مقالات مختارة

قمة ترامب وبوتين

موسى شتيوي
1300x600
1300x600

بعيدا عن التكهنات، فإن القمة التي ستعقد بين الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الرئيس الروسي بوتين، التي جاء الإعلان عنها بعد اجتماع الرئيس بوتين ومستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، قد تشكل نقطة تحوّل في العلاقات بين البلدين، لا بل في العلاقات الدولية بشكل عام في حال نجاحها.


سوف يجتمع ترامب ببوتين بعد اجتماع لحلف الناتو، الذي يشهد توترا بالعلاقة مع الولايات المتحدة بسبب انتقاداته المتكررة للحلف أو أعضائه، وبعد زيارة بريطانيا التي تعاني حكومتها من أزمة سياسية في ضوء استقالة وزير الخارجية والوزير المعني بالخروج من أوروبا. والعلاقة الأوروبية والأمريكية ليست على ما يرام بسبب الخلافات بين أوروبا على العديد من القضايا والملفات، والتباين المتزايد في السياسات بين أوروبا والولايات المتحدة، فزمن الضرائب على السلع الأوروبية، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، ونقل السفارة الأمريكية للقدس، وغيرها من القضايا، التي وإن لم تتحول بعد لخلافات تهدد العلاقة بين الطرفين، إلا أنها بالتأكيد تلقي بظلالها على العلاقات الأوروبية الأمريكية. إضافة لذلك، فإن أوروبا قلقة من تصاعد القوة العسكرية الروسية في ظل أجواء متوترة بين الطرفين.


بالمقابل، يأتي بوتين للقمة وهو يشعر بالثقة أكثر من السابق بسبب النجاح الكبير في تنظيم كأس العالم ولنجاحاته العسكرية في سوريا، وتصاعد المكانة الدولية لروسيا.


ترامب يحتاج روسيا على جبهات عدة ككوريا الشمالية، ولكن بشكل جوهري في النزاع مع  إيران والموقف الأمريكي الصارم في مواجهة إيران، والعقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها، والإصرار الأمريكي على تحجيم الدور الإيراني في المنطقة، وبخاصة في سوريا ولبنان، لما يشكله الوجود الإيراني من خطر على حلفاء أمريكا في المنطقة، وبخاصة إسرائيل. وهذا ما يحتاج ترامب أن تساعده روسيا به.
الرئيس الروسي يدرك الحاجة الأمريكية جيدا وكذلك الإسرائيلية بهذا الموضوع، ويدرك أيضا أن دوره حاسم بهذه المسألة. روسيا لن تدخل في صراع مع إيران لإخراجها من سوريا، ولكن لديها أوراق سياسية يمكن أن تلعبها.


بالمقابل، فإن بوتين يحتاج ترامب في التخلص من العقوبات الاقتصادية التي تفرضها على بلاده الولايات المتحدة وأوروبا، بعد ضم جزيرة القرم لروسيا في تجاوز هذه العقدة ووضعها خلفه.
ليس من المرجح أن تقتصر القمة على هذه الملفات، ولكنها ستكون الأبرز، وإذا ما تم التفاهم على هاتين المسألتين، فسيستطيع كل منهما العودة لبلادهما وهما يحققان مكاسب مهمة. إضافة لذلك ، فإن التحسس بالعلاقات الأمريكية الروسية، إذا ما حصل من الممكن أن تكون له انعكاسات إيجابية على المستوى العالمي.


إن اللقاء المرتقب لترامب وبوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي يوم 16 تموز(يوليو) يثير العديد من التساؤلات والتوقعات في مقدمتها: هل سنشهد تفاهما بين الرئيسين في حل الكثير من المعضلات الدولية، أو سنسمع عن عقد صفقات بينهما حول قضايا بالغة الأهمية؟ لكن هذا اللقاء يبقى في حال نجاحه، يشكل علامة فارقة في إعادة التوازن للنظام العالمي، الذي شهد تقلبات كبيرة وعدم استقرار منذ انتهاء الحرب الباردة.

 

الغد الأردنية

0
التعليقات (0)