سياسة عربية

البرلمان المصري يثير جدلا بعزمه إصدار قانون "السوشيال"

سياسيون ونشطاء انتقدوا القانون الجديد الذي يتضمن عقوبات تصل للحبس- جيتي
سياسيون ونشطاء انتقدوا القانون الجديد الذي يتضمن عقوبات تصل للحبس- جيتي

بعد إغلاق المنافذ أمام حرية الصحافة والإعلام سواء المرئية أو المقروءة، تعتزم الحكومة المصرية ومجلس النواب إصدار قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات الذي ينظم عمل السوشيال ميديا"، بل واعتبرها البرلمان من أهم القوانين التي يصدرها خلال هذه المرحلة.

وانتقد سياسيون ونشطاء القانون الجديد الذي يتضمن عقوبات تصل للحبس، وفق مواد وبنود فضفاضة تسمح بملاحقة وحبس النشطاء والمعارضين ومنتقدي الحكومة والنظام، وتصل الغرامة بحق مسؤولي إدارة بعض الصفحات على الفيسبوك، والمواقع أو البريد الإلكتروني إلى 200 ألف جنيه.

وفي سابقة من نوعها، طالب نواب بضرورة ألا يقل عمر من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي عن 18 سنة، وتحديد هويته من خلال الرقم القومي بدعوى مواجهة الصفحات الوهمية التي تحارب الدولة المصرية.

الخروج عن السيطرة


وعزا رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، اهتمام البرلمان المصري بقانون ما يسمى بمكافحة جرائم تقنية المعلومات، إلى أن "السوشيال ميديا الآن تعتبر المسار الوحيد غير الخاضع تماما للنظام العسكري في مصر"، مشيرا إلى أنه "خلال الأعوام السابقة أحكم النظام سيطرته على كل منافذ صناعة الوعي بمصر من إعلام مرئي ومسموع وصحف وغيرها، كما حاول المزاحمة داخل مواقع التواصل الاجتماعي كما أكد هو ونظامه شخصيا (السيسي) عن طريق الكتائب الإليكترونية حسب تعبيره".

وأضاف لـ"عربي21" أنه من الواضح عدم قدرة النظام على تفتيت قوة الشوسيال ميديا بهذا المسار، وأن "النظم العسكرية الاستبدادية بطبعها لا تقبل صوتا آخر يتحدث؛ لذلك يصبح الهدف الرئيسي لها هو إسكات ذلك الصوت، وبما أن القانون في مصر هو تعبير عن إرادة الأقوى، ووسيلة السلطة في إحكام قبضتها؛ فيصبح التشريع والقضاء هم الدرع الأقوى كما حدث تماما في كل أحداث الثورة المضادة".

وعن اعتبار مجلس النواب القانون (أنه الأهم في تاريخ الدورة البرلمانية) قال: "هو بالقطع أهم قانون من وجهة نظرهم، فدور المجلس الرئيسي هو تمكين كامل للنظام، ومع خطورة ما تقوم به السوشيال ميديا على النظام في تلك الفترة؛ فيكون من المنطقي أن يصبح هذا القانون هو الأهم في تاريخ ما يسمى مجلس الشعب".

صداع في رأس السيسي

الناشط السياسي ونائب رئيس اتحاد طلاب مصر السابق، أحمد البقري، والذي يحظى بصفحة على وسيلة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وله آلاف المتابعين رأى أن "السوشيال ميديا في ظل حالة القمع التي تشهدها مصر الآن تعتبر وسيلة شعبية جيدة للتعبير عن الرأي بحرية وبسهولة وبسرعة، ولها القدرة على توجيه الرأي العام في اتجاه معين".

وأكد لـ"عربي21" أن "هذه التحركات (في البرلمان) هي جزء من محاولة العسكر للسيطرة على السوشيال كما هو حادث في الإعلام والسياسة والاقتصاد، فالسوشيال ميديا شغلت السيسي في كثير من خطاباته واعتبرها مصدر افتعال للمشكلات التي يواجهها مثال قضيتي مقتل ريجيني، وجزيرتي تيران وصنافير، والتدهور الاقتصادي؛ لذلك يحاول بهذه القوانين المستبدة السيطرة عليها ولن يستطيع".

خطوة واحدة من كوريا الشمالية


بدوره، قال عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، خالد إسماعيل، لـ"عربي21" إنه "كعادة هذا البرلمان الذي تم تشكيله على يد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية يسعى لإظهار فروض الولاء والطاعة، بل ترى نواب النظام وليس نواب الشعب يتسابقون في خدمة هذا النظام على حساب الشعب".

 

اقرأ أيضا: مرصد حقوقي: مصر باتت معتقلا كبيرا للصحفيين والإعلاميين

وأضاف أن "النظام يحاصر السوشيال ميديا بعد أن أحكم قبضته على جميع وسائل الإعلام سواء بشرائها أو ترويضها أو حجبها، فلا توجد وسيلة إعلامية داخل مصر سواء تليفزيونبة أو مسموعة أو مقروءة إلا وأصبحت في قبضة الأجهزة الأمنية؛ ولذلك لم يعد يخيف النظام ويفضح انتهاكاته وجرائمة وحتى فشله داخليا وخارجيا سوى السوشيال ميديا صاحبة التأثير الكبير".

وأوضح أن "النظام يسعى منذ فترة طويلة لتقييد تأثير السوشيال ميديا تحت ذرائع مختلفة وبحجج واهية؛ مثل الحفاظ على الأمن القومي ومحاربة الإرهاب، وأصبحنا على بعد خطوه واحدة للحاق بدول مثل كوريا الشمالية في استبداد نظامها وطغيانه".

برلمان ولا كل البرلمانات


فيما فند منسق المرصد العربي لحرية الإعلام، أبو بكر خلاف، تجاهل البرلمان مشاكل الناس واهتمامه بتمرير قوانين على هوى النظام، قائلا: "لم يقم البرلمان بأي خطوة تجاه التخفيف من معاناة المواطنين إزاء الانتهاك المتواصل للحريات، وارتفاع الأسعار، ولا يتوقع أن يقوم بأي خطوة من هذا القبيل، والتعويل عليه في ذلك درب من الخيال العلمي".

وأضاف لـ"عربي21": "بزعم الحفاظ على الأمن القومي ارتكب تحت قبة البرلمان عشرات الجرائم، ولا أقول عشرات القوانين؛ لأن هذه التشريعات المقيدة للحريات هي أكبر الجرائم في حق المواطنين الذين تفرض عليهم الوصاية وتجعل من المواطن متهما حتى تثبت براءته وليس العكس".


اقرأ أيضا:انتقادات غربية للسيسي بسبب الحملة غير المسبوقة على الصحافة

وتابع: "وإذا كان السيسي يقول لن أسمح بتكرار ما حدث قبل سبع سنوات، فإنه لن يسمح بأسبابه وهي الحرية على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كانت بداية الثورة على نظام فاسد ومستبد (نظام مبارك)".

التعليقات (0)

خبر عاجل