قضايا وآراء

إلاَّ الوطن

عادل راشد
1300x600
1300x600

استيقظ بعض المناكيد في السعودية فجأة، وأطلقوا الهاشتاجات وأرسلوا العبارات (إلاٌَ الوطن )، المشايخ تنتفخ أوداجهم ويعلو صراخهم كأنهم في ساح الوغي (إلاٌَ الوطن )، ويرعدون وزبدون ويشغبون على أعداء الوطن.. حنانيكم قد عرفنا أخيراً ما هو الوطن.

 

أدركنا أخيراً أن الوطن ليس الأرض ولا الشعب ولا الحرم، أدركنا أن الوطن ليس من سَجَن العلماء ولااعتقل ، ولا استبد ولا طغي، ولا قهر ولاقمع.

 

أدركنا أن الوطن ليس مَن خطف رئيس وزراء دولة أخري وكاد أن يفعل به مافعل بآخرين، لولا هياج الدنيا عليه لكان سبق خاشقجي إلي دار المستقر.

 

أدركنا أن الوطن لم يخض معارك خاسرة في العراق وسوريا ولبنان ولم يقتل أهلنا في اليمن.

 

أدركنا أن الوطن لم يُموُُل انقلاباً في مصر ويدعم طاغية، ولم يساند انقلاباً في تركيا ويحزن لفشل المنقلب.

 

أدركنا أن الوطن ليس عائلةً ومَن دونهم كأنهم حجر، وأنه إذ تسمٌَي باسم عائلة إنما هو عار في جبين ذاك الوطن.

 

أدركنا الآن فقط أن الوطن عندكم هو ولي نعمتكم أو ولي عهدكم إذ غضبتم له مالم تغضبوا لله قط.

 

أدركنا الآن إذ أعنتموه ليقول بلسان حاله ماقاله لويس الرابع عشر ملك فرنسا ( أنا الدولة والدولة أنا ) فأصبح (هو الوطن والوطن هو ) بعد أن أطراه أمثالكم فخلعتم علي المتهور أوصافاً وألقاباً فهو المصلح الجديد، والقوي العتيد، صاحب القول السديد والحكم الرشيد، ملاحق الفساد ومنقذ البلاد، فلِمَ لا يكون هو الوطن!!! لذلك صدقتم -وأنتم الكَذَبَة - إذ قلتم (إلا الوطن ).

 

أدركنا ياصُنَّاع الطغاة أنكم تأنفون من ذكر سعيد بن جبير، وتطربون لذكر الحجاج بن يوسف، ولم يؤلمكم حبس أحمد بن حنبل، ولاسجن ابن تيمية، ربما فقط اختلفتم في حكم الصلاة عليه إذ مات بالسجن، ولِمَ لا يموت سلمان العودة وسفر الحوالي والمئات غيرهم فهم أعداء (الوطن)!!

 

أدركنا الآن لِمَ لاتأتون علي ذكر حرمة الدماء وقتل الأبرياء، وكيف صورتم ذلك الخاشقجي الخارجي علي أنه نملة، وأن دماءه لا يمكن أن تكون عليكم لعنة واعذرونا لسطحيتنا وسذاجتنا إذ ربطنا بين قدوم طائرتين خاصتين من دياركم المقدسة إلى تركيا العلمانية وعليها خمسة عشر من أرق الناس قلوباً وأزكاهم نفوساً من رجال أمنكم ومعهم كبير طبكم الشرعي ليكون الذبح شرعي فكل شيء عندكم شرعي، وماأظن أن تلك كانت نيتهم حتى مع وجود المنشار إنما هو فقط علامة علي نشر الدعوة، أو منشار يفصل بين الحق والباطل.

 

وعلى سبيل القطع جاؤوا ليجروا حواراً راقياً ، ويوجهوا كلاماً رقيقاً لذلكم المتمرد على أمير المؤمنين وولي عهده الأمين، وليس لنا أن نسأل عن الجثمان فقد طار في الهواء من فرط تأثره بنصائح هؤلاء وقد هوت به الريح في مكان سحيق، وأما قطرات الدماء المزعومة علي جدران القنصلية وبيت القنصل فمن أثر احتكاكه بالجدران حال طيرانه في الهواء واختراقه للأجواء، وقد قاموا بطلائها لتطهيرها حتي تجوز الصلاة فيها علي وقتها.

