قضايا وآراء

صفقة القرن متعثرة حتى مع جولة كوشنر- غرينبلات

ماجد أبو دياك
1300x600
1300x600
توافرت خلال الأيام الماضية تفاصيل جديدة عن صفقة القرن، والتي تقوم على أساس إنهاء القضية الفلسطينية بتفكيك عناصرها، وأهمها القدس والاستيطان واللاجئين، وتمكين إسرائيل في المنطقة؛ بدعم دول عربية رئيسية.

جاء ذلك خلال الجولة التي قام بها صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، ومبعوثه الخاص للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، والتي انتهت هذا الأسبوع.

ومن أهم هذه التفاصيل على الإطلاق، فصل الضفة عن غزة وإغراءات بدعم مالي كبير ستحصل عليه السلطة الفلسطينية، مقابل موافقتها على دولة منقوصة في الضفة؛ لا تشمل القدس وتفكيك المستوطنات، وكذلك السعي لحل إنساني يتضمن  تخفيف الإجراءات على قطاع غزة، مقابل موافقة حماس على هدنة مع الاحتلال لمدة عشر سنوات.

ومنذ الثلاثاء الماضي، عقد كوشنر وغرينبلات سلسلة اجتماعات، شملت العاهل الأردني عبد الله الثاني في الأردن، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في السعودية، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة، لتنتهي هذه الجولة في إسرائيل بلقاءات مكثفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤوليه.

وتجاهل المبعوثان زيارة رام الله واللقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بسبب إعلان معارضته للصفقة واعتباره واشنطن وسيطا غير نزيه لمفاوضات السلام، بعد قيام ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس.

تنازلات مطلوبة

ومما لا شك فيه أن هذه الصفقة تريد إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات "مجحفة"، بما فيها وضع مدينة القدس الشرقية.

وزعم تقرير نشرته مجلة نيويوركر الأمريكية أن كوشنر وابن سلمان وضعا الخطوط العريضة لتحالف شرق أوسطي؛ يركز على مواجهة إيران وإخضاع الفلسطينيين للموافقة على صفقة القرن.

وتبدو السعودية متشجعة لهذا التحالف وتدفع به للأمام، أما عملية إخضاع الفلسطينيين فستتم بالتلويح لعباس باستبعاده من المعادلة والبحث عن شخصيات أخرى.

وقال مصدر فلسطيني مطلع: "ينوون جلب المال ومقايضة رئيس السلطة محمود عباس، والقول إنه إذا تعاون معهم، سيتم فتح كل الصفقة.. وأما إذا رفض وبقي متمسكاً بموقفه، فستعمل أمريكا مع أطراف أخرى".

ومن جهة ثانية، فسيتم عرض إغراءات على حماس لدفعها للموافقة على الإجراءات الإنسانية حتى لو استمرت في رفض الصفقة، طالما أنها ستلتزم بهدنة مع العدو. وقد تم التحدث مع القيادة القطرية لتحمل أعباء غزة. ورغم موقفها المعارض للصفقة، فإنها لن تعارض تقديم مساعدات أكبر لغزة مما تقدمه الآن.

ويدور الحديث عن بناء رصيف في قبرص لتوريد احتياجات غزة برقابة إسرائيلية وأوروبية، وكذلك عن بناء محطة لتوليد الطاقة.

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد قالت الأسبوع الماضي إن الموفدين الأمريكيين يسعيان إلى جمع مليار دولار من دول خليجية لإقامة مشاريع في منطقة شمال سيناء، بهدف التخفيف من معاناة سكان قطاع غزة.

حل مجحف

وكتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، عما وصفها بـ"معلومات مسربة" عن الصفقة تفيد بأن الإدارة الأمريكية ستعرض على الفلسطينيين عاصمة في "أبو ديس" بدلا عن القدس، وستبقي البلدة القديمة تحت السيطرة الإسرائيلية، مقابل الانسحاب من أحياء فلسطينية في أطراف القدس. 

وقال هارئيل: "الجانب الأمريكي سيقدم للفلسطينيين أبو ديس بدلاً عن القدس الشرقية عاصمة لدولتهم، في المقابل ستنسحب إسرائيل من ثلاث إلى خمس قرى وأحياء عربية شرق القدس وشمالها. وستبقى البلدة القديمة في القدس الشرقية تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة".

وأضاف هارئيل: "على ما يبدو: فإن اقتراح ترامب لن يطالب إسرائيل بالانسحاب من أي مستوطنات في الضفة الغربية، بما فيها النائية، كما سيبقى غور الأردن تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة".

وتابع المحلل هارئيل: "الدولة الفلسطينية التي سيتم طرحها ستبقى منزوعة السلاح، ولن يكون لها جيش ولن تمتلك أسلحة ثقيلة، وذلك مقابل حزمة من الحوافز المادية الضخمة الممنوحة من السعودية ودول خليجية أخرى".

وتشير المعطيات إلى أن الصفقة لا زالت لا تحظى بموافقة الأردن والسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يضع علامات استفهام كبيرة حول إمكانية نجاحها!!

واجتمع كوشنر في هذه الجولة بمحمد بن سلمان، وبحثا توفير الإغاثة الإنسانية لقطاع غزة، كما بحثا مساعي الإدارة الأمريكية لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وتردد أن ابن سلمان قال في وصف استراتيجيتهما إنه سيتولى أمر الفلسطينيين، بينما سيتولى ترامب أمر إسرائيل.

صفقة متعثرة

ولا يمكن للسلطة الفلسطينية الحالية أن تقبل بهذا الحل الذي يهوّد القدس ويضيع قضية اللاجئين ويشرّع المستوطنات؛ لأنها تكون بذلك قد سهلت عملية تصفية القضية، وهو الأمر الذي لا يقبل به الفلسطينيون. كما أن هناك تخوفات أردنية من أن تمنح الخطة الأمريكية دورا للسعودية في الإشراف على حرم القدس، ما يسحب الامتياز الأردني في الإشراف على الأوقاف في المدينة.

ولهذا لم تتمكن إدارة ترامب من إعلان موعد محدد لإطلاق الصفقة، إذ إن محاولات القفز عن القيادة الفلسطينية لن تكون سلسلة، وستتطلب وقتا، كما أن معارضة الأردن لها، بسبب إدارة الأماكن المقدسة والثمن الذي قد يدفعه لحل قضية اللاجئين وعدم نجاح قيام دولة فلسطينية ممسوخة، سيعرقل هذا الحل إلى حد بعيد.

أما محاولات إغراء حماس بالحل الإنساني، والذي سيؤدي إلى إطلاق حلول للاجئين في سيناء، فلم تؤت أكلها حتى الآن.

ورغم أن هذه الجولة جاءت بأفكار جديدة تفصيلية، إلا أنها لم تتمكن من لحلحة مواقف الأردن وفلسطين، رغم اتضاح تورط الرياض والقاهرة فيها، الأمر الذي يجعل من المبكر الحكم بنجاح هذه الخطة في ظل إدارة أمريكية متسرعة؛ ومندوبي ترامب الذين تنقصهم الخبرة والتجربة في إدارة مفاوضات ناجحة.
التعليقات (0)