صحافة دولية

صحيفة روسية: تركيا تدفع أمريكا إلى ما وراء نهر الفرات

أورآسيا ديلي: تركيا من جانبها، تدرس مختلف الخيارات التي قد تدفع الولايات المتحدة لترك مواقعها في سوريا
أورآسيا ديلي: تركيا من جانبها، تدرس مختلف الخيارات التي قد تدفع الولايات المتحدة لترك مواقعها في سوريا
نشرت صحيفة "أورآسيا ديلي" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، التي أثارت رد فعل متوقع من قبل تركيا، التي تنوي طردها من منطقة ضفاف نهر الفرات.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي الذي أعلن انسحاب قوات بلاده من سوريا، قبل أشهر، وافق على إستراتيجية جديدة لتمديد المهمة العسكرية في سوريا، لفترة غير محددة. وتجدر الإشارة إلى أن قرار ترامب بالانسحاب آنذاك، لم يلق قبولا من قبل وزير الدفاع الأمريكي جيمسماتيس، إلى جانب رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية، جوزيف دانفورد.

وأفادت الصحيفة بأن القوات الأمريكية لن تنسحب بحلول نهاية هذه السنة، وإنما سيبقى الجيش الأمريكي في سوريا من أجل طرد القوات الإيرانية من المنطقة، وهزيمة تنظيم الدولة. في الوقت الحالي، يوجد حوالي 2200 جندي وضابط أمريكي في شمال وشرق سوريا.

وأضافت الصحيفة أنه بالتزامن مع قرار التمديد في العملية العسكرية في سوريا، قرر البنتاغون تعديل سياسته المتعلقة بقضية الأكراد السوريين، علما أن هذه المسألة تعد من بين العوامل الرئيسية لتدهور العلاقات التركية الأمريكية. وحسب وكالة الأنباء التركية الأناضول، تُركز واشنطن على تعزيز نفوذها العسكري في سوريا، كما تحاول توسيع قواعدها العسكرية.

علاوة على ذلك، يعمل الأمريكيون على خلق مراكز وقواعد عسكرية جديدة في المناطق التي يُسيطر عليها مسلحو وحدات حماية الشعب. كما تسعى واشنطن لنشر قواتها في 18 منطقة في سوريا، فيما يواصل الخبراء والمختصون العسكريون الأمريكيون تدريب وحدات حماية الشعب التي تم تسليمها كمية هامة من الأسلحة والذخائر.

وأشارت الصحيفة إلى رغبة الولايات المتحدة في ترسيخ موطئ قدم لها شرق سوريا، التي تحررت في وقت سابق من براثن تنظيم الدولة بفضل الجيش التركي، بالتعاون مع القوات المتحالفة معها، أي "الجيش السوري الحر". وحسب المعلومات، يشير بناء منشآت عسكرية أمريكية جديدة في آب/ أغسطس 2018، إلى رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على وجود طويل الأمد في المنطقة، علما أنه يتم بناء المرافق العسكرية الأمريكية في شرق وغرب القامشلي.

وأوضحت الصحيفة أن الطريق وعرة أمام تحقيق الولايات المتحدة لإستراتيجيتها، حسب مسؤولين أتراك. وتتجاوز التحركات الأمريكية في سوريا الأهداف المُعلنة، ما قد يضع واشنطن على حافة المواجهة مع موسكو وطهران. بالإضافة إلى ذلك، أدى دعم المسلحين الأكراد وإمدادهم بالأسلحة إلى تدهور العلاقات التركية الأمريكية، في حين أن الدعم الأمريكي اللامحدود للمليشيات الكردية السورية قد يضع "بداية لنهاية" الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

