ملفات وتقارير

ما هي مكاسب نظام السيسي من التهدئة بين غزة وإسرائيل؟

مصر ستتولى استيراد الغاز من الجانب الإسرائيلي لصالح تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة- جيتي
مصر ستتولى استيراد الغاز من الجانب الإسرائيلي لصالح تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة- جيتي

قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن النظام المصري يسعي وراء تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال اضطلاعه بالدور الرئيسي في ملف التهدئة بين فصائل المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن ملفات أخرى في القضية الفلسطينية.


وزادت في الأسابيع الأخيرة مظاهر التدخل المصري في الشأن الفلسطيني، تزامنا مع فتح معبر رفح بين مصر وغزة بشكل شبه دائم، والسماح بمرور العديد من السلع والبضائع، بالإضافة إلى إمداد مصر للقطاع بغاز الطهي لأول مرة يوم الأحد الماضي؛ لتعويض النقص في الإمدادات من الجانب الإسرائيلي.


منافع اقتصادية بالجملة

 

وقال موقع "والا" الإسرائيلي، يوم الأحد الماضي، إن النظام المصري يحقق مجموعة من المكاسب السياسية والاقتصادية جراء دوره في القضية الفلسطينية، موضحا أن مصر ستتولى استيراد الغاز من الجانب الإسرائيلي لصالح تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة.


وكشف الموقع أنه سيتم ربط محطة الكهرباء بحقل "ليفتان"، الذي بدأت إسرائيل استخراج الغاز منه قبل أكثر من عام، حيث تتولى شركة "دولفينوس" المصرية، المرتبطة بالنظام الحكام، شراء الغاز الإسرائيلي، وإعادة بيعه مجددا لمحطة غزة، لافتا إلى أنه سيتم مستقبلا بناء محطة كهرباء عملاقة في سيناء المصرية تتولى تزويد غزة بالطاقة، مستخدمة الغاز الإسرائيلي المعاد بيعه، وهو يمنح "دولفينوس" أرباحا كبيرة.


وأضاف أن ميناء "بورسعيد" المصري سيكون بمثابة الميناء البديل الذي سيخدم غزة، وستتم عبره حركة الصادرات والواردات من وإلى القطاع، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية ستحصل أموالا إضافية من الضرائب والجمارك على هذه البضائع الفلسطينية.


واختتم الموقع قائمة المكاسب الاقتصادية التي سيجنيها النظام المصري بتأكيده أن أجواء التهدئة التي ترعاها مصر بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية سيترتب عليها زيادة اعتماد غزة على البضائع المصرية التي سيتم إدخالها للقطاع عبر معبر رفح ، وعلى رأس هذه السلع الأسمنت وحديد التسليح التي يتم إنتاجها في مصانع الجيش المصري في سيناء.


"ومكاسب سياسية أيضا"


أما على الصعيد السياسي، فقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن النظام المصري يسعى من خلال جهوده الهادفة لفرض مسار التهدئة إلى تعزيز مكانته لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، والتأكيد على أن دوره لا غني عنه لضمان استقرار المنطقة، وبالتالي تقديم الدعم السياسي والاقتصادي لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.


ونقلت صحيفة "جيروزيلم بوست" الإسرائيلية عن وزير المواصلات "يسرائيل كاتس" "ترحيبه بأي ترتيبات اقتصادية من شأنها تدشين بنى تحتية داخل سيناء لخدمة قطاع غزة"، الأمر الذي سيقلص كثيرا من ارتباط القطاع بإسرائيل، وهو ما يساعد تل أبيب في التنصل من مسؤولياتها تجاه الفلسطينيين باعتبارها قوة احتلال.


وأوضحت أن السيسي يحرص منذ وصوله إلى السلطة على التنسيق المتواصل مع الجانب الإسرائيلي على المستوى السياسي والأمني، في إطار شراكة استراتيجية توطدت خلال السنوات الماضية بشكل غير مسبوق.


"تشويه للدور المصري"؟!

 

وتعليقا على هذا الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية وخبير الشؤون الفلسطينية، ياسر الشرقاوي، إن مصر لم تكن في أي وقت بعيدة عن القضية الفلسطينية منذ أكثر من سبعة عقود، مشيرا إلى أن مصر تقوم في السنوات الأخيرة بالعديد من الإجراءات في مجالات المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وملف التهدئة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، ومحاولة توفير أجواء إيجابية لاستئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

وأضاف الشرقاوي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن جميع الفصائل الفلسطينية تعترف بمحورية الدور المصري والدعم المتواصل للموقف الفلسطيني، موضحا أن الظروف الدولية والإقليمية ليست في صالح الفلسطينيين، بل تميل لصالح الجانب الإسرائيلي، خاصة بعد فوز الرئيس دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، وهو معروف بميوله المعادية للحقوق الفلسطينية، ورغبته في فرض المواقف والنفوذ الإسرائيلي على منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بما يهدد بضياع القضية الفلسطينية للأبد.

 

وأوضح أن التدخل المصري في قطاع غزة يهدف إلى تخفيف المعاناة والأعباء عن الشعب الفلسطيني، ومساعدة أهالي القطاع عبر توفير الاحتياجات الإنسانية لهم، خاصة تلك التي تمتنع إسرائيل عن إمداد غزة بها.

 

وردا على التقارير الإسرائيلية التي تقول إن مصر تحقق مكاسب سياسية واقتصادية من مساعدتها للفلسطينيين وتوسطها لتحقيق التهدئة في غزة، قال ياسر الشرقاوي إن مصر تتحرك سياسيا في القضية الفلسطينية لتحقيق عدة أهداف، في مقدمتها الحفاظ على أمنها القومي، وتعظيم دورها الإقليمي، وصيانة علاقاتها القوية مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، ولا تنظر نظرة ضيقة إلى المكاسب الاقتصادية.

 

وشدد على أن الادعاءات الإسرائيلية بأن مصر تسعى وراء المصالح الاقتصادية في القضية الفلسطينية هي اتهامات كاذبة هدفها تشويه الدور المصري، مؤكدا أنه على العكس من هذه الادعاءات، فإن مصر تحملت طوال العقود الماضية، وما زالت، أعباءً اقتصادية وسياسية كبيرة؛ جراء تصديها للدفاع عن الحقوق الفلسطينية.

التعليقات (0)