صحافة دولية

وول ستريت: ما تأثير حرب مصر السرية على تنظيم الدولة بسيناء؟

وول ستريت: حرب مصر السرية على تنظيم الدولة تهجر أهالي سيناء- جيتي
وول ستريت: حرب مصر السرية على تنظيم الدولة تهجر أهالي سيناء- جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من جاريد ماسلين وأميرة الفقي، يقولان فيه إن مصر تشن حربا سرية في شبه جزيرة سيناء، مقتلعة في طريقها آلاف الناس، في محاولة من أكبر جيش عربي لتوجيه ضربة قاتلة لتنظيم الدولة في سيناء.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القوات العسكرية قامت بتدمير آلاف البيوت، وحرق الأراضي الزراعية، وقطع آلاف السكان من خلال حصار استمر سبعة أشهر، ما أدى إلى نقص في الأغذية والسلع، حتى تم رفع بعض القيود في أيلول/ سبتمبر، لافتا إلى أن أكثر من 20 ألف عائلة من محافظة شمال سيناء، حيث يقوم الجيش بعملياته، اضطرت إلى الهروب من القتال، بحسب مسؤول مصري يراقب الصراع.

ويفيد الكاتبان بأن الجيش قام بشن حملة في شباط/ فبراير، بناء على أوامر من الرئيس عبدالفتاح السيسي، باستخدام "القوة الغاشمة" لسحق الإرهابيين، بعد هجوم على مسجد في شمال سيناء، الذي وقع في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وأسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص. 

وتذكر الصحيفة أن السلطات المصرية ادعت بعض النجاح مؤخرا، مشيرة إلى أن الهجمات في الأراضي المصرية الرئيسية تراجعت منذ العام الماضي، وقال الجيش إنه قتل أكثر من 300 مسلح منذ بداية الحملة.

 

ويستدرك التقرير بأن الدمار الذي تسببت به عمليات الجيش الانتقامية نفر سكان شمال سيناء، حيث تحتاج الحكومة مساعدة محلية لحرمان المتطرفين من تلك المجتمعات، الذين بايعوا تنظيم الدولة قبل أربع سنوات، من الملاذات.

 

وينقل الكاتبان عن أستاذ مؤيد للهجوم العسكري، قوله بأن هذا التأييد تأثر في حزيران/ يونيو عندما قام الجيش بهدم بيته، مشيرا إلى أن هذا حدث بعد أن غادر هو وعائلته إلى بلدة قريبة هروبا من القتال، وفي الوقت الذي كان فيه معظم سكان قريته البالغ عددهم 4 آلاف شخص غادروا القرية، قام الجيش بتدمير البيوت الخالية خشية أن يستخدمها المتطرفون، وقال الأستاذ: "نؤيد الجيش، لكننا نشعر أن الحرب هي ضدنا وليست ضد الإرهابيين".

 

وتورد الصحيفة مثالا على مدى انتشار هذا الإحباط في شمال سيناء، عندما تسبب هجوم لتنظيم الدول بانقطاع الكهرباء عن آلاف الناس لمدة خمسة أيام، ولام الناس الحكومة لعدم إعادتها الكهرباء بسرعة.

 

ويجد التقرير أن مثل هذا السخط يقوي التمرد، ويساعده على الاستمرار، بالرغم من الهجوم الحالي، بحسب المواطنين والمجموعات الحقوقية والخبراء الذين يتعاملون مع الصراع.

 

وينقل الكاتبان عن مسؤول حكومي غربي يعمل في القاهرة، قوله: "كل أولئك الناس الذين يقتلون هناك، ويأخذون أرضهم، ينتهي الأمر إلى وجود أطفال يتركون بلا مأوى ولا أمل ويميلون للتطرف.. سياسة الأرض المحروقة لم يحصل أبدا أن شكلت حلا لصراع أو أنهته، لكنها تخلق المزيد من الكراهية".

 

وتلفت المجلة إلى أنه تم هدم ما لا يقل عن 3600 بيت في الفترة بين شباط/ فبراير ونيسان/ أبريل، بحسب تقديرات "هيومان رايتس ووتش"، وذلك من تحليل صور الأقمار الصناعية والشهادات من شمال سيناء، مشيرة إلى أن الجيش المصري شكك في تقرير المنظمة، وقال متحدث باسم الجيش لصحيفة مصرية إن التقرير بني على مصادر لا يعتمد عليها.

 

ويورد التقرير نقلا عن الحكومة، قولها إنها تعوض السكان الذين دمرت بيوتهم، وبأنها أنفقت 900 مليون جنيه مصري (50 مليون دولار) تعويضات، بحسب ما قال المتحدث تامر الرفاعي للصحيفة، لكنه رفض التعليق حول الصراع لهذا التقرير. 

 

وينقل الكاتبان عن "هيومان رايتس ووتش"، قولها في تقرير لها إن الحكومة لم تعلن عن إجراءات محددة لعملية التعويض، وبأن الحكومة لم تعرض تعويضات عن الأراضي الزراعية المدمرة.

 

وتقول الصحيفة إن "أحداث الحرب تتكشف في عزلة، فالحكومة تمنع الأشخاص من غير سكان شمال سيناء من دخولها؛ بحجة مخاوف أمنية، وتقطع الاتصال بالمنطقة بشكل روتيني، وكتب هذا التقرير استنادا لأكثر من عشر مقابلات مع سكان من سيناء ومسؤولين مصريين وغربيين".