 

وأما عودتهم فور انتهاء هذا الحوار الهادئ فقد كان لمشاورة أهل العلم هناك في حكم الصلاة علي جسدِِ مفقود وشخص غير موجود أما المنافقون والمديثون والمخنثون كهنة المعبد عَبٍَاد الوثن الذين يتباكون (إلا الوطن ) لن أسألهم سؤالي، هل أدركتم؟ فهم يدركون مايريدون، وما صَنَع الطاغية وعمل على استمراره إلا أربعة ( شيخ ضال مضل، وقاض ظالم، وإعلامي داعر، وشرطي فاجر ).

 

وأما أصحاب الورطة الكبري الذين يبحث لهم كبير بلطجية العالم عن مَخرَج ، ومُخرِج لتمثيلية ( القتلة المارقون )، فأسألهم ، هل أدركتم؟

 

هل أدركتم أن حصاركم لقطر وخسارتكم للكويت يعني تفكيك مجلس التعاون الخليجي محيطكم السني الأقرب، وأن مناوءتكم الدائمة لتركيا تعني خسارتكم لأكبر دولة سنية في المنطقة كان من الممكن أن تكونا معاً أكبر قوة سنية في العالم؟

 

هل أدركتم أن معاداتكم لحماس وأخواتها ووصفهم بالإرهاب وارتماءكم في أحضان الصهاينة لن يصب في مصلحتكم بل يزيد من ولعهم بأخذ المدينة والقدوم إلي خيبر؟

 

هل أدركتم أنكم بحماقتكم أصبحتم بين خيارين أحلاهما علقم، إما إنهاء حكمكم أوتقسيم مملكتكم؟ وهو مخطط قديم نبهنا عليه غير مرة تعمل عليه مراكز دراسات أمريكية منذ سنوات،  وأدوات التقسيم موجودة فالشيعة في المنطقة الشرقية، والحوثيون في اليمن التي قتلتم شعبها وتخشون من البديل الإخواني - حركة الإصلاح - فيزداد الحوثيون قوة وتطال صواريخهم الإيرانية قصوركم، ويحظي هؤلاء وأولئك في الوقت المناسب بدعم شيعة البحرين والكويت، والحشد الشيعي المدرب في العراق الذي زادت قوته بين يدي تدخلكم، وحزب الله في لبنان والذي قويت شوكته أيضاً بتدخلكم، والعقل المدبر والقائد المدرب في إيران.

 

هل أدركتم يوماً أبعاد قانون الجاستا المجهز خصيصاً لكم والأدلة التي يجهزها لكم الأمريكان بضلوعكم في الإرهاب ودعمه ليحصلوا منكم كرهاً ماتبقي من أموال بعد الذي دفعتموه طوعاً لترمب وهو يراقصكم، بخلاف الهدايا والعطايا لإيفانكا وأنتم تسيرون خلفها يحسبكم الناظر إليكم سكاري وما أنتم بسكاري ولكن عذاب النظر إليها شديد؟

 

هل قرأتم تصريح أنور قرقاش وزير ابن زايد والذي قال فيه ( إن السعودية تعاني من تمويل الإرهاب وأنها تحاول الحد منه ) وهو مايعني أن ابن زايد بعد أن زين لكم أعمالكم وصدكم عن السبيل يقول لكم ماكان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم لكل شر فاستجبتم لي، فلاتلوموني..

1
التعليقات (1)
مصري جدا
الخميس، 18-10-2018 05:26 م
يا سيدي هذه ثقافة العرب والمسلمين ،، في السعودية ومصر وغيرهما ،،، بل في كل الكيانات ذات المرجعية الدينية اسلامية مانت او مسيحية او يهودية ،، يختزل الوطن والدولة في شخص الحاكم ،،، فاذا عارضته فانت تعارض الوطن والدولة ،، واذا هاجمته فانت اسآت الى الدولة ،، واذا طالبت برحيله فانت تهدم الدولة ،،، الشعب السعودي او قطاع من الشعب السعودي ليس بدعا من الشعوب العربية بل هي ثقافة واحدة ،، مستمدة غالبا من الدين ،، ولا اعرف هنا هل المشكلة في دينهم اقصد طريقة التدين وفهم الدين او فيهم او في كليهما ، لكن بلا شك هناك مشكلة والدين احد عناصرها ،،،

خبر عاجل