حقوق وحريات

المغرب: الهجرة السرية تتراجع.. وحقوقيون: الواقع يكذّب

أوضح الناشط الحقوقي، خالد البكاري، أن هجرة المغاربة عبر "قوارب الموت" تتدخل فيها مجموعة من العوامل- يوتيوب
أوضح الناشط الحقوقي، خالد البكاري، أن هجرة المغاربة عبر "قوارب الموت" تتدخل فيها مجموعة من العوامل- يوتيوب

تصاعدت وتيرة الهجرة السرية من شواطئ المغرب، خاصة بمنطقة الريف، بشكل متسارع في الآونة الأخيرة مع انتشار فيديوهات توثق العملية، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية لتهديد مروجي هذه الفيديوهات بالمتابعة القضائية، فيما أرجع حقوقيون هذا الارتفاع إلى تدخل مجموعة من العوامل، وحذروا من "تغيير ديمغرافية المنطقة".

إحباط 54 ألف حالة
أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، أنه جرى إحباط 7 آلاف و200 محاولة للهجرة في صفوف المغاربة مع نهاية آب/ أغسطس 2018، بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2017 التي جرى فيها إحباط ما مجموعه 8 آلاف و100 محاولة.

وأضاف الخلفي، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي اليوم الخميس بالرباط، أنه إلى غاية نهاية آب/ أغسطس 2017، بلغ عدد محاولات الهجرة المحبطة 39 ألف حالة، فيما بلغ مع نهاية الشهر ذاته من العام الجاري 54 ألف حالة.

 

اقرأ أيضاالمغرب يحبط 54 ألف محاولة للهجرة السرية ويعيد 1400 شخص لوطنه

وتابع الوزير، أن نسبة المغاربة، الذين تم رصد عددهم ضمن مجموع الأشخاص من شباب أو نساء بلغ سنة 2017 20 في المائة، فيما بلغ 13 في المئة هذه السنة.

وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن المغرب معني بموضوع الهجرة السرية، وسيضاعف جهوده لمواجهة شبكات الهجرة التي طورت آليات اشتغالها.

عوامل متعددة
أوضح الناشط الحقوقي، خالد البكاري، أن هجرة المغاربة عبر "قوارب الموت" تتدخل فيها مجموعة من العوامل.

وقال البكاري في تصريح لـ"عربي21"، إن هناك من يربط تصاعد وتيرة الهجرة بما وقع في الريف تحديدا "وهذا هو السبب الذي تذهب إليه الصحافة الإسبانية، التي اعتبرت أن ارتفاع مستوى الهجرة السرية في الآونة الأخيرة نتاج للاضطرابات والاحتجاجات التي وقعت في الريف، والدليل على ذلك أن أغلب المهاجرين يتحدرون من هذه المنطقة".

وأضاف الباحث في علم الاجتماع أن "هناك حديثا في أوساط بعض النشطاء على أن تغاضي السلطات المغربية عن هذه القوارب هو في جزء منه يهدف لتغيير ديمغرافية محلية في تلك المنطقة بإفراغها من الشباب".

 

اقرأ أيضاالأزمة السياسية بالمغرب.. هل دفعت المواطنين إلى الهجرة؟

فيما أوضح أن هناك من يذهب أن تراخي السلطات المغربية في مراقبة حدودها البحرية "مرتبط بورقة ضغط تستخدمها الدولة في مفاوضتها مع الاتحاد الأوروبي في ملفات الهجرة غير القانونية، وفي ملفات مفاوضات حول بعض القضايا العالقة بما فيها اتفاقية التبادل الحر"، مشيرا إلى أنه "لا يجب أن ننسى بأن هذا الوضع المتسم بهذه الاستفادة المتبادلة فتحت المجال لعودة مافيات التهربب السري ومافيات نقل المخدرات بين الضفتين".

وسجل الباحث أن من بين عوامل الهجرة السرية "تخوف مجموعة من الشباب من مشروع قانون التجنيد الإجباري، وبالتالي هناك شباب أمام البطالة، وانعدام الأفق، وتخوفهم من انتقائهم ضمن الأفواج الأولى في التجنيد الإجباري يبادرون إلى الهرب أمام ما تقدمه أوروبا من إغراءات"، لافتا إلى أن "كافة الأجواء مناسبة لتدفق المزيد من المهاجرين عبر هذه القوارب خصوصا وأن الأحوال الجوية مساعدة في هذه المرحلة".

ومن بين العوامل، أيضا، يضيف ذات المتحدث، انتعاش مجموعة من الشائعات التي تقول بأن إسبانيا مقبلة على تسوية أوضاع المهاجرين الذين لا يتوفرون على أوراق إقامة.

خطاب غير مقنع
وكذب الناشط الحقوقي لما يروجه الخطاب الرسمي من انخفاض أعداد المهاجرين عبر "قوارب الموت"، وقال إنه "غير مقنع" وتكذبه الفيديوهات التي يتداولها نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي.

وأوضح أن محاولة الدولة الحديث على أن هناك فرص كبرى للتشغيل "أمر يكذبه الواقع.."، مشيرا إلى أن "الاحتجاجات التي عرفها المغرب منذ سنتين برغم كل مأساوياتها، إلا أنها كانت على الأقل تعبيرا من هذه الفئة على أنها تتوق إلى مغرب متضامن وديمقراطي لازالت تصدق في إمكانية تغييره ولو من بوابة الاحتجاج".

 

اقرأ أيضا: "المغرب به فرص شغل هائلة" تثير سخرية نشطاء التواصل (فيديو)

وقال إن تراجع الاحتجاجات، اليوم، يتوازى مع عودة "قوارب الموت" بهذا الشكل المتصاعد "مما يؤشر أن اليأس بلغ أشده، وأننا في مرحلة خطيرة جدا، مرحلة احتقان اجتماعي خطير، لابد أن ندق معه ناقوس الخطر".

وتداول العديد من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، خلال الشهر الجاري، عددا من الفيديوهات والصور توثق هجرة العديد من المغاربة بمختلف الأعمار من كلا الجنسين في قوارب مطاطية نحو السواحل الإسبانية، من قبيل صورة لشبان لحظة ركوبهم قاربا للهجرة السرية مرفوقة بتعليق: "محطات طاكسيات من المغرب إلى إسبانيا"، وأخرى لمبنى خشبي داخل البحر كُتب عليه "مكتب الهجرة المكلف بشؤون الحراكة".

تهديد
كشفت وزارة الداخلية أنها ستفتح تحقيقا لمعرفة الجهات التي تقف وراء نشر إعلانات عن تنظيم عمليات للهجرة السرية انطلاقا من بعض الشواطئ شمال المملكة.

وأوضح مصدر مسؤول من الوزارة أن الداخلية تسعى إلى تحديد هويات مروجي هذه النداءات التي "تقوم بالتحريض على ارتكاب أفعال تقع تحت طائلة القانون، ومتابعة كل من ثبت تورطه في الموضوع"، محذرا من "الخلفيات المغرضة لهذه النداءات ومن الأهداف الملتبسة والدنيئة للجهات الواقفة وراءها، والتي تهدف أساسا إلى تغليط الرأي العام".

التعليقات (0)