مقالات مختارة

"حزب الله" وملف النازحين.. تسجيل أسماء أم نقاط؟

ثريا شاهين
1300x600
1300x600
لاحظت أوساط وزارية أن أي ردة فعل لم تصدر عن المسؤولين في الدولة على الطريقة التي تتم فيها إدارة ملف عودة النازحين السوريين أو عودة من يشاء منهم إلى الأراضي السورية، أو عودة من تقبل السلطات السورية بعودته بعد اطلاعها على الأسماء.

كما لاحظت دخول «حزب الله» بقوة على خط تسجيل أسماء النازحين، وإظهار دوره كمعني أساسي في الموضوع. مع العلم أن هناك تخبطا في معالجة الأمر، أولا، إذ تم تسجيل 3000 نازح سوري للعودة، فيما بلغ العدد الفعلي 300 في مرحلة أولى، و45 للمرحلة الثانية، ثم هناك تخبط في التوقيت غير المناسب، أي في الوقت الضائع، في مرحلة تشكيل حكومة جديدة، ووجود حكومة تصريف أعمال والدور الذي يقوم به الحزب في الملف، يأتي متزامنا مع رسائل من مسؤولين حزبيين، بين الحين والآخر حول ضعف قدرات الجيش اللبناني، وان الدولة ضعيفة وانه بالإمكان الاتكال على الحزب في المهمات الصعبة.

وقد ابلغ بعض المسؤولين الحزب رسائل حول انه بدلا من «إخافة الناس» والتواصل عبر الحشد الشعبي لتسجيل من يريد العودة، يفترض الخروج من سوريا، وإقناع حلفائه في سوريا بتعبيد الطريق أمام العودة الشاملة، وبهذه الطريقة تتم معالجة مسألة العودة، لان النزوح جاء كردة فعل على القتل والذي يستمر الآن، لا سيما في الجنوب السوري ودرعا، وحيث بلغ عدد النازحين في اتجاه الحدود الأردنية 330 ألفا وبعد الاتفاق مع الروس لم يعد كل هؤلاء إلى درعا بل ذهبوا إلى إدلب حيث مناطق للمعارضة.

والآن يوجد نازحون يعودون من لبنان إلى سوريا بشكل طوعي ولا يخبرون أحدا. ويقدر عددهم بنحو 50 شخصا يوميا. هم خائفون، لكن أيضا لديهم معاناة من جراء الوضع الاقتصادي اللبناني. وتعتبر هذه الأوساط، أنه جرى إفشال عودة الـ3000 نازح، وأن من هجرهم لا يريد عودتهم. وآخر إحصاء لدى الأمم المتحدة، أن 85 في المئة من النازحين في لبنان يريدون العودة فورا، وان 95 في المئة يريدون العودة مع عائلاتهم. وتُحمِّل الأوساط فشل عودة الـ3000 المذكورين للحزب ولوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من خلال أسلوب التعامل مع هذه المسألة. وتشير الأوساط، إلى الحساسية التي قد تصل إلى الكره، من النازحين في اتجاه المليشيات، مثلما كان اللبنانيون يكرهون المليشيات وقوات الاحتلال أثناء الحرب اللبنانية.

وترى الأوساط أن «حزب الله» يتجاهل دور الدولة في كثير من المجالات، من دون أن يتحرك أحد. وبالتزامن مع ذلك، يحاول الحزب السيطرة على الوزارات من خلال الشروط التي يضعها أمام تشكيل الحكومة، والسعي لحيازته على وزارات لم يسبق أن دخل إليها، وقد يكون السبب لتحويلها وتحويل موظفيها للعمل ضمن مشروعه. هذا عدا عن أن الحكومات المتعاقبة لم تكن قادرة على الحكم فعليا ولم يتم تطبيق «النأي بالنفس» إلا من خلال المواقف الرسمية وليس على الأرض. وبالتالي، الآن وفي الوقت الضائع تحديدا، يقوم الحزب بأخذ دور المؤسسات والوزارات المسؤولة عن ملف التعاطي الرسمي مع مسألة عودة النازحين. والحزب، وفي مرحلة تشكيل الحكومة، يحاول أيضا فرض شروطه على الحلفاء الطبيعيين للرئيس المكلّف سعد الحريري، أي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي». وثمة مساعٍ لتذليل العراقيل، لكن حتى الآن لم يُسجَّل أي يقدم.

وترى الأوساط، ضرورة انتظار التطورات السورية لمعرفة كيفية تأثيرها على دور الحزب في الداخل. ويظهر من الاتصالات الأمريكية - الروسية، أن لا مصلحة دولية في أن يتم ترك ايران تتمدد في المنطقة بهذا الشكل. في هذا المجال يتطابق الموقف الأمريكي مع الروسي. مع أن الفارق هو أن موسكو تستخدم الورقة الإيرانية لتحقيق سياساتها ومشروعها الكبير، إلا أنها لن تسمح أن تتحول ايران إلى دولة منافِسة. وموسكو في هذه المرحلة يهمها استقرار لبنان، لكن من دون أن تتدخل مع الحزب، الذي هو حليف ايران لتسهيل تأليف الحكومة، أو لضبط إيقاع دوره في لبنان وعدم تخطي هذا الدور، دور الدولة اللبنانية. كما أنها لا تتدخل معه لمنع انحراف مسار الوضع اللبناني عن النأي بالنفس الفعلي، أو منع الضغوط التي تستهدف سيادة لبنان الفعلية. ومن المتوقع أنه في حال تقرر على المستوى الأمريكي - الروسي تحجيم دور ايران في المنطقة وليس فقط في سوريا، أن يتراجع تدريجيا مسرح العمليات في سوريا ويتراجع النفوذ. وموسكو لا تفكر إلا في استراتيجيتها الكبيرة ولا تتدخل في التفاصيل خصوصا في الموضوع اللبناني.

المستقبل اللبنانية
0
التعليقات (0)