 

وينوه التقرير إلى أن التمرد الناشئ محليا استمر لسنوات في شمال سيناء، حيث يعترض السكان على عقود من الإهمال الاقتصادي والتمييز الرسمي ضدهم من حكومة القاهرة، لافتا إلى أن بدو سيناء يمنعون من الخدمة في الشرطة والجيش، وهي سياسة تحرمهم من الحصول على الخدمات الحكومية وفرصة لإثبات ولائهم للدولة المصرية.

 

ويفيد الكاتبان بأن المجموعة المتطرفة في سيناء بايعت بعد ذلك بفترة قصيرة تنظيم الدولة عام 2014، وتبنت تكتيكات التنظيم ذاتها، وقامت بشن هجمات مسلحة ضد الأقباط المسيحيين والسياح الأجانب، وقامت في عام 2015 بإسقاط طائرة روسية، وقتل في الحادث 224 شخصا.

 

وتذكر الصحيفة أن التنظيم قام في شمال سيناء بهجمات كر وفر ضد قوات الأمن المصرية والمدنيين، ويتهم بسلسلة من حوادث قتل الشرطة والمسؤولين المحليين في الأشهر الأخيرة، بينهم مرشح سابق للبرلمان ومهندس حكومي وموظف في محطة إذاعة محلية، مشيرة إلى أن هذا العنف زاد من حنق السكان تجاه الحكومة؛ لعجزها عن إعادة الأمن وحماية المؤيدين لها، حتى بعد تسعة أشهر من العمليات العسكرية. 

 

ويورد التقرير نقلا عن حسام الكاشف، وهو أخ المرشح البرلماني السابق الذي قتله المتطرفون في بيته في مدينة العريش في آب/ أغسطس: "إن قمت بشيء للدولة هنا، حتى لو بعتهم ماء، أو دخلت في عقد مع القوات المسلحة، تعد كافرا وتصبح هدفا للمتمردين".

 

ويبين الكاتبان أنه مع منع الوصول إلى بقية الأراضي المصرية، فإن اقتصاد شمال سيناء توقف، بحسب السكان والمسؤولين، وتحدث السكان عن طوابير لشراء الوقود، الذي يباع بالحصص، بالإضافة إلى انقطاعات متكررة للكهرباء.

 

وتنقل الصحيفة عن عضو البرلمان رحمي بكر، وهو مؤيد للسيسي، قوله في رسالة لوزارة المالية تم نشرها في حزيران/ يونيو، إن هناك "تراجعا في الظروف التجارية والمعيشية وفرص العمل"، فيما قال محام من شمال سيناء: "هناك المزيد من نقص الحقوق ومجال أقل للمطالبة بها"، مقارنة بالآخرين في مصر.

 

ويجد التقرير أن سياسة مصر في التعامل مع الصراع أصبحت محل خلاف بين مصر والمسؤولين الأمنيين الأمريكيين، لافتا إلى أن مصر تعد ثاني مستفيد من المساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل، التي وصلها أكثر من 78 مليار دولار منذ عام 1946، لكن المسؤولين المصريين لم يأخذوا بالنصائح الأمريكية بمكافحة التمرد من خلال تدمير أقل وتطوير أكثر لشمال سيناء، بحسب مسؤول أمريكي ومسؤول غربي مطلع على الحوار.

 

ويشير الكاتبان إلى أنه بدلا من ذلك، فإن الطلبات المصرية ركزت على معدات عسكرية جديدة، بما في ذلك جهاز يقوم بالتشويش على القنابل المجمعة بيتيا، يعتقد المسؤولون المصريون أن بإمكان أمريكا توفيره، إلا أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنه غير موجود.

 

وتنقل الصحيفة عن أندرو ميلير، وهو مسؤول سابق في الأمن القومي خلال فترة حكم أوباما، قوله: "من وجهة نظر المصريين فإن المسألة تتعلق بأجهزة، فلو كان لديهم هذا الحل التكنولوجي السحري لحلت المشكلة تماما"، فيما لم تستجب وزارة الخارجية المصرية لطلب التعليق.

 

وبحسب التقرير، فإن مصر قامت بالإعلان عن عدة مشاريع تنمية في شمال سيناء هذا العام، بما في ذلك مخطط لبناء مدينة جديدة، وتنقيب عن الغاز والنفط، لكن معظم الخطط تتعلق بمنشآت بالقرب من قناة السويس بعيدا عن مناطق الصراع، فلا يستفيد منها سكان تلك المناطق.

 

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول أحد سكان العريش: "الحديث عن تطوير سيناء هو مجرد حديث.. لكن ليس هناك أي شيء ملموس من ناحية الخدمات التي هم بحاجة لها".


لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

التعليقات (1)
محمد علي
الثلاثاء، 16-10-2018 09:22 م
هناك كثير من الاكاذيب مثل الطائرة الروسية و الحقيقة ان السيسي هو من وضع قنبلة مؤقته في الطائرة الروسية لتقع في تركيا و يتهم اردوغان انه من اسقطها و لكن الطائرة تاخرت في الاقلاع فسقطت قبل ان تصل لتركيا