صحافة دولية

أتلانتك: احتمالات نهاية سعيدة لخاشقجي تتضاءل

أتلانتك: حث الصحافي السعودي المملكة على الإصلاح وربما دفع ثمنا باهظا- تويتر
أتلانتك: حث الصحافي السعودي المملكة على الإصلاح وربما دفع ثمنا باهظا- تويتر

نشرت مجلة "أتلانتك" مقالا للكاتب غريام وود، يقول فيه إن المواطن السعودي جمال خاشقجي دخل قنصلية بلاده في اسطنبول؛ في محاولة للحصول على وثيقة روتينية تتعلق بزواجه من امرأة تركية. 

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "خطيبته انتظرت أن يخرج من القنصلية، لكنه لم يفعل -على الأقل بالشكل الذي يمكنها أن تراه- وعلى مدى الأيام القليلة الماضية تكهن الناس في الشرق الأوسط حول مصير خاشقجي، وكانت هناك تقارير يوم السبت لـ(رويترز) وغيرها بأن خاشقجي قتل في القنصلية، وقالت بعض التقارير بأن جسده قطع وهرب خارج القنصلية في عدة طرود، فيما قال السعوديون بأنه غادر القنصلية بحرية".

 

ويقول وود: "كنت رأيت خاشقجي حيا قبل شهرين في لندن، وكان يتناول طبق (سالمون بنيديكت) للفطور، ومن بين المعارضين السعوديين كان خاشقجي مشهورا بما فيه الكفاية ليحرص على أي الأماكن العامة التي يظهر فيها، ويقول إن ذلك ليس خوفا من الاغتيال بقدر ما هو تجنبا للمناطق التي يرتادها العرب، حتى يستطيع تناول فطوره دون أن يقاطعه أحد، كان يلبس بدلة فاتحة اللون ودون رباط عنق، وعندما وقف بدا طويلا، وكان عمره 59 عاما".

 

ويضيف الكاتب أن "خاشقجي كان معارضا، لكن المعارضة في السعودية تأخذ أشكالا قد تفاجئ الليبراليين الغربيين، فقليل من المعارضين السعوديين دعوا إلى إلغاء الحكم الملكي في السعودية، أو إلى علمنة السعودية لتصبح مثل الدول الغربية، وتحرك خاشقجي في الدوائر الغربية، وكان له عمود في (واشنطن بوست)، وكانت له صلات جيدة في كل من لندن وواشنطن، لكنه لم يحلم في تحويل الرياض إلى أي منهما". 

ويستدرك وود بأن "خاشقجي اختلف مع حكامه قليلا، وأكد لي خلال حديثنا بأن ولاءه للملك، وأنه يجب أن يحكم آل سعود الى الأبد، لكنه اختلف مع بعض السياسات التي طبقها ولي العهد أو يزمع تطبيقها في خطوات غير حكيمة في نظره".

وينقل الكاتب عن خاشقجي قوله: "يحاول محمد بن سلمان أن يحكم كأنه رجل أعمال.. هذه هي المشكلة"، مشيرا إلى أن خاشقجي شكك في أن يكون محمد بن سلمان أو أي شخص آخر قادرا على اختيار مشاريع ناجحة اقتصادية، ويخطط لاقتصاد برؤية ثاقبة لتبرير مشاريع عملاقة على المستوى التي تسير عليه الآن، ورأى خاشقجي أن من الأفضل اتباع سياسة لبرلة تسمح لرجال الأعمال الصغار بالاستثمار، وبإنشاء مشاريع صغيرة خاصة بهم.

 

ويلفت وود إلى أن خاشقجي وصف السعودية في شكلها الحالي بـ"تجربة هندسة اجتماعية"، تضمن أن تتسبب بـ"اضطراب اجتماعي"، ورأى أن كثيرا من ذلك الاضطراب سيكون جيدا، فالدولة التي يقوم اقتصادها على النفط فقط، والتراجع في المساعدات المالية للمواطنين السعوديين، لا تستطيع الاستمرار الى الأبد، ومعظم التغييرات ستكون جيدة، لكنها ستشكل صدمة، وقال خاشقجي: "الآن هناك سعوديون يعيشون على دخل ثابت في بيوت مؤلفة من ست غرف نوم، يستطيعون العيش فيها فقط لأنهم معتادون على كهرباء وماء رخيصين". 

