ملفات وتقارير

خامس زيارة للسيسي إلى السودان.. ما الذي يجري سرا؟

الزيارة تأتي وسط أجواء التقارب مؤخرا بين أطراف ملف مياه النيل الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا- جيتي
الزيارة تأتي وسط أجواء التقارب مؤخرا بين أطراف ملف مياه النيل الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا- جيتي

يزور قائد الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، السودان، الخميس، ويلتقي الرئيس عمر البشير، في زيارة هي الخامسة التي يقوم بها للخرطوم، والأولى بولايته الثانية، وبعد آخر زيارة للجارة الشقيقة قبل نحو عامين، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016.

الزيارة تستغرق يومين، وتأتي وسط أجواء التقارب مؤخرا بين أطراف ملف مياه النيل الثلاثة؛ مصر والسودان وإثيوبيا، بعد فترة من عدم التوافق بين الأطراف الثلاثة حول أزمة سد النهضة الإثيوبي.

وتسعى مصر لحل أزمة سد النهضة، المثارة منذ 7 سنوات مع إثيوبيا والسودان، المتوافقتين على فائدة السد لكليهما، فيما تتخوف القاهرة على حصتها التاريخية (55 مليار متر مكعب) و90 بالمئة من دخلها المائي، وخاضت مع أديس أبابا والخرطوم 18 جولة من المفاوضات الفنية على مدار نحو 4 سنوات؛ بهدف إيجاد حل فني يقلل مخاوفها.

ويسبق الزيارة حالة من التهدئة بين القاهرة والخرطوم بالقضايا الخلافية، كأزمة مثلث (حلايب وشلاتين)، التي تطالب بهما السودان، ووقف الاتهامات المتبادلة بدعم مصر للمتمردين بالسودان، وإيواء الخرطوم لأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، وما صحب تلك الأزمات من تلاسن سياسي وإعلامي أثر على توافق البلدين بأزمة المياه.


وبالفعل منعت مصر، بداية الشهر الجاري، رئيس حزب الأمة السوداني المعارض، الصادق المهدي، من دخول أراضيها بعد عودته من ألمانيا، وذلك قبل أن تسلم السودان عددا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المقيمين بالخرطوم، في موقف أغضب مصريين وسودانيين، واعتبره محللون مقدمة للتوافق بين النظامين.

كما تأتي زيارة السيسي للخرطوم أيضا بعد زيارة البشير للقاهرة بأربعة أشهر، في 19 آذار/ مارس الماضي، فيما من المقرر أن يزور السيسي الخرطوم في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وهو ما يثير التساؤلات حول دلالات توقيت الزيارة الحالية، التي تأتي قبل الزيارة المعلنة مسبقا بثلاثة أشهر، وحول ما قد يجري خلف الكواليس ويتم إعداده بملف المياه.

سفير السودان بمصر، عبد المحمود عبد الحليم، قال إن الزيارة "تتميز بأهميتها توقيتا ومضمونا"، وتعنى بالوقوف على سير ونتائج اجتماعات آليات التعاون الثنائي واجتماعات اللجنة الرباعية، المشكلة من وزيري الخارجية ومديري مخابرات البلدين، وصولا لاجتماعات لجنة التعاون برئاسة السيسي والبشير، التي ستستضيفها الخرطوم بتشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

إضعاف محور قطر


وحول خلفيات زيارة السيسي للخرطوم ودلالات توقيتها الآن، قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبوالخير، إن "زيارة السيسي للسودان تأتي في إطار محاولات بذلت كثيرا لإبعاد السودان عن (محور قطر)، بعدما حدث تقارب بينهما، وتقريبها من (محور السعودية الإمارات)"، مضيفا أن "السيسي ذاهب للخرطوم بناء على طلب الرياض وأبوظبي؛ في محاولة لتوسيع دائرة الحصار على الدوحة وتفعيله".

الأكاديمي المصري أضاف لـ"عربي21"، أن الزيارة فضلا عما سبق لن تخلو من "محاولات مصر ضم السودان إليها، وإلى تأييد موقفها حول أزمة (سد النهضة)، والتهدئة بملف (حلايب وشلاتين)، حيث تضغط السودان لضمهما إليها، مثل ضم السعودية لجزيرتي (تيران وصنافير) المصريتين".

أبوالخير، توقع فشل الزيارة في تحقيق أهدافها، مضيفا أنه "بالنسبة لملف سد النهضة، فأعتقد أنه لا مجال للحديث عنه"، مشيرا إلى أن "مصر وقعت صراحة على حق إثيوبيا في إنشاء السد"، مؤكدا: "ولذلك فالزيارة فاشلة، ولن تؤتى ثمارها".

تحركات الإمارات بالبحر الأحمر


وحول دلالات التبكير بالزيارة عن الموعد المعلن مسبقا بثلاثة أشهر، وما يجري خلف الكواليس بين السيسي والبشير، ومدى ارتباطه بملف المياه والحدود، أكد أحد المحللين السياسيين السودانيين المقيمين في مصر، أن "الأمر يتعلق بملف المياه والتنسيق في جزئية الحصص المائية".

