سياسة عربية

الأحكام القاسية بحق نشطاء الريف تخرج المغاربة إلى الشارع

خرج مئات المغاربة إلى شوارع المدن الرئيسية للاحتجاج ضد الأحكام ـ أرشيفية
خرج مئات المغاربة إلى شوارع المدن الرئيسية للاحتجاج ضد الأحكام ـ أرشيفية

أشعلت الأحكام القاسية بحق معتقلي حراك الريف، الرأي العام بالمغرب، حيث اتشحت مواقع التواصل الاجتماعي بـ"السواد"، قبل أن تخرج مسيرات غاضبة تجوب أهم شوارع مدن المغرب، بالإضافة إلى إضراب عام في مدينة الحسيمة، ما حدى برئيس الحكومة ووزيره في الحريات إلى تمني أحكام أكثر عدالة في الاستئناف. 


ووزعت الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ليل الثلاثاء، 308 سنوات سجنية على 53 معتقلا من نشطاء حراك الريف، أقصاها لقائد الحراك ناصر الزفزافي بـ20 سجنا نافذة، وأدناها سنة 1 سجنا، أدانتهم بالمس بالسلامة الداخلية للوطن. 

مسيرات غاضبة
عرفت عدد من المدن المغربية، مسيرات ووقفات غاضبة، بعد إدانة معتقلي حراك الريف، وانطلقت أولى المسيرات من مدينة وجدة ليل الثلاثاء، حيث جاب مئات المتظاهرين أحياء المدينة رفضا للأحكام.


من جهتها عاشت مدينة الحسيمة ليلة بيضاء، بعدما نظم أهلاي المعقلين عددا من الوقفات المتفرقة، بسبب التواجد الأمني الكثيف بالمدينة المستمر منذ مايو/ أيار 2017. 

 

وتظاهر العشرات من النشطاء الحقوقيين، بمدن الرباط، والبيضاء وأكادير وتزنيت للتنديد بالأحكام القاسية الصادرة في حق قادة حراك الريف.

 

وشارك النشطاء في وقفة احتجاجية، مساء اليوم الأربعاء، بعد صدور أمس الثلاثاء، أحكاما بـ 308 سنوات سجنا نافذا في حق 52 من قيادات حراك الريف.

 

بيان العائلات
وأصدرت لجنة عائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف المتواجدين بسجن الحسيمة والمرحلين عنه، ولجنة عائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف المرحّلين إلى الدار البيضاء، بيانا أدانت فيه الأحكام.


البيان الصادر بتاريخ 27 حزيران/ يونيو 2018، اعتبر أن "أن ما يمس بالسلامة الداخلية للدولة هو استشراء الفساد بجميع أنواعه واستفحال الفوارق الاجتماعية والمجالية داخل الوطن وعدم محاسبة الفاسدين وناهبي الثروات الوطنية والمال العام، وليس تعبير المواطنين عن تذمرهم من السياسات العامة بأشكال احتجاجية سلمية وحضارية ولا المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وهي ذاتها مطالب أبنائنا المعتقلين". 


وسجل البيان الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، أن "إدانة الأبرياء بأحكام جائرة وما يتولد عنها من جراح وأحقاد وتداعيات لا يعلم بها إلا الله، هو دليل يسقط شعار فصل السلط واستقلالية القضاء ناهيك عن شعار دولة الحق القانون، ويفند بالملموس وهم تجاوز سنوات الجمر والرصاص والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الذي تم الترويج له من خلال تجربة الإنصاف والمصالحة". 


وأدان "الأحكام الظالمة الصادرة في حق كل أبنائنا الأبرياء المتواجدين في جميع السجون".


ورفض "التضييق الذي مورس على المعتقليين السياسيين بسجن عين عيشة بتاونات بمنعهم من مهاتفة عائلاتهم وحرمانهم من حقهم في الفسحة الجماعية هذا اليوم تزامنا مع صدور الأحكام القاسية في حق معتقلي عكاشة".


وسجل: "وإذ نتشبث بوحدتنا عائلات المعتقليين السياسيين لحراك الريف، فإننا نناشد أحرار وحرائر الريف والوطن والعالم لدعم نضالاتنا من أجل إطلاق سراح أبنائنا الأبرياء وتحقيق مطالبهم العادلة، وندعوهم إلى تكثيف تحركاتهم النضالية وتوحيدها للوقوف أمام الانتكاسات الحقوقية التي تعرفها بلادنا".


رئيس الحكومة: لا أريد لأي مغربي أن يسجن

وقال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في رد على تغريدة لأحد متابعيه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "لا أريد لأي مغربي أن يُسجن، وأتمنى للجميع الحرية والعيش الكريم".

 

وتابع العثماني قائلا: "لكن القضاء مستقل عن الحكومة، ولا يحق لها دستوريا وقانونيا التدخل في أحكامه".


وزاد: "لننتظر مرحلة الاستئناف التي هي جزء من مراحل التقاضي".
 
وزير حقوق الإنسان: الاستئناف أكثر عدالة
عبر وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، عن أمله في أن يتم إصدار أحكام أكثر عدالة خلال مرحلة الاستئناف، من شأنها أن تكرس الثقة في القضاء وتؤسس لمصالحة جديدة مع سكان المنطقة.


