قضايا وآراء

المقدسات الإسلامية في مرمى الحقد الصهيوني

مصطفى أبو السعود
1300x600
1300x600
بلا كلل أو ملل، وبلا شرع أو أدب، يواصلُ العدو الصهيوني تهويد كل المعالمِ الفلسطينيةِ، الإسلاميةِ منها والمسيحيةِ، كي يخفي آثارها من الجغرافيا ومن التاريخ، ويصنع لنفسه موطئ قدم من خلال إقامة مشاريع مختلفة ذات صبغة دينية يهودية، يبرهن من خلالها على أحقيته بهذه الأرض، ولم يقتصر الأمر على تهويد الأماكن العادية وتجريف الأراضي الزراعية، بل وصل به الحقد لتجريف المقابر ونبش القبور، مما يدلل على أن هذا العدو يتفنن في إهانة الشعب الفلسطيني، الأحياء منهم والأموات، ولا يأبه لقوانين سماوية أو قوانين أرضية تطالب بعدم الاعتداء على الأموات، لأنه يعتقد بأنه "لا مانع من فعل أي شيء يخدم مصالحهم، فالغاية تبرر الوسيلة".

وكثيرة هي المقدسات التي تعرضت لانتهاكات واضحة، دون أن تتحرك أي من الدول أو المؤسسات لوضع حد لهذه الانتهاكات، ومنها:

1- مقبرة مأمن الله: هي مقبرة إسلامية عريقة تقع في مدينة القدس، وتحديدا غربي البلدة القديمة، وتبعد حوالي كيلومترين اثنين عن باب الخليل، تعتبر من أشهر وأكبر المقابر الإسلامية في فلسطين، وتقدر مساحتها بـ200 دونم، وتضم رفات وأضرحة أعلام وصحابة وشهداء وتابعين مسلمين كثيرين، حيث دفنوا فيها منذ الفتح الإسلامي للقدس عام  636م، ومنذ احتلال القدس عام 1948م خضعت المقبرة للعديد من المخططات الإسرائيلية لطمس معالمها وتحويلها إلى مشاريع عدة، مثل حديقة الاستقلال، ومتحف التسامح، والمدرسة الدينية، وفنادق ومواقف سيارات ومتنزّهات، ومحلات لبيع الخمر، في اعتداء واضح على المقبرة وقبور المسلمين فيها.

اختلف الباحثون في تفسير معنى ماملا، فقيل إنها مشتقة من "ماء ملا"، وهو اسم مكان، وقيل إن ماملا اسم لقديسة، وقيل إنها مشتقة من "ماء ميلو"، وهو اسم الحي الذي كان هناك، أما كلمة مأمن الله فتعني باب الله.

2- مقبرة باب الرحمة: الملاصقة للسور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك الرحمة، وهي من أقدم المقابر الإسلامية في القدس، ويعود تاريخها إلى 1400 سنة. وتحتوي المقبرة على العديد من قبور الصحابة، وأبرزهم عبادة بن الصامت وشداد بن أوس، وعلى قبور لمجاهدين اشتركوا في فتح القدس في أثناء الفتحين العمري والأيوبي تعرضت فيها القبور للنبش بحجة بنائها على أرض مصادرة "لسلطة الطبيعة". وتحاول سلطات الاحتلال مصادرة أجزاء من مقبرة باب الرحمة وتحويلها لمسارات سياحية خاصة بالحدائق المحيطة بالبلدة القديمة، كما تمنع الدفن في بعض أجزائها.

3- المقبرة اليوسفية: تقع عند باب الأسباط وإلى الشمال من مقبرة باب الرحمة، وكل ما يعرف عن ماضيها أن الذي عمرها هو الأمير "قانصوه اليحياوي"، كافل المملكة الشامية، وذلك سنة 872 هـ - 1467 م. وهي اليوم عامرة يدفن فيها المسلمون موتاهم.

4- مقبرة الساهرة: وهي مقبرة قديمة تقع عند سور المدينة من الشمال، وعلى بعد عدة أمتار من الباب المعروف بالساهرة. ومن أسمائها "مقبرة المجاهدين"؛ لأن شهداء الفتح الصلاحي دُفنوا فيها. ومن الجدير ذكره أن بعض المصادر تشير إلى أن هذه المقبرة هي التي يشار إليها في القرآن الكريم عند قوله تعالى: "فإذا هم بالساهرة" (سورة النازعات، آية 14).

5- مقبرة النبي داود: تقع في حي النبي داود على جبل صهيون، وهي مجموعة مقابر لآل الدجاني، تتألف من ثلاث مقابر: الأولى تعود لعائلة الشيخ سليمان الدجاني وأحفاده، والثانية لعائلة الشيخ أنيس الدجاني وأحفاده، والثالثة مخصصة لدفن أطفال عائلة الدجاني، وتسمى تربة المنسي، نسبة للشيخ محمد المنسي، وتقع جنوبي مقبرة الأرمن والسريان.


أخيرا: فإن اعتداءات الاحتلال على المقابر الإسلامية لن تتوقف طالما أنهم لم يجدوا من يردعهم عن ذلك، ثم إن مبررات الاحتلال هي مبررات سخيفة وعنصرية، فبأي منطق يتم نبش القبور لإقامة حدائق وملاعب ومواقف للسيارات، وهذا دليل على أن النظام الصهيوني نظام تجاوز كل الخطوط الأخلاقية والقانونية في تعامله مع الأموات.

ملاحظة: تمت الاستعانة بمواقع إلكترونية ومقالات سابقة (أحيانا بالنقل وأحيانا بتصرف) لإعداد هذا المقال.
التعليقات (0)