صحافة دولية

واشنطن بوست: مسلمو أمريكا يتساءلون ماذا بعد قرار الحظر؟

واشنطن بوست: مسلمو أمريكا فسروا قرار المحكمة بأنه مصادقة للعنصرية الأمريكية المفتوحة- جيتي
واشنطن بوست: مسلمو أمريكا فسروا قرار المحكمة بأنه مصادقة للعنصرية الأمريكية المفتوحة- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها إبيغال هاوسلونر، تقول فيه إن المسلمين الأمريكيين يتساءلون بعد قرار المحكمة الأمريكية العليا، الذي أقر فيه القضاة قرار الرئيس القاضي بمنع مسلمي خمس دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، "ماذا بعد؟".

 

وتبدأ هاوسلونر تقريرها بالإشارة إلى أن بنات رامي المنصوب يسألنه كل يوم ومنذ عدة أسابيع: "هل هناك قرار بعد؟ وهل قرروا؟ وهل صدر القرار؟"، مشيرة إلى أن أعمار البنات هي 6 أعوام، و9 أعوام، و و13 عاما، ويعشن في اليمن، الذي مزقته الحرب، حيث علمتهن الغارات الجوية العشوائية التحضير للأسوأ، وفي العام الماضي ندبن جدتهن، التي ماتت بسبب رصاصة طائشة اخترقت رأسها عندما كانت تجلس في بيتها. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الفتيات الثلاث كن يعلمن أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يحظر على مواطني خمس دول إسلامية، بما فيها اليمن، دخول الولايات المتحدة، سيتم تثبيته، ويعلمن أن القرار سيحدد إن كن وأمهن قادرات على الانضمام لوالدهن الذي يحمل الجنسية الأمريكية. 

 

وتذكر الصحيفة أن الفتيات كن قد حصلن على تأشيرات للسفر، ثم جرى إلغاؤها، حيث جاء قرار المحكمة العليا مثل المطرقة التي قضت على أي أمل على رأس المنصوب، فبالنسبة له ولآلاف المواطنين الأمريكيين وأصحاب الإقامات الدائمة، الذين انتظروا بفارغ الصبر قرار المحكمة، فإن موافقة قضاة المحكمة العليا هو بمثابة الحكم ليس على مصيرهم فقط، لكن على ماذا يعني أن تكون أمريكيا. 

 

وتورد الكاتبة نقلا عن المهندس المنصوب، البالغ من العمر 34 عاما، والمولود في أمريكا واليمني النشأة، قوله: "اعتقدت طوال حياتي أن هذا البلد هو بلدي"، لافتة إلى أنه كان قد عاد في عام 2015 لبناء حياته من جديد في أحياء واشنطن، وأضاف: "كلنا نعرف أن الولايات المتحدة هي مكان الحرية، وهو ما كنت أفكر به دائما، لكنها لم تعد كما كانت". 

 

ويلفت التقرير إلى أن المنصوب تقدم لجمع شمل عائلته وإحضار زوجته وبناته قبل أشهر من وصول ترامب إلى البيت الأبيض، في كانون الثاني/ يناير 2017، مشيرا إلى أن القرار، الذي كان تعبيرا عن الوفاء بتعهد ترامب أثناء الحملة الانتخابية بالعمل على منع مسلمي العالم من دخول الولايات المتحدة، جاء سريعا. 

 

وتفيد الصحيفة بأنه بعد نسختين معدلتين ومعارك قانونية عدة، فإن المحكمة العليا سمحت في كانون الأول/ ديسمبر بفرضه لفترة مؤقتة، ومنع السوريين واليمنيين والصوماليين والليبيين والإيرانيين من دخول الولايات المتحدة، وقررت المحكمة الآن تثبيته، ما أضاف شعورا دائما بين المسلمين الأمريكيين، وهو أن الحكومة تعاملهم بطريقة مختلفة عن معاملة بقية المواطنين. 

 

وتنقل هاوسلونر عن أبرار عميش، وهو أمريكي من أصل ليبي يعيش في فيرجينيا، الذي رشح نفسه لمنصب في مجلس مدرسة في مقاطعة "فيرفاكس"، قوله: "وضعني في وضعية المواطن من الدرجة الثانية". 

 

وينوه التقرير إلى أن الجماعات المدافعة عن الحقوق المدنية في أنحاء أمريكا كلها، ردت على قرار المحكمة العليا يوم الثلاثاء بعبارات حادة، ووصفته "بالكريه"، وبأنه "خيانة تاريخية للقيم"، وأنه "صك مفتوح للتمييز"، وبأنه "قرار سيسجله التاريخ على أنه من أكبر مظاهر الفشل للمحكمة العليا". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المديرة التنفيذية لمجموعة "المدافعون عن المسلمين" فرحانة خيرة، قولها إن المحكمة العليا "أعطت الضوء الأخضر لممارسة التمييز الديني والكراهية"، فيما وصفت "أمنستي" القرار بـ"السياسة الداعية للكراهية، وهي كارثة على الجميع"، مشيرة إلى أن الناشطين خططوا لسلسلة من التظاهرات في ديترويت وأتلانتا وهيوستن ومينيابوليس وبالتيمور، تحت شعار "هاشتاع لا منع أبدا للمسلمين"، و"هاشتاغ قفوا مع المسلمين".

