صحافة دولية

نيويورك تايمز: هذه هي حرب المسيحيين القوميين الخاطفة

نيويورك تايمز: القوميون المسيحيون في أمريكا لديهم خطة جديدة لترويج أهدافهم التشريعية- جيتي
نيويورك تايمز: القوميون المسيحيون في أمريكا لديهم خطة جديدة لترويج أهدافهم التشريعية- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للكاتبة والصحافية كاثرين ستيوارت، تقول فيه إن القوميين المسيحيين في أمريكا لديهم خطة جديدة لترويج أهدافهم التشريعية في مختلف الولايات في البلد، حيث أن الهدف المعلن لتلك الخطة هو "الحرية الدينية"، مشيرة إلى تلك الخطة تدعو دون خجل لـ"مشروع الحرب الخاطفة". 

 

وتقول الكاتبة إن "مشروع (الحرب الخاطفة) يصف بدقة روح الخطة، لكن المهمة لا علاقة لها بما يمكن أن يطلق عليه معظم الأمريكييين حرية دينية، وهذه هي آخر محاولة من المتطرفين الدينيين لاستخدام القوة القهرية للحكومة لضمان امتيازات في المجتمع لنسختهم من المسيحية".

 

وتشير ستيورات في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الفكرة خلف المشروع هي إشغال أجهزة التشريع في الولايات المختلفة بمشاريع قوانين يتم إنتاجها مركزيا، وبحسب أبحاث قامت بها جمعية الوحدة الأمريكية لفصل الكنيسة عن الدولة، فإنه تم تقديم 70 مقترح قانون للأجهزة التشريعية المحلية، يبدو أنها مبنية على مشروع (الحرب الخاطفة)، وبعض تلك المقترحات تتقدم بسرعة، ففي ولاية أوكلاهما تم تمرير قانون، ينتظر موافقة حاكم الولاية، يسمح بأن تميز وكالات التبني بناء على المعتقدات الدينية، وفي مينيسوتا قانون يسمح للمدارس العامة بتعليق لوحات كتب عليها (بالله نثق) على جدران المدارس، ما أثار جدلا في الصحافة المحلية والوطنية، وهذا أحد أهداف الحملة".

 

وتلفت الكاتبة إلى أن "مقالا لفريدريك كلاركسون لموقع (ريليجن ديسباتشيز) حمل عنوان (مشروع الحرب الخاطفة يسعى لأن يحقق للقومية المسيحية ما يحققه مجلس تبادل التشريع الأمريكي للشركات الكبيرة)، وهو ما يبرز خطورته، ومجلس تبادل التشريع الأمريكي هو عبارة عن مجموعة ضغط تعمل للشركات الكبيرة، حيث يصوغ ويروج للقوانين التي تخدم مصالح الشركات".

 

وتذكر ستيورات أن مخططي المشروع قسموا القوانين التي سيسعون لها إلى ثلاث فئات، بحسب الصعوبة المتوقعة، الفئة الأولى تتعلق بالإيماءات الرمزية، مثل نشر الشعار "بالله نثق"، على أكثر أجسام متحركة، مثل سيارت الشرطة مثلا، مشيرة إلى أن الناقدين لمثل هذه الشعارات الرمزية يقولون بأنها تفتح أبوابا لمشاركة متزايدة للدولة في الدين، ويتفق اليمين المسيحي مع هذه النظرة، فقال ديفيد بارتون في مكالمة هاتفية: "ستكون أشياء يصرخ عليها الناس، لكنها ستساعد على تحريك الكرة عبر الملعب".

 

وتنوه الكاتبة إلى أن الفئة الثانية الأكثر صعوبة لمشروع "الحرب الخاطفة" تتعلق باقتراح قوانين تهدف إلى ترويج تعليم المسيحية، والاحتفال بها في المدارس العامة وغيرها، لافتة إلى أن الفكرة من هذه القوانين هي إيصال رسالة تقول بأن المسيحيين المحافظين هم الأمريكيون الحقيقيون والآخرون كلهم، فهم أمريكيون بالدعوة فقط.

 

وتستدرك ستيورات بأن "رعاة مشروع (الحرب الخاطفة) يعلقون آمالهم على الفئة الثالثة والأكثر إثارة للجدل، فالحلم هنا هو ما أشار إليه المشاركون كلهم في مكالمة هاتفية متعددة الأطراف وبنغمات مروعة (صاروخ المسيسبي)، وهذا (الصاروخ) الذي تحدثوا عنه هو قانون صدر عام 2016، يسمح للشركات الخاصة والموظفين الحكوميين بالتمييز ضد المثليين، ما داموا يقومون بذلك بحسب (معتقدات دينية صادقة)، ويوفر القانون حماية غير عادية، ليس للمعتقدات الدينية كلها، بل للمجموعة الضيقة من المعتقدات المرتبطة بدين المحافظين، وإن كانت لديك معتقدات دينية أخرى، مثل الالتزام بالمساواة الجنسية أو مساواة المثليين، فليست لك حرية بموجب هذا القانون". 

