سياسة عربية

ما العوائق أمام تشكيل جيش وطني في الشمال السوري؟

عناصر من الجيش الحر في الباب- جيتي
عناصر من الجيش الحر في الباب- جيتي

أثارت حادثة اقتحام عناصر من فصيل معارض يعرف باسم باسم "فرقة الحمزة" لمستشفى في مدينة الباب شمال سوريا والاعتداء على العاملين فيه تساؤلات حول معيقات تشكيل جيش وطني موحد ومنضبط في مناطق الشمال التي أصبحت بأغلبها تحت سيطرة المعارضة.

وبث نشطاء سوريون لقطات مصورة أمس لاقتحام قيادي في فرقة الحمزة وعدد من عناصره المستشفى وقاموا بضرب والتهجم على عدد من العاملين في خطوة أثارت استنكارا واسعا ودعوات لمعاقبتهم وفرض قواعد صارمة على عناصر الجيش الحر لمنعهم من التحول إلى "شبيحة جدد" على غرار عناصر النظام السوري وفقا للنشطاء.

وعلى الرغم من أنه لم تمض ساعات على انتشار الفيديو المصور للاعتداء على المستشفى إلا أن الجيش الحر في الباب والتي تعد إحدى مناطق درع الفرات التي تشرف تركيا على الأوضاع فيها قام باعتقال القيادي الملقب بـ"اليبال" والعناصر الآخرين وفصلهم من عملهم وأودعهم للجهات القانونية هناك لمحاسبتم.

 

عقدة إدلب

وبشأن معيقات تشكيل جيش موحد منضبط في مناطق الشمال قال الخبير العسكري العقيد أديب العليوي إن أبرز معيقات تشكيل هذا الجيش السيطرة التي تفرضها هيئة تحرير الشام على إدلب والتي ترفض بكل الأشكال إنشاء هذا الجيش.

وأوضح العليوي لـ"عربي21" أن مناطق درع الفرات تعد الأكثر تنظيما واستقرارا من غيرها بسبب الوجود التركي والإشراف المباشر من أنقرة فضلا عن وجود الحكومة المؤقتة للمعارضة والتي شكلت 3 فيالق للجيش الحر لكن حتى الآن لم يكن له أي دور على الأرض ولا تزال الفصائلية مسيطرة عليه.

وأضاف: "رغم الانضباط في مناطق درع الفرات حصلت حادثة الاعتداء على المستشفى لأن بعض الفصائل تعمل وفق لهواها وتحصل تفلتات دون الاكتراث بانضباط أو المسؤولية عن السلاح الذي تحمل".

وشدد العليوي على أن الأرادة لتشكيل جيش وطني جامع ومنضبط بقوانين وأسس هو الأساس وعلى جميع الفصائل التي هجرت نحو الشمال الانضواء تحت ظل الحكومة المؤقتة وإنشاء تشكيلات جديدة مختلفة عن ما كانوا يعملون وفقه قبل تهجيرهم وصولا لتشكيل غرفة عمليات موحدة.

ولفت إلى أن الروس والإيرانيين والنظام يسعون لتحريك الفتن في مناطق الشمال وخلق حالة من فوضى السلاح هناك لأن عمليات التهجير تشمل على تشكيل خليط من الناس يحملون طبائع مختلفة لمحاولة اللعب على هذا الوتر وإثارة الإشكالات.

لكنه العليوي أكد أن انعدام الاتصال الجغرافي والسيطرة الكاملة على مناطق الشمال تعد إحدى عقبات تشكيل جيش وطني بالإضافة إلى تحول سوريا لمناطق نفوذ دولي وعدم قدرة المعارضة على امتلاك القرار بنسبة 100 بالمئة على المناطق التي يتواجدون بها.

 

العبث الدولي

من جانبه قال الكاتب سعد وفائي إن تشكيل جيش موحد ليس في وارد القوى الدولية التي لعبت في الوضع بسوريا منذ انطلاق الثورة عام 2011.

وقال وفائي لـ"عربي21" إن العديد من القوى والشخصيات العسكرية "المخلصة أطلقت مبادرات وأعدت خططا في السابق من أجل إنشاء جيش موحد وقوي ومنضبط لكن في كل كان الأجندات الغربية تعبث في المبادرات وتضخ الأموال من أجل إفشالها".

وأشار إلى أن النظام السوري وخلال 50 عاما زرع الفتن والنعرات الطائفية والاثنية والعرقية بين مكونات الشعب بعيدا عن إشاعة الروح الوطنية وهو ما نرى انعكاسه حتى اليوم لافتا إلى أن فصائل الجيش الحر "تشكلت في بادىء الأمر وفقا لتلك الأسس والارتباطات".

ولفت وفائي إلى أن الشعب السوري خلال أعوام حكم "آل الأسد" لم يكن ملما بالجغرافيا السورية فـ"أبناء دمشق لا يعرفون الوضع في حماة ومناطق الشمال لا تختلط بالجنوب وتدمر معظم السوريين لا يعرفونها وفقا لعملية التجهيل التي أرادها النظام".

ورأى أن ما حصل في مدينة الباب كان موجها ضد تركيا المشرفة على المنطقة وقال: "من السهل على بعض القوى الدولية التي تريد العبث الآن خاصة مع الانتخابات التركية شراء بعض الأشخاص وتحريكهم لإثارة الفوضى".

لكنه شدد في الوقت ذاته على أن "نواة التوحد في جيش وطني موجودة وسبق أن توحدت المعارضة في فكرة المجالس المحلية على امتداد سوريا مع سنوات الثورة الأولى واتبع الجميع سياسة واحدة وكانت هناك تحركات جدية لجيش وشرطة واحدة لولا تدخل الدول الغربية التي أفشلت كل شيء".

التعليقات (0)