اقتصاد دولي

هل ستتوقف "حرب العملة" في تركيا بعد فوز أردوغان؟

خبراء اقتصاد: لا يمكن تصور أن يقوم المضاربون بسحب كل أموالهم في فترة واحدة- جيتي
خبراء اقتصاد: لا يمكن تصور أن يقوم المضاربون بسحب كل أموالهم في فترة واحدة- جيتي

تتجه أنظار العديد من المستثمرين ورجال المال والأعمال في مختلف دول العالم، إلى انعكاسات فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كأول رئيس لتركيا بعد إقرار النظام الرئاسي الجديد، في الانتخابات التي جرت الأحد 24 يونيو/حزيران الجاري.

 

وفي اليوم التالي للانتخابات التركية، ارتفع مؤشر بورصة إسطنبول المئوي بنسبة 3.55 بالمئة، كما رتفعت الليرة أكثر من اثنين بالمئة لتصل إلى مستوى أقل من 4.55 ليرة للدولار مقارنة مع 4.6625 ليرة عند الإغلاق يوم الجمعة (آخر جلسات للتداول قبل الانتخابات).

ويعول الحزب الحاكم في تركيا على نظام الحكم الجديد في إعطاء دفعة قوية للنهوض الاقتصاد، وإتمام مشاريع رؤية عام 2023، التي تهدف إلى مشروع "تركيا الجديدة".

 

وقال أردوغان في مقابلة تلفزيونية مع قناة (تي آر تي) الرسمية، الجمعة الماضي: "من خلال النظام الرئاسي الجديد سيتم تأسيس بنية جديدة لآليات التشاور واتخاذ القرارات بشكل أسرع وتنفيذه بشكل سليم، وسوف توفر البنية الجديدة مزيدا من الوقت لتنفيذ كل المشاريع التي يحلم بها الشعب التركي".


وأكد أن البنية الجديدة ستؤدي دورا كبيرا في جذب رأس المال العالمي للاستثمار في تركيا ما يؤدي إلى رفع معدل الدخل القومي والتوظيف.

 

اقرأ أيضا: مسؤول: تركيا ليست الوحيدة التي تواجه تقلبات سعر الصرف


وشهدت الليرة التركية، خلال الشهور الأخيرة، تراجعا كبيرا أمام العملات الأجنبية، ووصل سعر صرفها إلى مستويات قياسية منخفضة أمام الدولار الأمريكي بعد أن تخطى سعر صرف الدولار حاجز 4.90 ليرة قبل أن يتراجع ويتراوح عند مستويات 4.60 و4.70 ليرة، مقابل 2.90 ليرة للدولار قبل محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز2016.


وأكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في مايو الماضي ، خلال كلمة أمام اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي، أن تركيا تتعرض لإرهاب اقتصادي، فيما قال خبراء اقتصاد ومحللون لـ"عربي21" إن تذبذب سعر صرف الليرة التركية، خلال الشهور الماضية، المائل للهبوط إلى مستويات قياسية، لا يخرج عن كونه حربا تستهدف العملة المحلية، مدفوعة ببعض العوامل الداخلية المتعلقة بالاقتصاد التركي.


وأكدوا أن "حرب العملة" التي استهدفت الليرة التركية، كان الهدف الأبرز لها هو التأثير على قرار الناخب التركي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ودفعه للتصويت ضد أردوغان وحزب العدالة والتنمية.

 

اقرأ أيضا: قفزة قوية ببورصة إسطنبول بعد فوز أردوغان.. والليرة تتعافى

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستتوقف تلك الحرب التي استهدفت الليرة التركية خاصة والاقتصاد التركي بصفة عامة، بعد إعلان فوز الرئيس التركي لأول ولاية في النظام الرئاسي الجديد، وفوز تحالف الشعب الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البرلمانية ؟ وما هو مستقبل الاقتصاد التركي في ظل نظام الحكم الجديد؟


قال الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، إن إمكانيات الاقتصاد التركي في الانطلاق خلال الفترة القادمة، هي إمكانيات كبرى، ستنقل الاقتصاد التركي من مصاف الاقتصاديات الناشئة إلى مصاف الاقتصاديات الكبرى، إذا ما استطاعت الحكومة التركية أن تنفذ ما وعدت به على أرض الواقع.


وأكد في تصريحات لـ "عربي21"، أن الحرب لا تزال مستمرة بين النظام التركي وبين من يسعون إلى تخريب الاقتصاد التركي، وهو ما قد يؤدي إلى تأخر تعافي الليرة التركية في الأجل القصير.


وأضاف: "من المتوقع أن يكون التأثير الإيجابي لنظام الحكم الجديد على الليرة التركية في الأجل المتوسط والأجل البعيد، ولن يحدث تأثير إيجابي ضخم على قيمة الليرة في الأجل القصير، ولو حدث فإنه سيكون بنسب طفيفة".

