سياسة عربية

تعز تقترب من فوضى أمنية على يد كتائب مدعومة "إماراتيا"

الكتائب يقودها عادل عبده فارع المعروف بولائه للإمارات- تويتر
الكتائب يقودها عادل عبده فارع المعروف بولائه للإمارات- تويتر
باتت محافظة تعز (جنوب غربي اليمن) تقترب منها فوضى عارمة، رغم مساعي التهدئة، التي أعقبت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش والأمن وكتائب "أبو العباس" المدعومة إماراتيا، بعد إطلاق السلطة المحلية، حملة أمنية للسيطرة على مقار خاضعة لمجاميع مسلحة تابعة للكتائب في الأيام القليلة الماضية.

وتوقفت الحملة الأمنية التي قامت بها القوات الحكومية لوضع يدها على المقار الرسمية في المربع الشرقي من مدينة تعز، بعد المقاومة التي قوبلت بها من قبل الكتائب التي يقودها رجل الدين السلفي، عادل عبده فارع، المكنى بـ"أبي العباس"، والذي يصنف بأنه رجل الإمارات في المدينة.

ودفع اتساع مسرح الاشتباكات، وتمركز مسلحين في محيط المقار التي تم السيطرة عليها من قوات الحملة الأمنية، السلطات المحلية إلى توقيع اتفاق لوقف "إطلاق النار"، وتشكيل لجنة عسكرية تتسلم تلك المقار، لكن مضى على الاتفاق ثلاثة أيام، دون أن يحدث أي تغيير، وبات الوضع مرشحا للانفجار من جديد.

وجدد محافظ مدينة تعز، أمين محمود، تأكيده على ضرورة إخلاء المباني والمقار الحكومية والخاصة بشكل تلقائي من قبل القيادات العسكرية. مشددا على العمل على تطبيع الحياة في تعز، وتوحيد الجهود لمواجهة "الحوثيين الانقلابيين"، والحفاظ على أمن واستقرار المدينة.

جاء ذلك في اجتماع عقدته اللجنة الأمنية (أعلى سلطة في مدينة تعز)، الأحد، وفقا لما نقلته وكالة "سبأ" (الحكومية)، الذي جرى فيه إقرار آلية تسلم المقار والمؤسسات الحكومية الواقعة في المربع الشرقي، بحسب ما نص الاتفاق السابق، كمرحلة أولى في إطار خطة السلطة المحلية لتطبيع الحياة بالمحافظة.

كما أقرت اللجنة في اجتماعها أمس، البدء بتشكيل لجنة خاصة للنظر في الضحايا الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة.

وبحسب مصادر محلية وعسكرية تحدثت لـ"عربي21" قالت إنه من المبكر الحديث عن نجاح المساعي التي تبذلها قيادة السلطة المحلية المدنية والعسكرية، للجمها وضبطها، رغم التشديد من قبل المحافظ وعزمه الاستمرار في تنفيذ خطة استعادة المقرات الحكومية في المدينة.

كما جاءت الحملة الأمنية، بعد زيارة قام بها قائد محور تعز العسكري (أعلى سلطة عسكرية بتعز)، اللواء خالد فاضل، إلى مدينة عدن، حيث مقر الحكومة الشرعية، ولقائه برئيسها، أحمد بن دغر، في 19 من الشهر الجاري.

وتهدف سلطات تعز إلى إحكام سيطرتها على المؤسسات الحكومية، وإعادة تأهيلها، وعدم ابقائها خاوية على عروشها أو مسكونة بالمؤامرات وحبك الدسائس ضد أبناء تعز من قبل قوى التطرف والإرهاب. كما وصفها المحافظ في بيان سابق.

وتفجر الوضع عسكريا، بين قوات الجيش والأمن التي تقود الحملة الأمنية، بناء على توجيهات رسمية، ومجاميع مسلحة وصفت بأنها "خارجة عن القانون"، قبل أن تلقي كتائب "أبو العباس" بثقلها، لإيقاف هذا التحرك، سبقها حراك واسع تقوده الإمارات لإعادة رسم المشهد فيها.

ويعد أبو العباس، قياديا بارزا في المقاومة بتعز، واسمه "عادل عبده فارع"، ويعرف بـ"ولائه للإمارات"، والذي تم إدراجه في قائمة ممولي الإرهاب، الصادرة عن الولايات المتحدة ودول الخليج، في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2017.