 

وتقول الكاتبة: "مثال على مشروع قانون يسعى هؤلاء الناس للحصول عليه محليا، هو أن يقرر الجهاز التشريعي في الولاية، بالرغم من قرار المحكمة العليا الأخير بشأن الزواج المثلي، بأن (هذه الولاية تدعم وتشجع الزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة، والرغبة في أن تتم العلاقات الجنسية بين هؤلاء الأزواج فقط)، فنحن نعلم أن المسيحيين القوميين يسعون للسيطرة على ما يتم في غرف نوم الآخرين، والمثير بالنسبة لمشروع القانون هذا هو القسوة في الحجج المقدمة، حيث يدعي مشروع القانون أن المشاركين في علاقات جنسية مثلية يعانون من (زيادة احتمال أمراض خطيرة)".

 

وتضيف ستيورات: "جميل لو أن القائمين على المشروع حولوا انتباههم للرعاية الطبية، لكن اهتمامهم هنا بحسب الدليل هو أن جنس المثليين يكلف دافع الضرائب أموالا طائلة، (تقدر بمليارات الدولارات سنويا) بحسب مشروع القانون".

 

وتتابع الكاتبة قائلة: "إن تفحصنا قائمة الأشخاص والمؤسسات التي تقف وراء المشروع نجد أنه من الواضح أن ازدراء مجموعات كاملة من الشعب والمجتمع هو في الواقع مجرد وسيلة لغاية, والهدف هو النفوذ السياسي، وفي لغتهم يسمى عادة (سلطان)، ويعني بالضبط نفوذ أولئك الذين يحملون الرؤية (الإنجيلية) الصحيحة من النواحي السياسية والثقافية والمجتمعية جميعها". 

 

وتشير ستيورات إلى أن ديفيد بارتون هو المؤسس لمنظمة "بناة الجدار"، وهي منظمة تسوق للرؤية بأن أمريكا أمة لنوع واحد من المسيحيين، لافتة إلى أن بودي بلغرم هو عضو آخر في فريق "الحرب الخاطفة"، وهو رجل أعمال ومؤسس "إنتغريتي ليدرشب"، وهي مدرسة دينية "تهيئ المسيحيين بالتعاليم الإنجيلية لتجهيزهم لمكان العمل"، وبحسب موقع بلغرم فإن "السلطة في الحقول الدنيوية، مثل التجارة والسياسة، هي تفويض إنجيلي". 

 

ونفيد الكاتبة بأن شخصا ثالثا في فريق الإدارة هو بيل دالاس، وهو محكوم عليه بالاختلاس، الذي أوجد فيما بعد "يونايتد إن بيربوس"، وهي عملية جمع معلومات تهدف إلى زيادة مشاركة المصوتين المسيحيين الإنجيليين المحافظين في الانتخابات المحلية وانتخابات الولايات والانتخابات الوطنية. 

 

وتورد ستيورات نقلا عن دالاس، قوله في مقابلة في تاريخ 5 أيلول/ سبتمبر 2016: "لدينا حوالي 200 مليون ملف، يعني لدينا تقريبا معلومات المصوتين كلهم.. وما نفعله هو أننا نحاول متابعة ما يجعل الشخص يصوت بطريقة معينة أو لا يصوت نهائيا"، مشيرة إلى أن دالاس قدم في تشرين الأول/ أكتوبر مختصرا لفلسفته السياسية، التي تقوم على فكرة أبراهام كويبر: "ليس هناك مكان في الكون حيث لا يصرخ المسيح (إنه لي)".

 

وترى الكاتبة أن ما يميز الأشخاص الذين يقفون خلف المشروع هو أنهم متحمسون ومتفائلون، فقالت ليا كاراوان في مكالمة هاتفية: "لدينا فرصة سانحة الآن؛ وأعتقد أننا نشعر بها.. إنها فقط البداية"، لافتة إلى أن كاراوان هي المؤسسة الشريكة لمؤسسة مجموعة الصلاة في الكونغرس، وهي العضو الرابع في لجنة توجيه مشروع "الحرب الخاطفة".  

 

وتبين ستيورات أن "هناك حديثا يدور في أمريكا، ويشمل كلا من اليمين واليسار، بأن (المؤمنين الحقيقيين) في أمريكا في تراجع، وأنهم يقومون بتحركات دفاعية في مجتمع يتزايد علمانية، لكن ليست هذه هي رؤية الحركة القومية المسيحية؛ لأنها ليست صحيحة، حيث أدوا دورا أساسيا في وضع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، ويحمونه الآن في الوقت الذي يجمعون فيه مكاسبهم في المحاكم ومجالس التشريع، فلماذا يتشككون في تمكنهم من فعلها ثانية؟".

 

وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "ما يعرفه القوميون المسيحيون -وما يحتاج الكثير منا إلى تعلمه- هو أنك لا تحتاج إلى أكثرية للفوز في الديمقراطية الحديثة، بل كل ما تحتاجه هو أقلية كبيرة، غارقة في مظلومياتها، ومستعدة للعمل متحدة، ومحصنة ضد التصحيح عن طريق النقاش أو الحقائق، واجعل هذه المجموعة تشعر بالرضا عن نفسها، والآخرين يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم، وقد تصل فعلا إلى السيطرة".

التعليقات (0)