 

وتستدرك الكاتبة بأنه رغم الغضب كله، والتظاهرات المخطط لها، والتعاطف والعزاء من الأصدقاء القلقين، فإن ذلك بدا غير مهم للمنصوب وغيره، حيث أن ما يهم هو السؤال الذي وجهته زوجته له عبر الهاتف، على بعد 13 ألف ميل، بعد دقائق من ظهور قرار المحكمة على شاشات التلفزة: "سألتني سؤالا لم أكن قادرا على الإجابة عليه.. وماذا بعد؟ وليس لدي حل باستثناء البحث عن بلد آخر لي ولعائلتي لنعيش فيه".

 

وبحسب التقرير، فإنه في نورث كارولينا، أجرى المواطن الأمريكي خالد الشوبي، الحوار ذاته مع ابنه البالغ من العمر 16 عاما، وهو يحمل الجنسية اليمنية، وينتظر قرب السفارة الأمريكية في جيبوتي منذ ثمانية أشهر؛ أملا في الحصول على تأشيرة والانضمام لوالده في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه يبكي الآن، وفي حالة يائسة، ولا يعرف والده ماذا يفعل، ويقول الشوبي (41 عاما): "قال لي: أبي لن أعود إلى البيت، أرسلني فقط إلى ماليزيا أو أي مكان، لكن ليس لدي المال".

 

وتنقل الصحيفة عن محامي الهجرة وقادة المجتمع، قولهم إنهم بدأوا يتلقون مكالمات من المسلمين الأمريكيين الذين فسروا قرار المحكمة بأنه مصادقة للعنصرية الأمريكية المفتوحة، حيث يقول أستاذ دراسات البترول في جامعة نورث داكوتا مهدي أستاذ حسن: "الرسالة للمسلمين، بأنه غير مرحب بكم هنا، ولا نريدكم هنا، ونريد منعكم من القدوم للولايات المتحدة وجعلها وطنكم المستقبلي.. والرسالة هي أن عليهم عدم التعويل على أمريكا لتكون بلدهم، وعليهم البحث عن أماكن أخرى للعيش فيها".

 

وتذكر هاوسلونر أن أستاذ حسن، الذي تزوج امرأة أمريكية وله منها ولد، يشرف على ثمانية طلاب دكتوراه، ويدير أربعة برامج تمولها الحكومة، منها ثلاثة بالتعاون مع أطباء لاستكشاف طرق تشخيص السرطان وأمراض أخرى، مستدركة بأن أستاذ حسن يواجه مشكلات للحصول على البطاقة الخضراء، وقال يوم الثلاثاء إنه وزوجته قررا مغادرة الولايات المتحدة، ويريد أن يكون قادرا على زيارة عائلته في الخارج، وقبول دعوات لإلقاء محاضرات، دون منعه من الدخول في حال عودته، وقال: "بالطبع أريد البقاء، وعائلتي تريد البقاء هنا، لكن من أجل عملي وعائلتي فمن الأفضل مغادرة البلد".

ويبين التقرير أن المنصوب يقضي وقته في أحياء نورث فرجينيا من مركز إنشاءات لآخر، وهو غير قادر على الجلوس في مكتبه والتعامل مع الحقيقة الدائمة، ويقول: "أشعر بالضعف، كنت قويا قبل ستة أشهر، وأقول لنفسي إنها الإدارة وستتغير، ونعرف الولايات ونعرف أمريكا، وكنت أعتقد أن دستورنا قوي ولن يتغير".

 

وتقول الصحيفة إن المنصوب كان يعتقد أن المحكمة العليا ستتوصل إلى تسوية، وهو أمر كان يتخيل أن يرضي الرئيس، لكنه يسمح للمواطنين الأمريكيين بالحصول على تأشيرات لعائلاتهم، إلا أنه يشعر بالسذاجة الآن، حيث أنه فكر في الخريف بشراء بيت كبير من ثلاث غرف، وأرسل صوره لزوجته وأبنائه، حيث اختار الفراش والأسرة لكل غرفة من الغرف، والألوان المحببة لكل ابنة من بناته. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول المعارف له إن كندا خيار جيد له، خاصة أنه مواطن أمريكي فمن السهل عليه جلب عائلته، ويقول: "تغيرت أمريكا، وتقوم هذه الإدارة بزرع الكراهية في قلوب الناس"، وطلب من زوجته ألا تخبر البنات بالقرار.

التعليقات (1)
ح ك ع
الجمعة، 29-06-2018 09:58 ص
هل تبقى امريكا دولة المؤسسات الديمقراطية والمناضلة من اجل حرية الانسان " ام باتت عنصرية بامتياز