وذكرت الصحيفة أنه نتيجة لكل ما ذُكر آنفا، في حال استدعى الأمر مواجهة الولايات المتحدة لروسيا وإيران، ستكون مضطرة للاعتماد على قواتها فقط، نظرا لأنها فقدت دعم تركيا في المنطقة. وفي هذا الصدد، لا تزال الإدارة الأمريكية ترفض أخذ المصالح التركية بعين الاعتبار. وبالتالي، تُقحم واشنطن نفسها في طريق مسدود، قد يهدد بفشل سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وأوردت الصحيفة أن الجانب التركي يُطالب الشريك الأمريكي بتنفيذ الاتفاقية الثنائية حول منبج السورية. وحسب المخابرات التركية، ينتشر الأكراد على الضفة الغربية من نهر الفرات، ولا يبدو أنهم سيرحلون قريبا من هناك، في ظل استمرار الدعم الأمريكي لهم، حيث وصلت معدات أمريكية للأكراد من شمال العراق إلى شمال شرق سوريا.

وأفادت الصحيفة بأنه من الواضح أن أنقرة تُحاول دفع واشنطن لتنفيذ الاتفاق المتعلق بسحب المليشيات من الضفة الشرقية لنهر الفرات، علما أن هذه المسألة تعد النقطة الرئيسية في الاتفاق على منبج. لكن البنتاغون يستمر في محاولة إيجاد الأعذار للبقاء في المنطقة. وفي وقت سابق، اتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نظيره الأمريكي بتعطيل اتفاقيات منبج، التي تم التوصل إليها بين أنقرة وواشنطن في حزيران/ يونيو الماضي.

ونوّهت الصحيفة إلى أن وضوح موقف الجانب التركي الذي طالب بأن تلتزم واشنطن بالشفافية والصدق في تنفيذ الوعود والتقيد بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها، يعدّ مفهوما من قبل الجانبين الروسي والإيراني. في الواقع، يهتم شركاء أنقرة فيما يتعلق بالتسوية السورية، بالحد من الوجود العسكري في شمال سوريا.

ومن جهتها، تشعر روسيا بالقلق إزاء الوضع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث تقوم الولايات المتحدة بدعم الأكراد. وق صرحت ماريا زاخاروفا، الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية، بأنه "للأسف أصبح الوضع في الضفة الشرقية لنهر الفرات مزعجا".

وأردفت زاخاروفا قائلة: "يسيطر الأمريكيون على هذه المنطقة، معتمدين على تحالفهم مع الأكراد. لا تخضع الجهود التي يبذلونها لتشكيل إدارة مستقلة على ضفاف نهر الفرات، لقوانين الدستور السوري الحالي. وبناء على ذلك، من الصعب أن ينتج عن هذه الممارسات نتائج إيجابية في المستقبل".

وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا من جانبها تدرس مختلف الخيارات التي قد تدفع الولايات المتحدة لترك مواقعها في سوريا، وتقليص وجودها العسكري على الضفة الشرقية لنهر الفرات. ومن بين وسائل تركيا لتحقيق هذه النتيجة، دفع هيئة تحرير الشام (الجماعة الإرهابية) من المناطق منزوعة السلاح وغيرها من مناطق محافظة إدلب السورية، نحو المناطق التي يسيطر عليها الأكراد. وبالتالي دفع الجماعات الإرهابية لمواجهة الأكراد. وتجدر الإشارة إلى أن الوسيلة الأكثر فعالية للأتراك في سبيل منع الأمريكيين من بسط نفوذهم في المنطقة هي جرهم نحو المواجهة.

وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه يجب أن يتحقق هذا السيناريو مع مراعاة مصالح الجانب الروسي والقوات الموالية لإيران في سوريا. من وجهة نظر كل من موسكو وطهران، تحول الأكراد الذين عجزوا عن التصدي للجيش التركي في عفرين، إلى عامل لزعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة مع استمرار الدعم الأمريكي لهم. من ناحية أخرى، لم تظهر القيادة العسكرية والسياسية للأكراد السوريين أي رغبة في حل الخلافات مع دمشق، ما يعني أنه من الخطر سيطرتهم على منطقة ضفاف نهر الفرات.

للاطلاع على نص التقرير الأصلي اضغط هنا
التعليقات (0)