صحافة دولية

هكذا تعزز موسكو وتل أبيب الضغط على طهران لتخرج من سوريا

هل يخرج الإيرانيون من سوريا بعد كل ما حققوه فيها؟ - جيتي
هل يخرج الإيرانيون من سوريا بعد كل ما حققوه فيها؟ - جيتي

نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن الوضع الصعب الذي تتخبط فيه سوريا في الوقت الراهن، في ظل التجاذبات القائمة بين روسيا وإسرائيل لإخراج إيران من الأراضي السورية.

 

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه في أواخر شهر نيسان/ أبريل، تم تشييع جثمان الجندي الإيراني حامد رضائي ضمن الدفعة الأخيرة للجنود الذين قتلوا في سوريا. وقد توفي رضائي، البالغ من العمر 30 سنة، خلال هجوم صاروخي إسرائيلي على القاعدة الجوية تي 4 القريبة من حمص.

وأكدت الصحيفة أن رضائي هو واحد من بين ألفي جندي إيراني ماتوا في سوريا منذ أن بدأت طهران عملياتها العسكرية لدعم نظام الأسد. وفي الوقت الراهن، تصر إسرائيل على دفع روسيا وبقية اللاعبين الدوليين الآخرين لإجبار إيران على مغادرة سوريا، وتهدد بتوجيه ضربات جوية جديدة ضد المواقع الإيرانية في مرتفعات الجولان وفي مناطق أخرى من سوريا. وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن انسحاب الجنود الإيرانيين من سوريا، هو واحد من الشروط الاثني عشر لرفع العقوبات عن إيران، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.

وأفادت الصحيفة بأن المسؤولين الإيرانيين أعربوا عن رفضهم التنازل والانسحاب من سوريا، مشيرين إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية والضغوط الروسية لن تؤثر فيهم. وبعد المشاركة في هذه الحرب واستثمارها على نطاق واسع، تنوي طهران الاستفادة من المزايا الإستراتيجية طويلة الأمد التي من المتوقع أن تقدمها لها سوريا، حتى لو تطلب الأمر خسارة المزيد من الأرواح والأموال.

ونقلت الصحيفة ما صرح به رئيس تحرير وكالة أنباء رائدة في إيران، تحدث عن السياسة الخارجية الإيرانية دون أن يكشف عن هويته: "لا أعتقد أن إيران مستعدة للتخلي عن وجودها العسكري في سوريا". وأضاف المصدر ذاته قائلا إن "الوجود العسكري الإيراني يمنحها نفوذا على إسرائيل، خاصة وأن طهران تتمتع بقدرة جيدة في إدارة الساحة الإقليمية، بينما يعتبر الروس ضعفاء في هذا المجال". 

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران تصر على أن وجودها في سوريا كان بموجب اتفاق مع دمشق، وهذا يعني أن مسألة بقائها من عدمها في سوريا لن تكون إلا بطلب من الأسد. وعلى مدى السنوات السبع الماضية، بلغت قيمة الاستثمارات الإيرانية في سوريا مليارات الدولارات سواء على البرامج العسكرية أو الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، تقوم إيران بتجنيد وتدريب الميليشيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا وترسلهم إلى سوريا، ليعودوا إلى عائلاتهم موتى.

ووفقا لتقديرات الدبلوماسي الإيراني السابق، منصور فرهنج، "أنفقت إيران 30 مليار دولار على الأقل على المساعدات العسكرية والاقتصادية الموجهة لسوريا". وحسب الخبير في شؤون الشرق الأوسط، نديم شحادة، يقدر الإنفاق الإيراني على الحرب السورية بحوالي 15 مليار دولار سنويا أي حوالي 105 مليارات دولار إجمالا. وتجدر الإشارة إلى أن لهذه الأرقام تأثيرا على حالة عدم الاستقرار في إيران، نظرا لأن الإيرانيين يطالبون بالمساءلة الصارمة والشفافية المالية.

ونقلت الصحيفة عن فرهنج: "لدى إيران استثمارات اقتصادية وسياسية وعسكرية عديدة في سوريا، وهذا يجعلها تجد صعوبة في مغادرة سوريا". ووفقا للخبراء، تنشط القوات الإيرانية حاليا في 11 قاعدة عسكرية في جميع أنحاء البلاد، وهناك 9 قواعد عسكرية موالية لإيران تضم مقاتلين شيعة في حلب وحمص ودير الزور. كما تتمركز حوالي 15 قاعدة عسكرية تابعة لحزب الله إلى جانب مراكز مراقبة على طول الحدود اللبنانية وفي حلب.

وأوردت الصحيفة أن بعض المحللين العسكريين أكدوا أن روسيا تضغط على إيران لإجبارها على سحب قواتها من جنوب سوريا نحو منطقة دير الزور غرب نهر الفرات. وفي وقت سابق، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتصدي لأي محاولة إيرانية تهدف إلى تعزيز قوتها في سوريا "ليس فقط بالقرب من مرتفعات الجولان، وإنما في أي مكان من سوريا أيضا".

وفي هذا السياق، أكد المندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة دور غولد، أن نتنياهو لم يتحدث بشكل مجازي، وإنما كان يقصد فعليا كامل سوريا. ووفقا لغولد "من وجهة نظر عسكرية بحتة، من الواضح أن إسرائيل تريد مغادرة إيران من المنطقة بشكل نهائي".

ونوهت الصحيفة بأن تورط إيران في سوريا يتجاوز الوجود العسكري العادي، حيث بدأت إيران في بعث مؤسسات مالية خاصة بها، كما تدعم قطاع البناء في سوريا، وتعمل على بعث مشاريع لإعادة بناء المدارس والطرقات وغيرها في حلب ومدن أخرى. فضلا عن ذلك، تقدم إيران مساعدات مالية لعائلات عناصر الميليشيات السورية القتلى.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه قبل أيام صرح نائب القائد العام لحرس الثورة الإسلامية، العميد حسين سلامي، بأن طهران تصر على مواصلة تعزيز موقفها في سوريا. ومن الواضح أن الهجوم الإسرائيلي على قاعدة تي 4 كان في إطار محاولة لتخويف الإيرانيين وإجبارهم على الرحيل، علما وأن هذا الهجوم أسفر عن مقتل عدد هام من الجنود الإيرانيين.

التعليقات (0)