سياسة دولية

الغارديان: الرياض تدفع الملايين لشركات بريطانية لتحسّن صورتها

تحدثت الصحيفة عن أن المملكة العربية السعودية تدفع الملايين لشركات بريطانية من أجل تحسين صورتها - جيتي
تحدثت الصحيفة عن أن المملكة العربية السعودية تدفع الملايين لشركات بريطانية من أجل تحسين صورتها - جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا أشارت فيه إلى علاقة المملكة السعودية المادية مع شركات العلاقات العامة في بريطانيا.

 

وتحدثت الصحيفة عن أن المملكة العربية السعودية تدفع الملايين لشركات بريطانية من أجل تحسين صورتها.


ومن بين المستفيدين مؤسسة علاقات عامة اسمها فرويد، وصحيفة الإندبندنت، ودار نشر فايس ومعهد طوني بلير للتغيرات العالمية.

 

وفيما يلي المقال الذي ترجمته "عربي21" كاملا:


أصبحت لندن مركزا دوليا للشركات والحملات السعودية في مجال العلاقات العامة والتأثير على وسائل الإعلام، الأمر الذي جنت منه بعض الشركات البريطانية ملايين الجنيهات مقابل محاولات تحسين صورة المملكة وحلفائها في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، حسبما كشف عنه تحقيق لصحيفة الغارديان.


طالما كانت سمعة المملكة العربية السعودية مثار خلاف بسبب سجلها في حقوق الإنسان وتورطها في الحرب التي تدور رحاها في اليمن. ولقد تلقت هذه السمعة ضربة قوية خلال الأسبوعين الأخيرين، بعد جريمة القتل التي تعرض لها فيما يبدو صحفي الواشنطن بوست جمال خاشقجي.

 

وفيما يلي ما كشف عنه التحقيق في كيفية تحول لندن إلى بؤرة خلال السنوات الأخيرة لجهود اللوبي التي تستهدف تلميع صورة المملكة:

 

بدأت الآن مؤسسة العلاقات العامة الكبيرة فرويد، التي عملت مع المملكة العربية السعودية، في النأي بنفسها عن المملكة.

 

أثيرت من جديد علامات استفهام حول قرار صحيفة الإندبندنت إقامة شراكة مع ناشر سعودي على علاقة وثيقة بالحكومة السعودية.

 

يشتغل مكتب لندن للناشر فايس، الذي ينشر عبر الإنترنيت، على إنتاج سلسلة من الأفلام التي تروج للمملكة العربية السعودية.

 

تبرعت دار نشر سعودية، تقوم حاليا بتوقيع شراكات مع مؤسسات إعلامية غربية، لمعهد طوني بلير للتغيرات العالمية مقابل استشارات يقدمها للبلاد.

 

تقوم شركة قوامها الموظفون السابقون في مؤسسة العلاقات العامة المنهارة بيل بوتنجر، بتقديم استشارات للدولة السعودية حول استراتيجية الاتصالات.

 

على الرغم من أن بعض الشركات الإعلامية لديها علاقات قديمة مع البلد، إلا أن العديد من مؤسسات الدعاية والعلاقات العامة تسابقت نحو الدخول إلى المملكة بمجرد وصول محمد بن سلمان إلى السلطة، وهو الذي أصبح وليا للعهد في يونيو / حزيران 2017. إلا أن محاولاته تحسين صورة البلد في الخارج باءت بالفشل بسبب اختفاء خاشقجي.

 

وتشمل هذه المؤسسات شركة العلاقات العامة كونسولوم، التي يعمل فيها موظفون سابقون في بيل بوتنجر، التي اشتغلت في برامج للاتصالات مع حكومة المملكة العربية السعودية. من ضمن الشركاء في المؤسسة رايان كويتز، المستشار السابق لنيك كليغ الذي كان أيضا كبير الاستراتيجيين في حملة البقاء في أثناء الاستفتاء على وجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. قال متحدث باسم الشركة إنه لا يمكنهم التعليق على الوضع الحالي للعمل.