 

ويجد الكاتب أنه "مع تراجع الدعم فإن السعوديين أدركوا ببطء بأن كثيرا من ثروتهم كانت خيالية، وأن عليهم العمل للحفاظ على المستوى ذاته من الراحة، هذا الإدراك سيشكل صفعة قوية لأبناء البلد، مثل حفنة رمل تلقى على الوجه".

 

ويورد وود نقلا عن خاشفجي، قوله: "المعارضة لمحمد بن سلمان صغيرة إذا قسناها بعدد الأشخاص الذين يعارضونه صراحة"، ولم يعد نفسه شخصية معارضة، ورفض فكرة أن أي ناقد كان معارضا لآل سعود، لكنه اعتقد أنه بصفته سعوديا مخلصا فإنه كان عليه أن يقدم انتقادا لطيفا مستمرا وعلنيا للسياسات الاقتصادية، وقمع المعارضة، والحرب في اليمن. 

 

وينوه الكاتب إلى أن "أحد الردود لهذا النقد المستمر للنظام هو القول بأن الموالاة للحاكم المطلق تأتي بشكل واحد فقط، وهو الطاعة الكاملة، وخاشقجي خالف ذلك، وكان قد خدم في فترة ما في الديوان الملكي مستشارا لرئيس المخابرات تركي الفيصل خلال فترته عمله سفيرا لبلاده في أمريكا، لكن في 2017 وعندما أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد رفض خاشقجي طلبا من الحكومة بالتوقف عن الحديث في العلن، وفر للمنفى بدلا من المغامرة بالسجن".  

 

ويبين وود أن "السعوديين الذين فروا -بعضهم بثروات كبيرة- يقومون الآن في لندن واسطنبول وغيرها من عواصم العالم بموازنة ما إذا كان ما فعلوه يمكن اعتباره خيانة، وإن كانت الحكومة السعودية إن هي قتلت خاشقجي ستصل إليهم في النهاية أيضا، لا أحد منهم أكثر شهرة من خاشقجي، لكن الكثير منهم سيفكر مليا قبل أن يتناول فطوره في مكان عام".

 

ويجد الكاتب أن "ما يثير حول تقارير مقتل خاشجقي هي أنها صارخة، وإن كنت أسلم بأنه ليس هناك طريقة غير صارخة لوصف تقطيع جثمان، إن كان ذلك حدث فعلا، لكن تركيا لم تقدم الدلائل بعد، ليس بنقطة دم واحدة، ولا حتى فيديو مشوش لسيارة سوداء يحمل في صندوقها شيء غريب، ( كما أن تركيا والسعودية اختلفتا حديثا بشدة بشأن دعم تركيا لعدوة السعودية قطر وللإسلاميين المعارضين للسعودية)، ولذلك فإن هناك شعورا بالغرابة لدى الاطلاع على التقارير الصارخة، خاصة في غياب التفاصيل المتوفرة إلى الآن، والاحتمال الآخر الذي يأمل أصدقاؤه أن يكون هو الواقع، هو أن يكون تم اختطاف خاشقجي وأنه لا يزال حيا، ربما سجينا في الرياض".

ويختم وود مقاله بالقول: "سألت خاشقجي إن كان يعد الحياة في واشنطن مريحة، وقضينا بعض الدقائق نسمي أفضل المطاعم والحدائق العامة، لكنه كان فقط يمزح، وقال لي أخيرا: (أشتاق إلى الوطن.. أهلي لا يستطيعون السفر.. وأنا وحيد)، وكان يريد العودة، ولم تكن هناك إشارة إلى أنه إن عاد سيتم تخديره ووضعه في صندوق أو أن يقطع جسده إربا. قد يظهر حيا وبصحة جيدة، لكن احتمال أن يكون لحياة جمال خاشقجي نهاية سعيدة يتضاءل بشكل سريع".


لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

التعليقات (0)