صحافة دولية

ما هي التداعيات الاقتصادية لقضية خاشقجي على الرياض؟

أزمة خاشقجي أدت إلى ابتعاد العديد من القادة عن المملكة وإلى تضرر البورصة من ذلك- جيتي
أزمة خاشقجي أدت إلى ابتعاد العديد من القادة عن المملكة وإلى تضرر البورصة من ذلك- جيتي

نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على تداعيات قضية خاشقجي على الوضع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية، وخاصة على علاقاتها الدولية ومؤشرات بورصتها.


وقالت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن منتدى استثماريا دوليا هاما قد افتتح يوم أمس الثلاثاء 23 تشرين الأول/ أكتوبر في الرياض أمام حضور باهت. ونتيجة للغضب العالمي الذي أثارته قضية مقتل الصحفي، جمال خاشقجي، كانت العواقب الاقتصادية وخيمة على المملكة العربية السعودية.


وأشارت المجلة إلى أن وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أقر يوم الثلاثاء بأن المملكة العربية السعودية تعيش أزمة حقا. ففي الوقت الذي تراجع فيه عدد أسماء الزعماء الغرب المشاركين في منتدى "دافوس الصحراء" السعودي من 150 إلى 120 اسما، اختفت قائمة الضيوف من موقع مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار".


مع ذلك، تجاوزت التداعيات الاقتصادية لقضية خاشقجي على المملكة العربية السعودية، المقاطعة العامة للمنتدى، الذي لطالما انتظره ولي العهد، محمد بن سلمان، لتصل إلى ابتعاد العديد من القادة عن المملكة وإلى تضرر البورصة من ذلك.


شددت كل من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة من لهجتها تجاه النظام الوهابي. فقد قالت البلدان الثلاثة في بيان مشترك إنه "في حال أرادت المملكة أن تعتبرها هذه الدول بلدا ذا مصداقية، فعليها أن تدعم تفسيراتها بوقائع توضح ما حدث لجمال خاشقجي بالضبط". 


وذهبت ألمانيا إلى أبعد من ذلك، حين أعرب وزير خارجيتها ومستشارتها أن بلادهما مستعدة لتجميد صادراتها من الأسلحة إلى المملكة الوهابية، على خلفية "التفسيرات غير الكافية" التي أدلت بها السعودية حول مقتل خاشقجي، داعية جيرانها الأوروبيين إلى النسج على منوالها.


وأردفت المجلة أنه بالنسبة إلى كندا، بدا رئيس الوزراء جاستن ترودو صارما أمام برلمان بلاده يوم الاثنين 22 تشرين الأول/ أكتوبر في موقفه من السعودية، مشيرا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وأوتاوا، على خلفية انتقادات كندية لاعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة. 


وفي السياق ذاته، صرح ترودو قائلا: "لقد قمنا فعلا بتجميد تصاريح تصدير الأسلحة، عندما شعرنا بالقلق إزاء مجالات استخدامها، ولن نتردد في القيام بذلك مرة أخرى".


وبينت المجلة أنه بالإضافة إلى تداعياتها على علاقات السعودية مع بقية دول العالم، انعكست قضية خاشقجي سلبا على بورصة الرياض أيضا، وكان لتقلب مواقف ترامب من هذا الملف دور في ذلك. فبعد تصريحات الرئيس الأمريكي التي أدلى بها يوم الأحد، 14 تشرين الأول/ أكتوبر، هبطت مؤشراتها بنسبة تجاوزت 7 بالمائة، ثم استقرت على -3.5 بالمائة.

كما فقدت السوق المالية السعودية كل المكاسب التي نجحت في تحقيقها طيلة سنة 2018، بعد خسارة أكثر من 50 مليار دولار من قيمة الرسملة منذ اليوم العاشر من الشهر الجاري. وفي الواقع، لم تشهد الرياض مثل هذه الصدمة منذ سنة 2014.


ونقلت المجلة عن دافيد ريغولي روز، الباحث في المعهد الفرنسي للتحليل الاستراتيجي ورئيس تحرير مجلة "أوريون ستراتيجيك" الفرنسية أنه "منذ تسارع نسق التصريحات بشأن قضية خاشقجي، باع المستثمرون الأجانب، بداية من يوم 18 تشرين الأول/ أكتوبر، ما يعادل 1.1 مليار دولار من الأسهم السعودية. 


وتعتبر هذه العمليات من أهم حركات البيع منذ انفتاح السوق السعودية على عمليات الشراء المباشرة في منتصف سنة 2015. ويعد هذا الأمر مؤشرا على أننا نشهد على هروب "سريع" لرأس المال من البلاد. ويعود ذلك جزئيا إلى شدة الأزمة التي تعيش السعودية على وقعها مؤخرا".


وأوضحت المجلة أن الصعوبات التي يمر بها الاقتصاد السعودي ليست حديثة العهد. ووفقا لريغولي روز، "لا تقتصر المشكلة على هذه الظواهر الحالية. فإذا قمنا بدراسة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سنتوصل إلى طرح العديد من الأسئلة حول أساسيات الاقتصاد السعودي، قبل قضية خاشقجي.


ففي السنوات الأخيرة، خاصة بين سنتي 2016 و2017، عرفت أرقام الاستثمارات الأجنبية المباشرة نوعا من الانخفاض، عندما تراجعت من 7.5 مليارات دولار إلى 1.4 مليار دولار. وبسبب الشكوك العديدة، اختار بعض المستثمرين سحب أموالهم.


وإذا سبقت هذه الاستفهامات قضية خاشقجي، فمن الممكن لهذه الشكوك أن تتحول إلى فقدان ثقة، الأمر الذي يُعد خطرا كبيرا. وفي هذا الإطار، أوضح ريغولي روز أنه "في حال تأثرت صورة محمد بن سلمان جراء قضية خاشقجي المحزنة والصادمة، فمن المؤكد أن خطته الإصلاحية التي تحمل عنوان "رؤية 2030" والمتجسدة في شخص ولي العهد، ستتأثر هي الأخرى بهذه الواقعة".


وذكرت المجلة، على لسان كريم إميل بيطار، مدير الأبحاث في معهد الدراسات الدولية والإستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف في بيروت، أنه "إلى حد الآن، ورغم الحرب في اليمن والحصار المفروض على قطر، عادت علاقات السعودية مع بقية دول العالم إلى طبيعتها تقريبا. وستكون الأيام القليلة القادمة حاسمة لفهم الأثر الحقيقي الذي ستخلفه قضية خاشقجي".

التعليقات (0)