قضايا وآراء

طوال 16 عاما.. ماذا قدم "العدالة والتنمية" لتركيا بالأرقام؟

رامي الجندي
1300x600
1300x600

تتوجه أنظار الكثير من المختصين وغيرهم في العالم العربي والإسلامي إلى النموذج التركي في الحكم عبر حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 16 عاماً بمفرده، على أنه تجربة حكم نموذجية اقتصادياً وسياسياً، تعاقب على رئاسة الحزب العلماني المحافظ منذ نشأته في 14 أغسطس/ آب 2001 ودخوله الحكم في عام 2002، منح الحزب تركيا رئيسين هما الرئيس السابق عبد الله غل، والحالي رجب طيب أردوغان، و 4 رؤساء حكومات هم عبد الله غل ورجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو والحالي بنعلي يلدريم.

وبسبب عائق اللغة التركية من طرف الباحثين الأجانب، وقومية الأتراك في عدم انفتاحهم على لغات العالم الرئيسة الأخرى إلا مؤخراً وبالقدر اليسير جداً وفي مقدمتها اللغة الإنجليزية بجانب اللغة العربية بسبب استضافة تركيا لملايين من العرب على أراضيها، فإن الاطلاع والبحث عن التجربة التركية بأرقام ومقارانات سابقة وحالية يعتبر أحد معيقات التعرف عليها.

وفي إطار بحثي، واستعداد حزب العدالة والتنمية في تركيا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة والتي ستُجرى في 24 حزيران القادم، بدء الحزب في مخاطبة الرأي العام التركي في محصلة ما تم إنجازه خلال سنوات وجوده في الحكم على مدار 16 عاماً لضمان أصواته في معركة انتخابية ستكون حامية الوطيس، سواء على مستوى الرئاسة أو البرلمان التركي، والتي ترى المعارضة مجتمعة أنها الفرصة لإنهاء حكم الحزب الواحد والإطاحة بالرئيس أردوغان الذي تصفه في أحيان كثيرة بالديكتاتور.

شهد قطاع الصحة في تركيا تطوراً كبيراً على صعيد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، فقط كانت ميزانية وزارة الصحة قبل وصول العدالة والتنمية إلى الحكم 2.355 مليار دولار، لتصل في عام 2018 إلى 71.5 مليار دولار

ومن الأهمية لهذه الانتخابات، أنها تأتي في إطار التحول في نظام الحكم في الجمهورية التركية من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، بالإضافة إلى اجتماع المعارضة على اختلاف اتجاهاتها ضد حزب العدالة والتنمية واسقاط الرئيس اردوغان كما أعلن نفسه عن ذلك أكثر من مرة .

 

وبغض النظر عن أي خلافات واختلافات سياسية بين الأحزاب التركية أو تحالفات فيما بينها، وكذلك دون التطرق إلى أسباب تراجع قيمة الليرة التركية مؤخراً وفقدانها 6.5% من قيمتها عام 2017، و11% من قيمتها منذ مطلع عام 2018 وذلك لأسباب داخلية وأخرى خارجية، يورد هذا المقال بالأرقام ما أحدثته التجربة التركية خلال 16 عاماً من حكم العدالة والتنمية في بعض المجالات الحياتية وليس كلها، وهي نتاج ترجمة واقتباس من الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية لانتحابات 2018.

في قطاع الاقتصاد

 
يعتبر الاقتصاد التركي من الاقتصاديات النامية، وهي الدول التي نالت استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية، وبالرغم من تحررها السياسي فإنها لم تتحرر من تخلفها الاقتصادي والإجتماعي، وتفاقمت الأزمات الإقتصادية فيها حتى عرفت في مديونيتها الخارجية وهو وضع تركيا قبل 2002.

 

ومنذ ذلك التاريخ؛ أي استلام حزب العدالة والتنمية الحكم، بلغ متوسط الارتفاع السنوي في الاقتصاد التركي 6%، وفي عام 2017 بلغ 7.4% على الرغم من توقع وكالة فيتش للتصنيف العالمي أن ينمو اقتصاد تركيا بنسبة 4.8% سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016، مما جعل تركيا تحصل على مكانة باعتبارها أسرع نمو اقتصادي ضمن مجموعة العشرين.

