قضايا وآراء

مقتل خاشقجي.. ما بين الورطة والهيبة

محمد الشبراوي
1300x600
1300x600
السلطات السعودية بالفعل في ورطة كبيرة لم تكن في الحسبان، وخاصة مع توالي التسريبات من السلطات التركية التي ترى أن هيبة الدولة التركية قد مسها مقتل خاشقجي.

تمديد الوقت ليس في مصلحة السعودية التي تلوذ سلطتها بالصمت؛ الذي يعزز الشبهة تجاه مقتل خاشقجي. وتبدو الرياض كمن حُشر في زاوية ولا يستطيع الحركة أو يمكنه الخروج منها.

قصية خاشقجي بدون شك تمثل فضيحة كبرى على المستوى الأخلاقي والسياسي. لقد أربكت قضية خاشقجي حسابات السلطات السعودية في ظل ردود فعل دولية مباغتة؛ لم يكن صانع القرار السعودي يتوقع أن تكون بهذا الشكل، بينما غابت الدبلوماسية السعودية بشكل غير مسبوق.

في غمضة عين، تراجع تأثير المملكة العربية السعودية، وفقدت الكثير من المتعاطفين معها والمتعاونين. وتتسع دائرة هذا الفقد بصورة توحي أن السعودية من الممكن أن تتحول إلى دولة منبوذة.

صورة السعودية التي أنفقت عليها المليارات لتحسينها أمام الغرب؛ ساءت إلى أقصى درجة في أيام معدودة. ومقتل خاشقجي بهذه الطريقة الغادرة والوحشية؛ قد يكون الضربة القاصمة والريح التي تجعل المليارات التي أنفقت هباء منثورا.

في لندن على سبيل المثال أنفقت السلطات السعودية أموالا غير محدودة لوضع صورة محمد بن سلمان على سيارات الأجرى التابعة لبعض الشركات اللندنية في إطار تحسين صورة ابن سلمان في الغرب، لكن قضية خاشقجي غيّرت تلك الصورة لدى الرأي العام الغربي، والمتابع يرى أن قضية خاشقجي تحولت إلى قضية رأي عام في أمريكا.

من الواضح أن الغرب ينظر إلى قضية خاشقجي بأنها مثيرة للاشمئزاز، خاصة في ظل التسريبات التي تؤكد الغدر بخاشقجي وقتله بطريقة وحشية، وتقطيع جسده بمنشار.

جميع المعطيات والتسريبات تؤكد مسؤولية محمد بن سلمان المباشرة عن اغتيال خاشقجي بهذه الطريقة الوحشية، وهذا بدون شك يعصف بطموحاته نحو سدة الملك؛،في ظل ورطة غير مسبوقة على الإطلاق؛ لا تقف حدودها عند ابن سلمان شخصيا، بل تمتد إلى الدولة السعودية ونظامها الحاكم.

السلطات التركية، وبحسب ما أعلنته مصادر أمريكية، تمتلك تسجيلات بالصوت والصورة توثق مقتل خاشقجي، وهذه التسجيلات قد يتم عرضها في الأيام القادمة لتحسم الجدل حول مقتل خاشقجي بالدليل القطعي.

وفقا لما سبق، أعتقد أن عرض السلطات التركية لتلك التسجيلات سوف يكون بمثابة قاصمة الظهر لابن سلمان شخصيا، بما يعني أن صفارة النهاية لطموحاته قد تنطلق، في ظل ورطة تجاوزت حدود الشخص إلى حدود الدولة ونظامها، مما يعني أن حسابات بعينها ستكون حاضرة تنظر بعين الاعتبار إلى الدولة ونظامها، وليس إلى الشخص وطموحاته.

الحكومة التركية ردت بهدوء، وعبر الإعلام المحلي والدولي ردت الاعتبار لهيبتها التي مسها مقتل خاشقجي ولا جدال.

وما بين الورطة والهيبة، ستبقي قضية مقتل خاشقجي علامة فارقة، وحدا فاصلا بين ما قبلها وما بعدها في تاريخ السياسة والحكم في السعودية.
التعليقات (0)