 

اقرأ أيضا: باحث سوداني: دول عربية حاولت تحطيم اقتصاد تركيا


وأشار ذكر الله إلى وجود فرق بين المؤشرات الاقتصادية سريعة الاستجابة كالعملة المحلية والبورصة، وبين المؤشرات الاقتصادية الكلية الطبيعية التي تحتاج إلى ترتيبات وإجراءات بل وقوانين تعتزم الحكومة التركية سنها بعد النجاح في الانتخابات.


وتابع: "تابعنا ارتفاعا مباشر لمؤشرات سوق المال التركي في اليوم التالي للانتخابات، أما بالنسبة لسعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، فالموضوع أكثر تعقيدا، لأن هبوطها خلال الفترة الماضية كان مرتبطا بمجموعة من العوامل من بينها المضاربات الخارجية التي أدت إلى تذبذب كبير في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية الأخرى".


وأردف: "لا يمكن تصور أن يقوم المضاربون بسحب كل أموالهم في فترة واحدة، لأنهم على المستوى الاقتصادي سيحققون خسائر كبيرة، وعلى المستوى السياسي لن يسعى هؤلاء إلى سحب أموالهم من السوق التركي بصورة مفاجئة للتأثير سلبا على صورة الحكومة التركية الجديدة وإظهارها في مظهر العاجز عن التحكم في تذبذب سعر صرف الليرة".


وأوضح الخبير الاقتصادي أن هبوط الليرة خلال الفترة الماضية وتذبذب سعر صرفها، كان مرتبطا أيضا بمجموعة من العوامل الداخلية، مثل عجز الموازنة العامة للدولة، وعجز الميزان التجاري، وإجراءات السياسة النقدية، وهذه العوامل لا تزال أيضا موجودة، وتحتاج لوقت كي تتحسن.

 

اقرأ أيضا: وزير اقتصاد تركيا: نتحرّق شوقا لأول يوم في نظام الحكم الجديد

وأشار إلى أن الحكومة التركية أعلنت أنها ستقوم بعد الانتخابات بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية على أكثر من مستوى، منها تعديل المناخ الاستثماري والسماح بدخول المستثمرين ببعض المشروعات التي كان يعتبرها الأتراك سابقا مشروعات سيادية استراتيجية ولا يمكن الدخول فيها، مثل مشروعات التعليم والصحة وخلاف ذلك، وسيسمح للأجانب بتملك هذه المشرعات.


واستطرد: "من بين هذه الإجراءات توفير رعاية خاصة للمستثمرين، خاصة العرب منهم، وتغيير نظام الإقامات، وتحديد نوافذ خاصة لهم للحصول على إقامة، إضافة إلى أن توفير رعاية خاصة للمشروعات الصغيرة المتوقع أن تشكل خلال الفترة المقبلة رافعة قوية للاقتصاد التركي القائم في الأساس على الإنتاج".


وفي ما يتعلق بجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية بعد تلاشي ضبابية المشهد السياسي في تركيا عقب إعلان نتائج الانتخابات، قال ذكرالله إن رؤوس الأموال الكبيرة لا تتحرك إلا وفق استراتيجية عالمية تحدد وتحجم حركة هذه الأموال العالمية، مضيفا أن "هذه الاستراتيجية تتحكم فيها إلى حد كبير السياسات العالمية تجاه دولة بعينها، وبالتالي من المتوقع ألا يكون هناك جذب كبير لهؤلاء المستثمرين، نتيجة للمواقف السياسية العالمية من النظام التركي".

 

اقرأ أيضا: تركيا: نعلم جيدا من يقف خلف عمليات التلاعب بأسعار الصرف

ودعا الخبير الاقتصادي الحكومة التركية الجديدة إلى التركيز على جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة لأنها تكون أقل تأثرا بالمواقف السياسية، وتتحرك وفقا للمصلحة الاقتصادية وليس للمصالح السياسية، مؤكدا أن عملية جذب الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا، خاصة الاستثمارات الكبرى التي تتحكم فيها السياسة العالمية، لا تتوقف على نجاح الحزب الحاكم في الانتخابات، وإنما تتوقف على مجموعة من الإجراءات تقوم بها الحكومة الجديدة.


ومن جانبه، توقع المحلل المالي، عمرو السيد، أن يشهد سعر صرف الليرة التركية، تحسنا ملحوظا خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد حلف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليمين الدستورية، وتشكيل الحكومة الجديدة.


واعتبر السيد في تصريحات لـ "عربي21" أن ما شهدته سعر صرف الليرة التركية من ارتداد عكسي بعد الصعود الذي حققته في بداية تعاملات اليوم التالي للانتخابات أمر طبيعي، متفقا مع ما ذكره الخبير الاقتصادي أحمد ذكرالله أن قدرة الليرة التركية على التعافي ستتوقف على السياسات الاقتصادية والمالية التي ستتخذها الحكومة التركية الجديدة.

التعليقات (0)