العائلة الهاشمية في الأردن، مشيرين إلى أن متحدثة باسم الحكومة الاردنية لم ترد مباشرة على طلب للتعليق على قضية الجربا. 

 

وتنقل الصحيفة عن شخص اطلع على حالة الجربا، قوله إن المسؤولين الأردنيين أخبروا عائلته بأنهم كانوا عاجزين عن وقف اختطافه، وقال مسؤول أردني: "هذا أمر أكبر منا".

 

أول عملية اختطاف

 

ويشير التقرير إلى أن أول عملية اختطاف دعمتها السعودية تعود إلى 22 كانون الأول/ ديسمبر 1979، عندما اختفى أول معارض سعودي، وهو ناصر السعيد، من بيروت، وهرب السعيد من المملكة عندما سجن لفترة بعدما نظم إضرابات عمالية.

 

واستمر في نقده للدولة من الخارج، ودعم في عام 1979 احتلال الحرم المكي على يد اتباع جهيمان العتيبي، وبعدما اختفى السعيد قالت السعودية، التي كان يحكمها الملك سلمان بن عبد العزيز، إن التقارير التي تتحدث عن اختطافه وإعادته إلى السعودية على متن طائرة خاصة غير صحيحة، ووصفت الحكومة السعيد بالرجل "غير المهم".

 

اقرا أيضا : صحيفة إسبانية: ابن سلمان وضع أسرته بأسوأ أزمة منذ 8 عقود

 

ويستدرك الكاتبان بأنه رغم اختفاء من اختطفتهم السعودية دون ترك أي أثر، إلا أن الأمير سلطان بن تركي بن عبد العزيز، حفيد مؤسس المملكة، كان قادرا على الكشف عن اختطافه، والتقدم بدعوى قضائية ضد مسؤولين سعوديين بارزين في محكمة في جنيف عام 2014، واحتوت الدعوى على تفاصيل عن محاولة اختطاف "وقحة". 

 

وتكشف الصحيفة عن أن الدعوى ذكرت اسم نجل الملك فهد، عبد العزيز بن فهد، ووزير الشؤون الدينية صالح بن عبد العزيز، باعتبارهما الشخصين الرئيسين في الخطة عام 2003.

 

لافتة إلى أن أصدقاء سلطان يصفونه بانه شخصية مثيرة ولافتة للنظر، و"كان يمكن أن يطلب فطيرة فراولة في منتصف الليل، وهو ناقد للحكومة السعودية، ودعا إلى إصلاح اقتصادي، وتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان، وكان في جنيف للعلاج". 

 

وينقل التقرير عن المحامي في بوسطن كلايد بيرغسترسر، الذي وكله الأمير للمرافعة عنه، قوله: "لقد حذر، وطلب منه التوقف والعودة، وقالوا إن الأمور ستكون جيدة"، لكنه رفض، لذلك تم إرسال ابن الملك والوزير لإقناعه، ودعي الأمير لقصر الملك فهد خارج مدينة جنيف، كما قال لقناة فضائية عربية، ووصل إلى المكان مع حرسه الألمان الذين قدموا شهادات.

 

حيث راقبوا سلطان يتحدث مع ابن عمه قرب حمام السباحة قبل أن يدخلا إلى المكتبة دون حرس، وبعد فترة قصيرة حضر خمسة رجال ملثمون، "وقد رمي على الأرض، وحقن بمخدر في رقبته، ووضع في فمه أنبوب"، بحسب محاميه. 

 

ويقول الكاتبان إنه تم إخبار الحرس أنه قرر العودة إلى بلاده طوعا، وبعد سبعة أعوام اعتقل فيها في بيته أو السجن أو المستشفى، سمح له بالمغادرة بعدما أصبح في حالة صحية سيئة، ويعاني من مصاعب تنفس، ووصل إلى بوسطن، وتقدم بدعواه القضائية. 

 

وتستدرك الصحيفة بأن هناك خطأ ارتكب في 31 حزيران/ يونيو 2016، عندما ركب طائرة سعودية نظمتها السفارة السعودية في باريس، حيث دعاه والده للقائه في القاهرة. 

 

ويورد التقرير نقلا عن بيرغسترسر، قوله إن عدسات مسار الرحلة للقاهرة أصبح مشوشا، وهبطت الطائرة في الرياض، و"نقل من الطائرة بالقوة وهو يصرخ ويصيح، ولم أسمع عنه"، وأضاف أن عناصر في حاشية الأمير احتجزوا لأيام ثم أفرج عنهم، مشيرا إلى أنه في الوقت ذاته اختفى أميران كانا يقيمان في أوروبا، وتم الإبلاغ عن هذه الحالات لأول مرة في تقرير لـ"بي بي سي".

 

ويفيد الكاتبان بأن الأمير تركي بن بندر، الذي يعرف بانتقاداته الشديدة ضد العائلة المالكة، بما في ذلك اتهامات بالقتل والتهجير القسري بعد 2015، هرب من السعودية بعد خصام حول الأرض.

 

مشيرين إلى أن هناك أميرا، واسمه سعود بن ناصر، الذي اختفى عندما طالب بإصلاحات في المملكة، ودعم رسالة من أمير مجهول وزعت في عام 2015، تدعو لتغيير النظام، أقنع بركوب طائرة خاصة من إيطاليا، التي اعتقد أنها رحلة عمل، ولم يُعرف ما حدث له.

 

بلاغات من الإنتربول

 

وتورد الصحيفة أن الأمير تركي الفيصل، الأمير البارز الذي يدير مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية، رفض في مقابلة مع موقع "سبونتيك" الروسي، ما يقال عنها "قصة الأمراء"، قائلا إنه تم إصدار بلاغات للشرطة الدولية لإلقاء القبض عليهم، وأضاف: "لا نحب الإعلان عن هذه الأمور لأننا نعدها شأنا داخليا.. طبعا هناك أشخاص عملوا لإحضارهم، لم يختفوا، وهم هنا ويرون عائلاتهم". 


اقرأ أيضا : "آل سعود".. أطول نظام ملكي حكما في العالم العربي (طالع)

 

وينقل التقرير عن حكومة المغرب، قولها إنها رحلت الأمير تركي بن بندر إلى السعودية بناء على بلاغ من الإنتربول، إلا أن الشرطة الدولية أصدرت بيانا، قالت فيه إنها لم تصدر بلاغا للقبض على تركي، ولا الأميرين سعود وسلطان. 

 

ويقول الكاتبان إنه مثل خاشقجي، الذي كان يقيم في فرجينيا، فإن المعارضين يهربون إلى مناطق بعيدة من الشرق الأوسط؛ خشية ألا ترحلهم الدول الحليفة للسعودية.

 

مشيرين إلى أن خاشقجي ناقش في مقابلة مع "واشنطن بوست"، قبل مقتله بأشهر، قصة الناشطة السعودية لجين الهذلول، التي أوقفت سيارتها في آذار/ مارس في أبو ظبي، حيث كانت تدرس وأعيدت إلى السعودية، وطلب منها التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتم اعتقالها بعد عدة أشهر ولا تزال معتقلة، ووصفها الإعلام المؤيد للحكومة بالخائنة. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت ذاته اختطف زوجها فهد البتيري، الممثل الكوميدي، وأعيد من الأردن إلى السعودية، وقال خاشقجي: "هذا استفزاز.. لتلقين الناس درسا وجعلهم خائفين".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)