شركة فرويد، التي أسسها ماثيو فرويد، هي التي قدمت دعم العلاقات العامة في أثناء إعادة تدشين رؤية 2030 للمملكة تحت قيادة محمد بن سلمان في عام 2016. قال متحدث باسمها هذا الأسبوع إنها لا تعمل حاليا لصالح المملكة العربية السعودية.

 

وتقول المصادر إن مجموعة سي تي، وهي الشركة التي أسسها لينتون كروسبي، المخطط الاستراتيجي في انتخابات المحافظين، هي التي روجت مقالات لزعيم المعارضة القطرية خالد الهيل في الصحافة البريطانية.

 

وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع قطر في حزيران/يونيو 2017، متهمة إياها بدعم الإرهاب وبالاقتراب الشديد من خصم الرياض الأكبر، إيران. وهي التهم التي تنفيها الدوحة.

 

لم تستجب مجموعة سي تي لطلبات متكررة للتعليق على ما إذا كانت قد عملت لصالح الهيل، وما إذا كانت لديها أي اتصالات بالمملكة العربية السعودية أو أي من حلفائها في المنطقة.

 

من مؤسسات العلاقات العامة الأخرى في لندن التي أكدت أنها قامت بأعمال مع الدولة السعودية في الشهور الأخيرة بيجفيلد غلوبال كاونسل، التي قالت إنها لم تعد تعمل مع السعودية. أما ميلتاون بارتنرز، التي يديرها رئيس الاتصالات السابق لدى الأمير تشارلز والمسؤول السابق في نيو ليبر، فقالت إنها ليس لديها حاليا أي عقود مع المنطقة، ولكن ما كانت لتؤكد ما إذا كانت قد عملت مع الدولة السعودية في تنفيذ أي مشاريع خلال العامين الماضيين. وهناك أيضا نيكست سي إن سي، المتفرعة في مكاتبها التي في لندن عن شركة العلاقات العامة الفرنسية بوبليسيز، والتي قالت إنها لم تعمل مع السعوديين منذ مطلع العام.

 

رفضت مؤسسة الإعلان دبلو بيه بيه التعليق عندما سئلت عما إذا كانت قلقة بشأن الوضع في المنطقة، أو عما إذا كانت لديها عقود قائمة مع الدولة السعودية.

 

تقول المصادر في فايس، إن الشركة كان لديها فريق يشتغل على مادة يقصد منها الترويج للمملكة العربية السعودية من خلال مشروع مع مجموعة النشر السعودية إس آر إم جي، التي لديها ارتباطات وثيقة بوزارة الإعلام السعودية. وكان محمد بن سلمان قد التقى بمؤسس فايس شاين سميث في وقت مبكر من هذا العام في أثناء الجولة التي قام بها في الولايات المتحدة.

 

أحد مقاطع الفيديو التي أنتجتها فايس كجزء من الصفقة، صمم للترويج للسياحة وبخاصة لمهرجان الهجن في المملكة العربية السعودية، وتمكن هذا المقطع من تحقيق ملايين المشاهدات على قناة فايس على اليوتيوب. في نهاية الفيلم الذي يمتد إلى نحو من خمسة عشر دقيقة يرد النص على أن الفيديو تم إنتاجه بالشراكة مع إس آر إم جي. قالت فايس إنها احتفظت بالسيطرة التحريرية الكاملة على المواد، إلا أن الصفقة باتت الآن قيد المراجعة.

 

وفي آذار/ مارس من هذا العام، نشر عدد من الصحف البريطانية، بما في ذلك صحيفة الغارديان، إعلانات تروج للأجندة الإصلاحية التي يتبناها محمد بن سلمان.

