قضايا وآراء

تداعيات رفع ترمب الغطاء السياسي عن الرياض

1300x600
1300x600
أظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قدرا كبيرا من خيبة الأمل بعد خطاب الرئيس التركي أمام الكتلة البرلمانية التابعة لحزب العدالة والتنمية أول أمس الثلاثاء؛ فالأسئلة التي طرحها الرئيس أردوغان والرواية التركية لاختفاء خاشقجي حظيت بقبول في الساحتين الأوروبية والأمريكية الداخلية؛  لتضع الرئيس الأمريكي أمام استحقاقات مهمة لمعاقبة المسؤولين.

مسألة ألمح إليها وزير الخارجية الأمريكي بومبيو بالإعلان عن منع تقديم تأشيرات للمتورطين في الحادث مع احتمال الإعلان عن المزيد من العقوبات مستقبلا؛ موقف استبقته اليه تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية التي دعت إلى ذات الإجراء أمام البرلمان البريطاني.

أثر الرواية التركية

خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان وتفاعل المجتمع الدولي وعلى رأسها الدول الأوروبية مع الرواية التركية وتبنيها وتبني الأسئلة التي طرحها الرئيس التركي وضعت الرئيس الأمريكي ترمب في حرج كبير؛ إذ لم يجد بدا من مناقشة المسؤولية السياسية في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال وتوجيه الإتهامات لمسؤولين سعوديين كبار ملمحا إلى ولي العهد؛ ومعلنا امكانية تحويل الملف بأكمله إلى الكونغرس الأمريكي ليتخذ الإجراءات المناسبة التي لن يعترض عليها الرئيس الأمريكي أو يعيقها.

الرئيس الأمريكي الذي أوفد مديرة الـ ( CIA) "جينا هاسبل" إلى تركيا كان يتحدث بلغة أكثر حسما خصوصا وأن صحيفة الواشنطن بوست نشرت خبرا تحدث عن اطلاع "هاسبل" على تسجيلات صوتية وأخرى مصورة توثق حادثة الاغتيال؛ إذ لم يعد أمام الرئيس الأمريكي الكثير من الأوراق للمناورة من خلالها ليكتفي بتوجيه النقد لأردوغان بسبب قسوته على المملكة العربية السعودية

خيبة أمل

خيبة الأمل لدى ترمب ورفعة الغطاء السياسي عن المملكة العربية السعودية بدت واضحة مضعفة قدرته على المناورة السياسية؛ خصوصا وأن نتائج الانتخابات النصفية التكميلة للكونغرس لا تبشر بالخير؛ في ظل استطلاعات الرأي التي تؤكد تقدم الحزب الديموقراطي؛ فإخلاء الطرف من المسؤولية يعد محاولة للتملص من الالتزامات الكبيرة التي تجمع الرئيس بالرياض سواء تجاه ايران بتشكيل ناتو عربي اسرائيلي او لصالح صفقة القرن التي عصفت بها الرياح القادمة من الشرق.

لم يبق من استراتيجية الرئيس ترمب الكثير للتعويل عليه في ظل حالة التدهور الكبير في الإقليم والساحة الأمريكية؛ فمعركة الرئيس مع خصومه الديموقراطيين وأزمة خاشقجي التي وصفها بأنها أكثر الأزمات الدولية التي واجهتها إدارته صعوبة؛ صدعت أركان استراتيجيته في المنطقة العربية؛ وأسدلت الستار على استراتيجية احتاجت عامين من العمل المضني بالنسبة لإدارته التي عانت من الانقسامات والصراعات الداخلية.

ختاما خطوات ترمب تجاه أزمة خاشقجي وتجاه صفقة القرن والملفات الإقليمية أصبحت أكثر حذرا وترددا من ذي قبل؛ ما أفقد المملكة العربية السعودية الثقة بقدرته على إيجاد مخرج من الأزمة الآخذة في التبلور دافعة ولي العهد محمد بن سلمان للاتصال بالرئيس التركي أردوغان؛ فترمب لم يعد حليفا يعول عليه في إيجاد مخرج من الأزمة التي اتخذت بعدا دوليا انعكس بقوة على الساحة الأمريكية والأوروبية فتركيا هي الطرف الأقدر على احتواء تداعياتها؛ وهي المرجع في تحديد مسار تطورها؛ حقيقة تعطي روايتها ومسار تحقيقاتها المزيد من المصداقية والفاعلية السياسية.
التعليقات (0)