ملفات وتقارير

بعد إغلاق مكتب منظمة التحرير.. هل تستجيب السلطة لأمريكا؟

شكك مراقبون تحدثوا لـ"عربي21" في جدية السلطة الاستمرار في مواجهة الضغوط الأمريكية- جيتي
شكك مراقبون تحدثوا لـ"عربي21" في جدية السلطة الاستمرار في مواجهة الضغوط الأمريكية- جيتي

استمرارا لمسلسل الضغوط الأمريكية على السلطة الفلسطينية، قررت الإدارة الأمريكية الاثنين، إغلاق مكتب البعثة الدبلوماسية لمنظمة التحرير في واشنطن كرد على المحاولات الفلسطينية الرامية إلى فتح تحقيق ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفق بيان الخارجية الأمريكية.


ويأتي هذا القرار استكمالا لخطوات انتهجتها إدارة الرئيس دونالد ترامب للضغط على السلطة منذ توليه منصبه قبل عامين، لعل من أبرزها قطع المساعدات المالية للأراضي الفلسطينية، والتوقف عن دفع المخصصات المالية للأونروا، ووقف تمويل مستشفيات فلسطينية في مدينة القدس، ولعل القرار الأكثر خطورة والذي تسبب في وصول العلاقات بين الطرفين إلى حد القطعية نقل السفارة الأمريكية للقدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.


وشكك مراقبون تحدثوا لـ"عربي21" في جدية السلطة حول الاستمرار في مواجهة الضغوط الأمريكية، ورفضها الاعتراف بها كراعٍ لعملية السلام، خصوصا في ظل عجز دول أخرى عن ملء الفراغ السياسي الذي كانت تملؤه واشنطن في رعايتها للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.


الضغط على إسرائيل


وفي هذا الإطار، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، أن "الضغوط الأمريكية الأخيرة على السلطة تعبر عن انحياز واضح لإسرائيل، وهي خطوات تهدف لإجبار القيادة الفلسطينية على القبول بصفقة القرن، بداية بإجبار السلطة على سحب الطلب الذي تقدمت به لمحكمة الجنايات الدولية، بالتوازي مع سعي فلسطين للحصول على عضوية كاملة في مجلس الأمن".


وأكد أبو يوسف في حديث لـ"عربي21" أن "هذه الضغوط التي تمارسها واشنطن ستقابل بإصرار السلطة على التوجه لمجلس الأمن والجمعية العامة، وما يعزز هذا التوجه هو الدعم غير المسبوق الذي تحظى به السلطة من بعض الدول العربية والأوروبية"، مشيرا إلى أنه "لن يتكرر سيناريو سحب ملفات إدانة إسرائيل في المحافل الدولية كما جرى في السنوات السابقة كرد على التوجهات الأمريكية الأخيرة".

 

اقرأ أيضا: هكذا علقت تركيا على إغلاق واشنطن لمكتب منظمة التحرير


وكشف أبو يوسف أن "8 ملفات تم إعدادها من قبل وزارة العدل الفلسطينية، تم تقديم 3 منها رسميا لمحكمة الجنايات الدولية من بينها ملف سلب إسرائيل لـ150 ألف دونم من مناطق السلطة وضمها للبؤر الاستيطانية خلال السنوات العشر الأخيرة، جزء منها تسعى إسرائيل لضمها لمستوطنة معالي أدوميم في القدس الشرقية، وملف احتجاز إسرائيل لعدد من الأسرى ضمن العقوبات الإدارية دون تقديمهم للمحاكمة، بالإضافة لملف احتجاز إسرائيل المتكرر لأموال المقاصة بما يخالف ملحق باريس الاقتصادي الموقع بين السلطة وإسرائيل، كما يجري الإعداد لملف محاكمة إسرائيل بتهمة إخلاء حي الخان الأحمر في القدس بطريقة غير قانونية".


تقديم تنازلات


من جانب آخر، اعتبر وكيل وزارة الخارجية السابق محمود العجرمي، أن "الخطوات الأمريكية الأخيرة بحق السلطة تعتبر الأكثر قسوة التي تمارس من قبل الإدارات الأمريكية المتتالية، ولعل ما يميزها أنها مورست على أكثر من صعيد، فعلى المستوى السياسي تجد السلطة نفسها محاصرة بغياب أي دولة تسعى لأن تحل محل الدور الأمريكي في عملية السلام، وعلى الصعيد الاقتصادي والمالي تسببت العقوبات الأمريكية باستنزاف السلطة ماليا كونها الدولة الأكثر مساهمة في دعمها لمشاريع التنمية والبنى التحتية بقيمة تتجاوز 700 مليون دولار سنويا".


وأوضح العجرمي في حديث لـ"عربي21" أن "المؤشرات الحالية تشير إلى أن السلطة ستبدي موقفا أكثر ليونة تجاه العقوبات الأمريكية، كما جرى في السنوات الأخيرة"، موضحا أن "السلطة قد تلجأ في اللحظات الأخيرة لسحب ملف إدانة إسرائيل في المحافل الدولية، وتقليل حدة الهجوم الذي تشنه على الإدارة الأمريكية، لأنها تدرك أن انسحاب الولايات الأمريكية من المشهد السياسي سيضعها في عزلة دولية وقد تمرر واشنطن صفقة القرن بغطاء عربي وإقليمي سواء أقبلت السلطة أم عارضت ذلك".

 

اقرأ أيضا: عريقات: قدمنا شكوى رسمية ضد إسرائيل للجنائية الدولية


في ضوء هذه المتغيرات كان لافتا في الأيام الأخيرة تلويح السلطة بتقديم واشنطن عرضا لها يتضمن إقامة كونفدرالية مع الأردن كمدخل لإنهاء الصراع مع إسرائيل، ولكن موقف السلطة الذي عبر عنه الرئيس محمود عباس باشتراطه لأن تكون إسرائيل ضمن هذه الكونفدرالية، "يعطي إشارة لعدم معارضة السلطة لعودة واشنطن لرعاية عملية السلام"، وفق ما أشار إليه أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش.


وأضاف الأقطش في حديث لـ"عربي21" أن "عدم امتلاك السلطة لأي أوراق قوة تواجه بها العقوبات الأمريكية، سيجبرها على تقديم تنازلات في مواقفها تجاه قضايا الحل النهائي من جهة، ومن جهة أخرى ستضطر السلطة لتقديم بوادر حسن نية بضغط من مصر والأردن لسحب ملفات إدانة إسرائيل في المحافل الدولية استجابة للضغوط الأمريكية".


وتابع: "يمكن القول إن شعور السلطة بالعزلة الدولية خصوصا في ضوء نقل عدد من دول العالم سفاراتها للقدس، سيضع السلطة في موقف إعادة تقييم موقفها، على أمل استدراكه مما تبقى لها من مقومات للسيادة على الأرض على الأقل في الضفة الغربية، في ضوء تعثر المصالحة وخروج قطاع غزة من خريطة الجغرافية الفلسطينية"، على حد قوله.

التعليقات (1)
الله العزيز
الثلاثاء، 11-09-2018 10:15 م
وأيضا السؤال المطروح هو لما تبقي أمريكا على عباس لقيادة السلطة،عباس متعب صحيا والسلطة مشلولة بالكامل.وأعتقد من فرط بالجزءفهو قابل للتفريط بالكل،ويبقى دور كل فرد أمام مسؤوليته أمام الله،وهذا هو رهان المسلمين والفلسطنيين.