مقالات مختارة

سباق التسلح

حسن البراري
1300x600
1300x600

لم يتضح بعد ما إذا كانت موسكو ستزود النظام السوري بمنظومة صواريخ إس 300؛ ردا على العدوان الثلاثي الذي شنته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ضد أهداف منتقاة في سوريا، فبعض التصريحات والتسريبات القادمة من روسيا، تفيد بأن موسكو استشاطت غضبا من الضربة الثلاثية، وسترد عليها عن طريق نشر صواريخ متطورة لتحصين النظام السوري، وهو أمر في حال حدوثه ستكون له ارتدادات كبيرة في المنطقة، خاصة أن تل أبيب تتوجس من نشر ما من شأنه أن يحد من حرية الطيران لسلاح الجو الإسرائيلي، وقد لا تسمح بنشر هذه الصواريخ الكاسرة للتوازنات القائمة.


الرد الإسرائيلي كان واضحا على لسان وزير الدفاع، الذي قال إن أي استهداف لطائرات إسرائيلية سيدفع الإسرائيليين لتدمير منظومة الصواريخ السورية، فحديث الروس عن العواقب الكبيرة المترتبة على استهداف هذه المنظومة، لا تصمد أمام واقع الأمر المتمثل بأن إسرائيل لا يمكن لها أن تتعايش بوضع لا تمتلك به حرية العمل لسلاح جوها، في وقت قامت إيران بتحصين نفوذها العسكري بسوريا.


وزاد الطين بلة حقيقة أن الجانب الإيراني يشعر بأن عملية مطار التيفور التي راح ضحيتها سبعة من ضباط إيران، شكلت ضربة لمكانة وهيبة إيران، وبالتالي لا بد من الرد العسكري على هذه العملية، وبالفعل تؤكد الكثير من مصادر الأنباء أن الجانب الإيراني لن يتساهل مع إسرائيل، وأن ضربة ما هي في قيد التخطيط. فالمعروف أن سياسة إسرائيل في سوريا تهدف لتحقيق هدف واحد بارز وهو إنهاء الوجود الإيراني العسكري في سوريا.


وحتى لا تكون إيران مثل الدول التي تتوعد بالرد في المكان والزمان المناسبين – كتعبير عن الإفلاس – فهي تشعر بأنها مطالبة بالقيام بأي عملية تستهدف بها إسرائيل، لعل ذلك يرفع الكلفة على الإسرائيليين في قادم الأيام ويعيد لإيران نوعا من مكانتها. ومع أن الحديث عن عملية إيرانية هو أسهل من القيام بها، فإن الجانب الإسرائيلي يأخذ ذلك على محمل الجد.


وعودة على بدء، نقول بأن النظام السوري الذي عانى الأمرين من جراء استهداف الطائرات الإسرائيلية لقواته وقوات حلفائه، سيتلقف أي عرض روسي بشأن تزويد سوريا بعدد من بطاريات الصواريخ لتتمكن من الدفاع عن السماء السورية ضد الطائرات الإسرائيلية، التي كانت ولفترة ليست ببعيدة تسرح وتمرح في الأجواء السورية. لكن من غير الواضح أن نعرف مسبقا الرد الإسرائيلي، فهل ستلجأ إسرائيل إلى توجيه ضربة وقائية لسوريا، أم إنها ستحاول الحصول على سلاح رادع لسوريا؟

 

ففي الحالة الأولى قد توجه إسرائيل ضربة للصواريخ مع المخاطرة بالتسبب باندلاع حرب قد لا تقتصر على سوريا وإسرائيل. لكن بالمقابل، من شأن التسامح مع حصول سوريا على منظومة صواريخ متطورة أن يسبب تسابق تسلح في المنطقة وسيكون عاملا مساعدا لزعزعة الاستقرار الإقليمي في قادم الأيام.


ويزداد الأمر قتامة في حال قيام الرئيس ترامب بسحب بلاده من الاتفاق النووي الذي وقع في عام 2015 مع إيران، فإيران ستشعر بأنها على وشك الخوض في مواجهة لا يعرف أحد كيف ستبدأ ومتى ستنتهي، وربما ستسعى إيران إلى الطلب من الروس المسارعة بتزويدها بصواريخ متطورة على طراز صواريخ إس 300 لحماية العمق الإيراني من أي هجمات مستقبلية تشنها إسرائيل أو أمريكا. والأخطر أن سباقا للتسلح قد لا يقتصر على إيران وسوريا وإسرائيل، بل سستنضم إليه دول أخرى وعلى رأسها السعودية التي ترى بأن إيران هي مشكلة كبيرة وليست جزءا من أي حل، وأن إسرائيل هي أقرب للتفكير الاستراتيجي السعودي، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة!

 

الشرق القطرية

0
التعليقات (0)