قضايا وآراء

علا القرضاوي وديمقراطية الغرب العوراء

عصام تليمة
1300x600
1300x600

تقبع السيدة علا القرضاوي في سجون الانقلاب بلا جريمة ارتكتبها، سوى أنها ابنة العالم الكبير دكتور يوسف القرضاوي، ومواطنة تحمل الجنسية القطرية، فالمقصود من التنكيل بها، وسجنها في حبس انفرادي، هو نكاية في أبيها، لمواقفه من الثورة المصرية، وموقفه من الانقلاب العسكري في مصر، ونكاية في الجنسية التي تحملها (الجنسية القطرية)، وقد مر عليها عام كامل في سجن انفرادي، وهو في حد ذاته عقوبة لا يقر بها القانون الدولي والإقليمي والمحلي، ولك أن تتخيل أن علا القرضاوي، هي جدة تقترب من الستين عاما، ولم يسبق لها أن ذهبت إلى قسم شرطة مصرية لاستخراج صحيفة جنائية (فيش وتشبيه)، ولا بطاقة رقم قومي، لتفاجأ منذ عام بالقبض عليها، ووضعها لأول مرة في حياتها في زنزانة انفرادية، وقد جرب والدها العلامة القرضاوي من قبل الحبس الانفرادي في مكتب في مبنى المخابرات العامة سنة 1962م، بعد عودته من قطر في إجازة صيفية، وكتب عن هذه الفترة أنها كانت أشد أنواع الحبس إيلاما له، فلا كلام ولا حوار ولا حياة مع أحد، ولم يدر بخلد الشيخ ولا ابنته، أن يأتي يوم لينكل بها بهذه الوسيلة القاسية. 


وهذا يذكرنا بالمسجونين قبلها من الرموز السياسية والدينية في سجون الانقلاب، وعلى رأس هؤلاء الرئيس الدكتور محمد مرسي فك الله أسره وأسر إخوانه، وكيف تحملوا السجن الانفرادي لخمس سنوات، مما حدا بالوزير النزيه المحترم باسم عودة أن يقف في المحكمة منذ سنة فيقول: أنا مسجون في حبس انفرادي أربع سنوات، أصلي الفروض الخمسة وحدي، وأصوم رمضان وحدي، وأقضي العيد وحدي.


لقد كتب القرضاوي رسالة لابنته علا بمناسبة مرور عام على سجنها الانفرادي، رسالة مبكية، لمن كان له قلب، وناشد فيها منظمات حقوق الإنسان، وناشد فيها أحرار العالم، رغم أن مجالس حقوق الإنسان دوليا طالبت بالإفراج عنها دون شرط، ولكن أين هي القوة التي تجبر مجرما كعبد الفتاح السيسي على هذا التنفيذ، والعالم الغربي يملك كل أدوات القوة الدولية والحقوقية لإجباره، فقد قام ترامب بإجباره بالإفراج عن آية حجازي وهي مواطنة تحمل الجنسية الأمريكية، فهل يقوم السيسي ونظامه بحبس الناس، والانتقام منهم، دون رضا هذا الشريك الغربي له في مشروعه الإجرامي؟! هذا أمر مستبعد، بل ينال الغطاء الدولي السياسي والعسكري والمالي بكل ما يسند هذا المشروع ليستمر لأطول فترة ممكنة.


ونستطيع أن نقارن ذلك، بموقف الغرب، لو كانت علا القرضاوي مواطنة تركية، وقامت بمعارضة الرئيس أردوغان، وقامت بفعل يجرمه القانون التركي، وعاقبها القضاء التركي بالحبس وهي مستحقة للعقوبة، ترى ماذا سيكون موقف الغرب من أردوغان وتركيا؟ سوف تقوم الدنيا ولا تقعد، وستكتب كل الصحف والمجلات الغربية عن استبداد أردوغان، وعن تركيا المظلمة، تركيا التي تتجاوز القانون، وتصدر نصائح للمواطن الغربي بعدم الذهاب لتركيا لعدم توافر الأمان فيها، رغم أن هذا الغرب يتابع ليل نهار - منذ قيام الانقلاب العسكري في مصر - التجاوز للقانون، والتعذيب البشع الذي يقوم به، والقتل خارج القانون، والقتل بالإهمال داخل السجون، والتنكيل بالمواطن المصري بكل ألوان التنكيل، ولا نرى أي حراكا ولا معاقبة لهذا النظام الانقلابي، وعندما لوح أردوغان بإمكانية عودة عقوبة الإعدام إذ بالغرب يستيقظ ويندد بهذا الإجراء، بينما يقوم السيسي بالإعدام لكل معارضيه بوسائل مختلفة، ولم نر إدانة واحدة له ولنظامه، وإن تكلم بعضهم تكلم بصوف خافت، لا يحرك ساكنا، ذرا للرماد في العين، وآخر جرائمه هو حبس فتيات المنصورة، وكم من النساء والفتيات يحبسن، ولم يدع تيارا بلا تنكيل، سواء كان إسلاميا، أو يساريا، أو علمانيا، رجالا ونساءا، قلوبنا معلقة بعدل الله ورحمته، أن يفك أسر علا القرضاوي، وكل علا في سجون الانقلاب، وأن تشملهم عين العدل المنصف، بعيدا عن عين الغرب العوراء، التي لا ترى إلا ما يحلو لها. 

 

[email protected]

0
التعليقات (0)