من المشاريع الضخمة والاستراتيجية، تعتزم تركيا في 29 أكتوبر 2018، افتتاح مطار إسطنبول الثالث أحد أكبر مطارات العالم

كما سجل الدخل القومي ارتفاعاً من 238 مليار دولار عام 2002 إلى 863 مليار دولار عام 2018، وسجل معدل التضخم في الاقتصاد انخفاضاً من 68.5%، والآن 11.92%، ليرتفع الدخل السنوي للمواطن التركي من 5,238 (خمسة آلاف ومئتان وثمانية وثلاثين) ليرة تركية، ليصل اليوم إلى 38,680 (ثمانية وثلاثين ألف وستمائة وثمانين) ليرة تركية سنوياً، مقابل ارتفاع الحد الأدنى للأجور من 182 ليرة تركية، إلى 1,603 ليرة تركية، ويصعد الاقتصاد التركي إلى المرتبة الـ 17 في قوة الاقتصاد العالمي.

في قطاع التعليم

 
عمل حزب العدالة والتنمية منذ استلامه الحكم في تركيا على الاهتمام بالتعليم اهتماماً كبيراً، وتمثل ذلك في النتائج التي حققها في هذا القطاع الهام، فمثلاً في عام 2002 كان في تركيا 73 جامعة فقط يدرس على مقاعدها 1.9 مليون طالب بميزانية 7.4 مليار ليرة تركية لوزارة التعليم.

 

ليصل عدد الجامعات التركية في عام 2018 إلى 185 جامعة يدرس فيها 7.2 مليون طالب، بميزانية في عام 2018 وصلت 134.7 مليار ليرة تركية بمعدل ارتفاع بلغ 1720%، وليرتفع عدد الطلاب المستفيدين من المنح الحكومية 788% منذ عام 2002 إلى عام 2018.

في قطاع المواصلات

 
يعتبر قطاع المواصلات من أهم القطاعات التي شهدت تطوراً واهتماماً وأحد معالم التقدم في تركيا، ويمكن الإشارة إلى بنعلي يلدريم كونه صاحب الإنجاز في قطاع المواصلات ومن قبله رجب طيب أردوغان خلال رئاسته لبلدية إسطنبول، وخلال الفترة الماضية؛ تم إنشاء أكثر من 300 كم من الطرق الداخلية، ورصف 1300 كم من الطرق السريعة خارج المدن، وإنشاء 3 من أكبر الجسور الضخمة على مستوى العالم في فترات قياسية منها جسر السلطان ياووز سليم ونفق أوراسيا البحري، بالإضافة إلى أنه سيتم في عام 2018 الانتهاء من إتمام إنشاء 91 جسراً بطول 38 كم و 23 نفقاً بطول 47 كم في كافة المناطق في تركيا.

 

ومن المشاريع الضخمة والاستراتيجية، تعتزم تركيا في 29 أكتوبر 2018، افتتاح مطار إسطنبول الثالث أحد أكبر مطارات العالم، والبدء في إنشاء قناة إسطنبول المائية الجديدة بعد الانتخابات ضمن برنامج الرئيس مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يدعمه أيضاً حزب الحركة القومية.

في قطاع الصحة

 
شهد قطاع الصحة في تركيا تطوراً كبيراً على صعيد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، فقط كانت ميزانية وزارة الصحة قبل وصول العدالة والتنمية إلى الحكم 2.355 مليار دولار، لتصل في عام 2018 إلى 71.5 مليار دولار، وليرتفع عدد المؤسسات الصحية إلى 878 مستشفى، 2548 محطة إسعاف عاجل، 7756 مركز صحة عائلية في 81 محافظة تركية.