وقال الرميد في تصريح عممه على الصحافة، إن "الأحكام الصادرة في قضية أحداث الحسيمة التي يظهر أنها لم تحظ بالاستحسان العام، تبقى أحكاما صادرة عن القضاء الذي لا يمكن الجدال في أحكامه إلا ممن اطلع على وثائق الملف وتابع القضية مباشرة واستمع إلى المناقشات والمرافعات".


وتابع: "معلوم أن القضية سيعاد مناقشتها أمام غرفة الجنايات الاستئنافية التي تتكون من خمسة قضاة يفترض فيهم الكفاءة والتجربة التي تتجاوز ما لدى زملائهم في المرحلة الابتدائية، وأملي كبير في أن يصدر بشأن هذه القضية أحكام أكثر عدالة تكرس الثقة في القضاء وتؤسس لمصالحة جديدة مع سكان المنطقة".


ابن عم الملك على الخط

لم يتردد ابن عم الملك محمد السادس، المقيم بأمريكا الأمير هشام، في وصف الأحكام الصادرة ضد نشطاء "حراك الريف" بـ "القاسية" و"المؤلمة".


وغرد الأمير، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن هذه الأحكام "تجعل الرؤية تضيق والغبن يتفاقم، ولا تعتبر المعالجة الأنسب لثقافة الاحتجاج التي تترسخ في وطننا".


وزاد: "بعد صدمة الأحكام هذه، أصبحنا مطالبين بالبحث عن الطريق الأنجع لمغرب يتسع لجميع أبنائه بدون استثناء للعيش في كرامة ولتأمين الاستقرار".

المبادرة المدنية: على الدولة التدارك

وقالت "المبادرة المدنية من أجل الريف" إن الأحكام خلقت لديها توجسا من ردة قاسية قد تأتي على مكتسبات بلادنا في المجال الحقوقي الذي قدمت الأجيال من أجلها الغالي والنفيس، مذكرة بمطلبها المعبر عنه منذ البداية والمتمثل في الإفراج عن كل النشطاء المشاركين في الحركة الاحتجاجية بطريقة سلمية".


وسجلت المبادرة (تقوم بالوساطة بين الدولة ونشطاء الريف)، في بلاغ عممته على الصحافة الأربعاء، استغرابها لهذه الأحكام داعية إلى تكثيف العمل من أجل تجاوزها بكل الطرق المشروعة.

 

وأكدت أن الأحكام القاسية الصادرة في حق عدد من النشطاء تؤشر بوضوح إلى أن الدولة لا تستحضر التحولات النوعية الجارية داخل المجتمع ودلالاتها على المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها.

 

ودعت الدولة إلى "القيام بمباردة سياسية أساسها ترسيخ المصالحة مع منطقة الريف واستكمال لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، وإعمال لمسلسل الإنصاف والمصالحة وضمان الانتقال الديمقراطي وذلك بتمتيع المعتقلين على خلفية الحركة الاجتماعية السلمية للحسيمة ونواحيها بالإفراج العاجل".

نقيب المحامين: حداد على العدالة
وكتب نقيب هيئة المحامين السابق بالمغرب، عبد الرحيم الجامعي، مقالا طويلا جاء فيه: "ليلة الثلاثاء الأربعاء 27/26 من شهر يونيو اختارت المحكمة أن تنطق بحكم لا يعرف أحد غاياته ومقاصده ولفائدة من .... حكم بلحنٍ موسيقي خاص وحزين بآلة القضاء الذي يعرف وحده وقع أوتارها، وهي بالبداهة  الموسيقى التي تشيع بها جنازة الأمريكيين لنقل موتاهم ودفنهم ووداعهم لمثواها الأخير".


وزاد: "الحكم الصادر على شباب الريف في محاكمة الحراك السلمي شيع ودفن عدالة بلدي في زمن الردة العارمة للحريات بالمغرب. والمواطنة في عالم ومحيط قتل روح الربيع وروح العشرين من فبراير وفتح باب الردة على كل المستويات وفِي طليعتها الردة القضائية". 

 

وزاد: "لكنني سأترك قضاة المحكمة في حزنهم يسيرون وحدهم وراء النعش لدفن العدالة، أما أنا فقد أصبحت متحللا من الصمت الذي التزمت به مع باقي هيئة الدفاع دون نبسٍ ولو بكلمة كل أطوار المحكمة احتراما لنفسي ولقواعد مهنتي، وسأتكلم وسأكتب عن قتل أحلامي التي سرقتها مني أحكام الماضي والحاضر وليلة الأمس".

 

السواد يغطي مواقع التواصل الاجتماعي
ساد اللون الأسود حسابات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك" الذي يوفر خاصة تغيير اللون، وذلك تعبيرا عن الغضب من الأحكام القاسية التي صدرت بحق نشطاء حراك الريف.


وسيطرت على مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، عبارات التضامن مع المعتقلين وأسرهم، كما سادت موجة غضب تجاه الدولة والحكومة والقضاء.

 

وتحدث النشطاء عن ضرورة إطلاق سراح المعتقلين بشكل عاجل وفوري، وناشدوا البرلمان لتحريك مسطرة العفو تطبيقا للفصل 71 من دستور المغرب، كما ناشد آخرون ملك البلاد لإعمال العفو الشامل تجاه المعتقلين.


وكانت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قد قضت مساء يوم الثلاثاء بـ 20 سنة سجنا في حق ناصر الزفزافي قائد حراك الريف، ونفس الحكم بالنسبة لكل من نبيل أحجميق وسمير إيغيد ووسيم البوستاتي.

التعليقات (0)