أبوظبي وعبر حلفائها تحركت بوتيرة عالية، وبدأت بإنشاء مقرات لها تحت واجهة التحالف وغرفة عمليات جنوب غربي تعز، بالتوازي مع خطوات أخرى تتمثل في تشكيل نواة لقوات أمنية تحت مسمى "الحزام الأمني"  وتمكينه فيما بعد من ادارة الملف الامني في المحافظة. حسب ما ذكرته مصادر لـ"عربي21".

وكانت "عربي21" قد كشفت عن إنشاء الإمارات مقرا وغرفة عمليات متقدمة لها في مديرية المعافر (جنوب غربي تعز)، وتحديدا في نادي الصنة الرياضي.

فيما خرج أبناء تعز في مظاهرات في أكثر من بلدة، معلنة رفضها لأي تشكيلات أمنية خارج السلطة الشرعية.

كما شملت التحركات الإماراتية، الدفع بقوات طارق صالح، التي جرى تشكيلها من بقايا الحرس الجمهوري الموالي لعمه، صالح، إلى جبهة المخا للغرب من محافظة تعز على ساحل البحر الأحمر، وإطلاق أولى عملياتها، ضد الحوثيين، بعد تزويد هذه القوة بأسلحة متطورة.

من جهتها، أفادت مصادر سياسية بأن الرؤية الإماراتية، بشأن تعز، تسعى إلى ضرب وحدات الجيش الوطني، وإغراق المدينة في دائرة الفوضى، وهو ما بدت ملامحها في الانتشار الكثيف لمسلحي "أبو العباس" وايقافها الحملة الأمنية التي سبق لقائد القوات الإماراتية في عدن، برفضها.

وأضافت المصادر لـ"عربي21"، مفضلة عدم ذكر أسمائها، أن الإماراتيين يسعون بعد ذلك، للتدخل خلف "عباءة التحالف"، بعد إظهار الوضع في تعز، على أنه صراع بين طرفين، القوات التابعة لقيادة المحور والشرطة العسكرية، وكتائب "أبو العباس" المنضوية أيضا في قوات اللواء 35 مدرع.

ووفقا للمصادر فإن التدخل الإماراتي سيطرح "تمكين إدارة الملف الأمني لطرف ثالث"، يجري العمل عليه على قدم وساق، بعد تحييد قوات الحملة الأمنية وكتائب "أبو العباس"، بما يمهد بفرض قوات أمنية بعنوان مغايرعن مسمى "الحزام الأمني".

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2017، كشفت وثيقة صادرة عن قيادة التحالف العربي التي تشرف عليها الإمارات، رفضها تنفيذ أي إجراءات حكومية دون أخذ الموافقة منها.

الوثيقة تضمنت رسالة وجهها قائد القوات الإماراتية في مدينة عدن (جنوبا)، عميد ركن، أحمد البلوشي، وحصلت "عربي21" على نسخة منها، تطلب عدم اتخاذ أي خطوات ميدانية تشمل تغيير أو سحب أي نقاط أمنية دون أخذ الموافقة الرسمية من قيادة التحالف.

وحذر البلوشي أن أي تحركات ميدانية تقوم بها قيادة محور تعز (الجيش الوطني) فيما يخص خارطة الانتشار الأمني والعسكري، دون علم أو تنسيق من قيادة التحالف، سيؤثر على سير العمليات العسكرية في المدينة.

زيارة اللمسات الأخيرة

وسبق هذه الأحداث، زيارة وفد عسكري من قوات التحالف إلى أطراف مدينة تعز، وعقد اجتماع بقادة موالين له، دون أن يكون لقيادة محور تعز (قيادة الجيش الوطني)، أي دراية بها.

إلا أن مراقبين، اعتبروها زيارة "اللمسات الأخيرة" على مخطط السيطرة الأمنية على محافظة تعز من قبل الإمارات، ونقل التجربة العدنية إليها، عبر أدوات محلية الذين تم تجنيدهم واستقطابهم، خلال زيارات سابقة، قام بها ضابط إماراتي لمنطقة الحجرية، حيث القطاع العسكري التابع لقوات اللواء 35 مدرع.

وأشارت المصادر السياسية إلى أن محاولات الإماراتيين، طيلة السنوات الثلاث الماضية، للسيطرة على تعز، رغم فشلها، لم تتوقف، بل ظلت متواصلة، وحققت اختراقات مهمة داخل الجيش الوطني، وربما تنبئ بفوضى واسعة تجر إليها المدينة، بعيدا عن المعركة ضد الحوثيين.
التعليقات (0)