المصدر السوداني، تحدث لـ"عربي21"، شريطة عدم ذكر اسمه، متوقعا "عدم إثارة موضوع حلايب بين السيسي والبشير الآن"، مشيرا إلى أن هناك ملفات أخرى حاضرة بقوة، منها "ملف التواجد التركي في جزيرة سواكن السودانية باتفاقية موقعة في كانون الأول/ ديسمبر 2017، ومشروع القواعد الروسية التي طلبتها الخرطوم من موسكو في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، إلى جانب ملف أمن البحر الأحمر، خاصة بعد تحركات الإمارات، ومحاولاتها السيطرة على موانئ هامة في جيبوتي".

وقال مدير إحدى مراكز الأبحاث في القاهرة، إن "الشيء الطارئ الآن هو أمن البحر الأحمر"، مضيفا أن "اتفاق السيسي والبشير يمكن أن يحجم التمدد الإماراتي الذي تحول إلى خطر إقليمي، خاصة بعد أن أصبح وجود تركيا وروسيا أمرا واقعا بالسودان"، مبينا أن "الأمر في هذه المرحلة استنتاجات، بناء على معطيات موقف شديد الديناميكية".

وحول كون الإمارات حليفا استراتيجيا لمصر ولا يوجد داع للخوف من تمددها بجنوب البحر الأحمر، يرى المحلل السوداني أن "ما بين مصر والإمارات ليس تحالفا استراتيجيا، بل هو تحالف مؤقت، جمعهما عداؤهما لقطر، ولأن أبوظبي لديها طموحات واسعة، فإن حلف السيسي بن زايد قد لا يستمر بالقوة ذاتها".

مطالب بدعم السودان


وبالتزامن مع زيارة السيسي للخرطوم، تحدث أستاذ هندسة السدود، الدكتور محمد حافظ، عن ضرورة الدعم المصري للسودان وقت الفيضان، قائلا عبر صفحته بفيسبوك: "مبروك الفيضان بدأ"، مطالبا السيسي بعدم دفع ما أسماه "الفدية" لإثيوبيا عن طريق صندوق (تحيا إثيوبيا)، وفي المقابل دعم البنية الأساسية للسودان، التي تدمر سنويا بسبب الفيضان القادم لمصر.

وأعلن حافظ مخاوفه قائلا: "الأيام ستأتي بنظام جديد بالسودان يساوم مصر على حصتها بالأسلوب الإثيوبي ذاته، وإلي حين إجبار مصر على إنشاء صندوق (تحيا السودان)".

 

التعليقات (1)
خارج الصندوق
الجمعة، 20-07-2018 02:34 ص
يعد ملف الأمن فى البحر الأحمر أحد الملفات الرئيسية و الدائمة فى زيارات السيسى المتتالية للسودان ! فالساحل الشرقى للسودان المطل على البحر الأحمر ظل طوال عقد مضى أو يزيد معبرا لنقل السلاح القادم من إيران لفصائل المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة ، فيجرى نقله من ساحل السودان عبر مياه البحر الأحمر إلى سواحل سيناء ، ثم يُنقل برا عبر أراضى سيناء إلى قطاع غزة ! و قد استهدفت (إسرائيل) قوافل لنقل السلاح شرق السودان عام 2009 ، و قصفت مصنعا لإنتاج السلاح قرب الخرطوم عام 2012 ! لكن نقطة التحول فى ذلك (الخط البرى - الملاحى) لنقل السلاح بين السودان و أراضى سيناء حدثت مع ثورات الربيع العربى فى كل من مصر و ليبيا عام 2011 ، حيث أدى سقوط نظام القذافى فى ليبيا ، و تدفق مخزونات السلاح التى كان يخزنها فى مستودعات ضخمة داخل الصحراء الليبية إلى أيدى الثوار الليبيين إلى ازدهار خط جديد لنقل السلاح عبر الحدود الليبية - السودانية ، ليجرى نقل السلاح القادم من ليبيا عبر أراضى السودان برا من الغرب إلى الشرق ، ثم مواصلة رحلتها عبر الطريق القديم إلى سيناء ، فى الوقت الذى نشطت فيه جماعات السلفية الجهادية فى سيناء فى شن عمليات عسكرية ضد اليهود عبر الحدود مع (إسرائيل) ، بعد انهيار الوضع الأمنى بسيناء فى أعقاب سقوط المخلوع ! و قد سعى السيسى منذ انقلابه على حكم الإخوان فى يوليو / تموز عام 2013 إلى التعاون مع الغرب و (إسرائيل) من أجل اعتراض خطوط تهريب السلاح القادم من ليبيا إلى سيناء عبر مياه البحر الأحمر ، فقام الفرنسيون بتحديث الأسطول العسكرى المصرى فى البحر الأحمر ليقوم بالمهمة على أكمل وجه ، و أقامت (إسرائيل) محطات للرصد و الإنذار المبكر فى جزر تيران و صنافير عند مدخل خليج العقبة لاعتراض قوارب التهريب ، و صار اعتراض الطريق البرى من ليبيا عبر أراضى السودان هو الشغل الشغل للسيسى و استخباراته و جيشه بالتعاون مع الإمارات و فرنسا و ميليشيا حفتر فى ليبيا ، لذلك فإن تعاون الأمنى من جانب الخرطوم مع السيسى لتفكيك الخط البرى لتهريب السلاح المار عبر أراضيها ، و تسليم الإسلاميين المصريين النازحين إلى أراضيها ، صار أولوية لنظام السيسى فى حربه مع الجهاديين فى سيناء !