 

وبلغ عدد المراكز الخاصة بالمعاقين عام 2002، 21 مركزاً، ويتلقى الخدمة 1843 من ذوي الاحتياجات الخاصة، مقابل 103 مراكز خاصة بالمعاقين، يتلقى الخدمة فيها 7111 من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما زاد المعاش الشهري الذي تخصصه الحكومة لذوي الاحتياجات الخاصة من 25 ليرة تركية عام 2002 إلى 529 ليرة تركية عام 2017.


ولذوي الاحتياجات الخاصة؛ ارتفع الاهتمام بهم حيث أصبح طبيب لكل 6 معاقين في عام 2017 مقابل طبيب لكل 30 معاق في عام 2002، وتبلغ عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في تركيا 5 مليون بنسبة 6.9% من عدد السكان.

في قطاع السياحة

 
أولت الحكومة التركية الاهتمام الكبير بقطاع السياحة على أربع مستويات؛ السياحة الداخلية والسياحة الدينية والسياحة العامة والسياحة العلاجية، ففي عام 2002 بلغ عدد السياح القادمين إلى تركيا 13 مليون سائح، ليصل في عام 2017 إلى 32.4 مليون سائح، بدخل سنوي للسياحة عام 2017 بلغ 26.3 مليار دولار، كما وصل الدخل السنوي للسياحة العلاجية 7 مليار ليرة تركية، وأدى ذلك الاهتمام لتصل تركيا إلى المرتبة الـ 6 على العالم بعد أن كان ترتيبها 17 عالمياً.

في قطاع الطاقة

 
بحلول عام 2023، تسعى تركيا إلى خفض اعتمادها على مصادر الطاقة المستوردة، حيث أشار بنعلي يلدريم رئيس الوزراء إلى أن تركيا ما زالت بنسبة كبيرة مرتبطة بالخارج فيما يخص الطاقة المستوردة، وهو ما يعني ارتباطها بتغييرات أسواق الطاقة وتقلبات السياسة، فعمدت تركيا إلى إنشاء 525 سداً خلال 16 عاماً الماضية للحصول على المياه والطاقة، بالإضافة إلى إنشاء 2500 شبكة لتوفير الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، و 170 شبكة لتوفيرها عبر الرياح.


كما دشَّنت محطة AKKUYU للطاقة النووية بالتعاون مع روسيا بتكلفة بلغت 20 مليار دولار، حيث يتدرب أكثر من 280 مهندساً في روسيا على تشغيل المحطة، وستبدأ المحطة في انتاج الكهرباء بحلول 2023 بسعة إجمالية 4200 ميجاواط من 4 مفاعلات حيث ستلبي المحطة 10% من حاجة تركيا إلى الكهرباء، فإنتاج تركيا من الطاقة كان 28 ألف ميجاوات، ليصبح الآن 85 ألف ميجاوات.

قطاع الصناعات الدفاعية والحربية

 
يعتبر قطاع الإنتاج في الصناعات الحربية والدفاعية من القطاعات المهمة التي اهتم بها الرئيس التركي خاصة في ظل عدم استقرار العلاقات السياسية لتركيا مع عدد من الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، فانتقل الإنتاج الحربي والدفاعي المحلي من 20% عام 2001 إلى 60% عام 2017، لتقفز ميزانية التصنيع والإنتاج من 1.3 مليار دولار إلى 6 مليار دولار، وانعكس هذا الإنتاج إيجابياً على حجم التصدير في الإنتاج الحربي المحلي التركي ليرتفع من 248 مليون دولار إلى 2 مليار دولار.


ومن المعدات الحربية والدفاعية التي تم إنتاجها؛ الدبابة الحربية ALTAY  والطائرة دون طيار TF-X والطائرة المروحية ATAK، والغواصة التركية، والأسلحة الأوتوماتيكية الرشاشة التي يستخدمها حرس رئاسة الجمهورية في تأمين الرئيس، وللعلم فإن تركيا قامت بشراء أربع منظومات صواريخ S-400 الدفاعية من روسيا مقابل 2.5 مليار دولار، بعد تعنت الولايات المتحدة الأمريكية في تزويد تركيا بمنظومة دفاع جوي من طراز باتريوت.

0
التعليقات (0)