 

يذكر أن إس آر إم جي، التي عين رئيسها السابق مؤخرا وزيرا  للثقافة مسؤولا عن الترويج لبرنامج التحديث السعودي، ينظر إليها في العادة على أنها عربة القوة الناعمة السعودية في بريطانيا. وبالإضافة إلى نشاطاتها في مجال النشر، فإنها تتبرع لمعهد طوني بلير للتغيرات العالمية لدعم رئيس الوزراء السابق، فيما يقوم به من أعمال ضمن برنامج التحديث السعودي. إلا أن المعهد رفض التعليق على المعلومة.

 

وكانت إس آر إم جي قد وقعت صفقة مع صحيفة الإندبندنت لإطلاق مواقع جديدة بلغة أجنبية تحت العلامة التجارية للإندبندنت في الشرق الأوسط بنهاية العام، بحيث يتم توظيف جميع العاملين من قبل الناشر السعودي. إلا أن الأشخاص الذين تم التواصل معهم لضمان أن تكون هذه المواقع مطابقة لمعايير الإندبندنت، أعربوا عن قلقهم بسبب احتمال أن يقوم الناشر السعودي بالتدخل في العمل التحريري.

 

رفضت صحيفة التلغراف، وهي من كبريات الصحف البريطانية، التعليق على ما يشاع من أنه جرى التواصل معها من قبل مشتر سعودي محتمل في وقت مبكر من هذا العام، بينما أصر متحدث باسم الصحيفة أنها ليست للبيع، قائلا إن أي أسئلة حول أي مسعى للشراء، ينبغي أن توجه إلى السعوديين ليجيبوا عليها.

 

تقول لينا خطيب، رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز الدراسات المعروف باسم شاتام هاوس، إن المملكة قامت بحملة علاقات عامة واسعة النطاق داخل بريطانيا والولايات المتحدة خلال العامين الماضيين منذ وصول ولي العهد الجديد.

 

وقالت إن السعودية اختارت الاستثمار في المحتوى الناطق باللغة الإنجليزية لاستهداف الجمهور البريطاني، بفضل الدعم الذي تقدمه حكومة تيريزا ماي، الأمر الذي "منح المملكة العربية السعودية شعورا بأنها صاحبة اليد العليا في هذه العلاقة"، واستمرار مبيعات السلاح البريطاني إلى المملكة العربية السعودية في أثناء الحرب في اليمن.

 

وقالت خطيب إن المملكة العربية السعودية كانت حريصة على تحسين صورتها في الخارج – وهو العمل الذي باءت نتائجه بالفشل بسبب الأحداث الأخيرة – وكانت قد ناقشت تأسيس مركز بحث وتفكير موال للسعودية في لندن، بعد أن أسست مثيلا له في الولايات المتحدة من خلال منظمات مثل المؤسسة العربية.

 

وقالت خطيب: "نظرا لأن بريكسيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) بات وشيكا، فقد رأت المملكة العربية السعودية فرصة سانحة لتنمية علاقات بريطانيا التجارية والاستثمارية مع المملكة العربية السعودية، في ضوء بحث بريطانيا عن بدائل للسوق الأوروبية الأحادية".

 

امتدت جهود المملكة العربية السعودية إلى ويستمنستر (مقر البرلمان البريطاني)، حيث تلقى عشرات النواب من حزبي العمال والمحافظين رحلات مجانية إلى المملكة العربية السعودية تزيد قيمتها عن مائتي ألف جنيه إسترليني خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث تقدر تكلفة الفرد الواحد لرحلة شاملة النفقات بالكامل ما يزيد عن ثمانية آلاف جنيه إسترليني. كما اشتهر عن البلد إرساله العشرات من السلال الكبيرة المحملة بالهدايا إلى الوزراء وأعضاء البرلمان الموالين.

 

تلقى عضو البرلمان عن حزب المحافظين رهمان كريسيتي ستة وأربعين ألف جنيه مقابل استشارات قدمها لمركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية على مدى عامين إلى أن استقال من منصبه في شهر كانون الثاني/يناير.

التعليقات (0)